عبدالعزيز السويد's Blog, page 54
June 24, 2016
محال وليس قطاع اتصالات
عبارة التوطين في قطاع الاتصالات ليست دقيقة، برنامج وزارة العمل هو توطين في محال بيع وصيانة الهاتف الجوال، وهناك فرق كبير وجوهري بينها وبين «قطاع» الاتصالات.
لا يعني هذا عدم أهمية برنامج الوزارة، لكن توخي الدقة في أسماء البرامج والمشاريع مهم حتى لا تقدم انطباعاً خاطئاً وترفع سقف التوقعات، ومحال الاتصالات ليست بذلك الاستقرار «الوظيفي أو المهني»، وهي في أغلبها كما يعلم الكثير عبارة عن طاولات يتم تأجيرها.
المفكر العقاري يؤجر صالات لمستأجر يقوم بتأجير ما يشبه الأكشاك أو طاولات فيها، لكل طاولة أو أكثر مستأجر واحد، في غالبيتها تعتمد على بيع الإكسسوارات أو الجوالات المستعملة أو الجديدة، وتتبع هذا أحياناً صيانة لهذه الأجهزة. والذي سمّي «قطاع» هو في غالب الأمر مثل تجارة الشنطة، ويطغى عليه التستر.
قطاع الاتصالات الحقيقي هو تلك الشركات الكبيرة التي تعمل برؤوس أموال ضخمة، وتقدم خدمات عليها الكثير من علامات الاستفهام من ناحية الجودة مقابل الرسوم المتحصلة، وفيها فرص كبيرة للتوظيف ولفتح آفاق الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة في التقنية المتطورة، وهي مجالات متعددة وتنمو بسرعة كبيرة.
هل تنجح وزارة العمل في توطين محال بيع وصيانة أجهزة الجوالات؟ بحسب الوزارة فإنها مستعدة بالتنسيق مع جهات حكومية أخرى، بمعنى أنها لم تعد تعمل وحدها، وأنها لن تستثني أحداً، ولن يصدر عنها قرار بالتمديد أو التأجيل، هذا ما سمعته من مسؤولين في الوزارة، وهي حالياً تواجه ضغوطاً من المتضررين، وهم في الغالب أصحاب «مجموعات» من المحال، والوزارة يجب أن تهتم بالمنبع، أي التجار المستوردين لهذه السلع، لأنهم هم من يختار التاجر الصغير، فإما يصبرون عليه وإما يقطعون عنه البضاعة إلا بالدفع الكاش، في حين يتسامحون بتأجيل الدفع لمدد معينة مع من يختارون. وفي حالات مماثلة «وقائمة حالياً»، كان لانحياز كبار المورّدين لسلعة ما الدور الأهم في تركز السيطرة عليها من جنسية معينة. وما بين تاجر الجملة المستورد ومنفذ البيع وسطاء لهم دورهم المهم أيضاً.
June 22, 2016
الذوق السليم
يقولون: العقل السليم في الجسم السليم، فهل هذا صحيح على إطلاقه؟ في واقع الأمر لا بد أن نعيد النظر في كثير من الأقوال والعبارات، التي طال ما علقناها مكتوبة على لوحات في المدارس والطرقات أو صدر المجلس، منها تلك المقولة؛ لأنك ترى أجساماً سليمة ومعافاة حد الانفجار، لكن تصدر منها أفعال لا تشير إلى عقل سليم ولا ذوق سليم! والذوق له علاقة بالعقل، بل إن صحة الأخير وتوازنه هو ما يحدد أن هذا «الصادر عنه» ذوق سليم أم غير سليم؟ فإذا كان عقلاً سليماً أنتج ذوقاً سليماً تتفق عليه معظم العقول.
والذوق السليم لا يمكن أن يصدم حتى مع من لا يتوافق معه، قد لا يعجبك لكنك لا تراه نشازاً صادماً.
مكّنت وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي من إتاحة فرصة الفحص السريري النفسي لكثير من مستخدميها بمثابة منصات يعلنون فيها أنفسهم، مع اختلاف نوع «الإعلان»، أصبحت آلات التصوير في الهاتف الذكي بديلاً عن سرير في عيادة نفسية، فهي متاحة في كل وقت ومن دون ضغوط أو قيود، أو حتى أسئلة محددة، يستخدمها الفرد متى ما شاء وبالطريقة التي يراها مناسبة له. ومن نتائج ذلك أن وضعت العقول – بما يصدر عن أصحابها – على مائدة التشريح الاجتماعي وانكشف الذوق، دالاً على عقل سليم أم عقل يحتاج إلى إعادة «فرمتة».
إن البحث عن الشهرة حق لكل من يطمح إليها، لكن ليست هذه كل المسألة، فالطريقة والأسلوب في البحث عن هذه المسماة «الشهرة» شرط جوهري لتحديد نوعها، لأن الشهرة ليست مطلوبة لذاتها عند من له ذوق سليم. هذا الذوق تراه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فيما يطرح أو «يرمى» أحياناً في وسائل التواصل لتتناقله الأصابع وتبدأ التعليقات، كل ما يطرح للعموم في هذه الوسائل هو «تعامل» مع مشاهديها، تظهر رائحته ولونه فيما إذا كان يحترم المتلقين المستهدفين أم لا يرى سوى نفسه في هذا الكون الكبير، لا يرى فيه سوى مرآة تعكس صورته وحده وإن خاطب آخرين.
بئر مقابل كل قبر!
مع تصاعد الخسائر البشرية في عناصر حزب الله اللبناني في سورية، وعودة الكثير من شبابه في توابيت، ارتفعت موجة السخط في البيئة الحاضنة للحزب، وتصاعد التذمر والسؤال عن الجدوى من زج شباب لبنانيين في حرب الحزب الطائفية؟ وما هي الفائدة التي جناها اللبنانيون الشيعة وحتى من مختلف طوائف هذا البلد الصغير؟
يزيد من هذه الخسائر البشرية ضغوط اقتصادية فرضتها سياسات الحزب وجرائمه ضد الدول العربية، من تدخلات مسلحة وتهديدات صريحة في خطابه الإعلامي، أدت إلى ما يشبه القطيعة العربية للبنان، ألحقت ضرراً فادحاً بالاقتصاد.
لكن في جانب مختفٍ أو مخفي في الداخل اللبناني لا يسلط عليه الضوء إعلامياً، يمارس الحزب هيمنة وضغوطاً على حاجات إنسانية كالماء والكهرباء بسبب تغلغله في مفاصل الدولة اللبنانية حتى البلدية منها، وهو ما يراه البعض عقاباً جماعياً مسلطاً على كل من يرفض أو يعارض سياسات الحزب، وعلى سبيل المثال للحصول على رخصة حفر بئر ماء، خصوصاً في قرى الجنوب والبقاع اللبناني، يضطر المزارع هناك إلى دفع رشوة تقدر بمبلغ ألف وخمسمئة دولار، حتى أصبحت عبارة «بئر مقابل كل قبر» شعاراً للمطالبة يتردد داخل الحاضنة التي تدفع من دماء أبنائها ثمنها لطموحات إيران، فالحزب يأخذ ابن الأسرة الشيعية اللبنانية لحربه الطائفية، ثم يرسل صورة له بعد مقتله.
وطهران لم تشيد حزبها في إيران للسيطرة على لبنان فقط، بل أوكلت له إدارة الملف العراقي، فمن المثير معرفة أن طموحات الساسة العراقيين الراغبين في مناصب وزراء أو غيرها، لا بد أن تمر من خلال دكان سياسي في بيروت يديره عضو المجلس السياسي للحزب محمد كوثراني، وهو شخصية دينية عليها الكثير من علامات الاستفهام، ولا يستثنى من ذلك العراقيون السنة المنخرطون في العملية السياسية العراقية التي ثبت فشلها، وفي مقابل إتاوات تدفع بالملايين يحصل الواحد من هؤلاء على تزكية للإمساك بحقيبة أو وكالة وزارة في بغداد.
June 21, 2016
«بغيناك عون وطلعت فرعون»!
جمعت قضية المعتقل السعودي في الولايات المتحدة الشاب خالد الدوسري بين الإهمال وسوء الإدارة من الجهة المبتعثة ومحامي الدفاع السابق، شاب وحيد مبتعث ومن أسرة فقيرة، لم تهتم به جهة ابتعاثه مع بوادر المشكلة، سؤال يطرح نفسه عن مدى متابعة جهات الابتعاث للمبتعثين؟ هذه السلبيات أسهمت في الغموض الذي رافق نشر أخبار الاعتقال عند بداية القضية، حتى دفع الإعلام المحلي إلى عدم التفاعل مع القضية في بدايتها لنقص المعلومات وشبهة الإرهاب.
وبعد سنوات اعتقال وحكم بالمؤبد، تولى الدفاع محام سعودي جديد متطوعاً وهو المحامي سعود بن متعب بن قويد وعن طريقه تم إيكال القضية لمحامين أميركيين أكثر كفاءة بحسب ما ذكره المحامي في لقاء نشر له أخيراً.
ومن علامات الاستفهام التي أثارها المحامي سعود بن قويد أن المحامي «السعودي» السابق لم يتعاون في توفير كامل المعلومات عن القضية، خصوصاً أن هناك فترة استئناف للحكم لم يجر استثمارها في وقتها كما يجب.
ومع الاعتقال والظلم الطويل، حال الشاب خالد الصحية حرجة، وتعامل إدارة السجن معه سيئ، وهو ما يستدعي تدخلاً من وزارة الخارجية على أكثر من صعيد، الأول إلزام المحامي السابق بتوفير جميع المتطلبات لفريق الدفاع الجديد ومحاسبته عن كل إهمال يثبت عليه في الفترة السابقة. الثاني الحضور الرسمي مع الإدارة الأميركية لتحسين المعاملة مع السجين والاهتمام الطبي بحاله، إن شبهة الإرهاب من السهل رميها ومن الصعب نفيها، خصوصاً في أجواء «الحرب على الإرهاب» التي أصبحت عقيدة وذريعة أميركية منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، لكن في الجانب الآخر ثبت أن كثيراً من تلك الاتهامات باطلة والقانون الأميركي لمن يعرف دهاليزه فيه مساحة رحبة للعمل على إحقاق الحق، المهم في حسن اختيار فريق المحاماة والمتابعة الفعالة.
أعتقد أن وزارة الخارجية معنية بإصلاح الخلل الذي رافق بدايات قضية المعتقل خالد الدوسري، لذلك ينتظر منها جهد أكبر وأعمق لإخراجه من محنته وإعادته إلى أسرته خصوصاً والدته المسكينة، ما ذكره المحامي الجديد عن المحامي القديم من تسويف الأخير بتزويدهم بالمطلوب مع حال إنسانية حرجة يعيشها في السجن شاب ضعيف، إذا كان هذا الكلام دقيقاً فهو نموذج عملي لا يصدق فيه إلا المثل الشعبي القائل «بغيناك عون وطلعت فرعون».
June 20, 2016
شبكة «الحزب» المصرفية
يعد تفجير بيروت الأسبوع الماضي قرب بنك لبنان والمهجر رسالة صريحة للبنوك في لبنان، والمتضرر الرئيس والوحيد من إجراءات المصارف اللبنانية انصياعاً لقانون أميركي هو «حزب الله»، أو حزب إيران في العالم العربي، فهو في واقع الأمر الذي يدير الصراع نيابة عن طهران.
هذه الرسالة المتفجرة سيضعها كل مدير بنك في لبنان وعضو في مجلس إدارته نصب عينيه، عند التضييق على حسابات الحزب الإيراني في لبنان، خصوصاً أن لا دولة هناك وأن حزباً مسلحاً حتى الأسنان يسيطر على المفاصل، لكن من جهة ثانية، إيران بأحزابها وميليشياتها، لديها الاستعداد لمثل هذا التضييق المالي.
استراتيجية إيران في العالم العربي والإسلامي شيّدت من زمن استيلاء الخميني على الحكم في طهران. كان من نتائج زخم وصول الخميني وشعوره بالقوة البدء بتصدير الثورة، لتشتعل الحرب العراقية – الإيرانية، وهو الأمر الذي عطّل هذه الاستراتيجية مرحلة من الزمن ليُعادَ بناؤها بتقوية الأحزاب العميلة، إما بالتدريب والاحتضان في إيران، وإما من خلال الحزب الأم في لبنان.
مصرفياً، يذكر بعض المراقبين أن الحزب في لبنان عمل منذ وقت مبكر على تبني عناصر من الطلبة اللبنانيين، خصوصاً من الطائفة الشيعية، عن طريق تعليمهم في كليات مسيحية بلبنان في تخصصات هي عصب عمل المصارف، ولأن الحزب يدار بأسلوب التنظيمات الباطنية والمافوية استغلّ حالة الرخاوة في الدولة اللبنانية، ليوظف العيون في مصارفها، وتوسّع في ذلك خارج لبنان في العالم العربي وأفريقيا. وفي حين كان الرئيس اللبناني السابق رفيق الحريري الذي اغتيل يتفاخر بابتعاث طلبة لبنانيين للدراسة في الخارج على حسابه من كل الطوائف ومن دون تمييز، كان الحزب حريصاً على الانتقاء «العقائدي» والتوظيف. لذلك لا يتوقع تأثر كبير لموارد الحزب، وحساباته تغطى بأسماء أفراد لبنانيين أو من جنسيات أخرى، لتعطي انطباعاً بأنها بعيدة عن علاقة بالحزب. كما أن هذه الشبكة المصرفية تعلم عن تحويلات الآخرين وحساباتهم أكثر مما يعلمون عنها، لأنها أسست لهذا الغرض. والمواجهة بين عصابات إيران الناطقة بلسان عربي طويلة الأمد، والمال جزء من عصبها الرئيس، وإذا كان «الخمس» واحداً من المصادر، فإن تغلغل هذه الشبكة في إدارات مصارف عربية وخليجية عامل كبح وإضعاف لأي إجراءات غير عميقة.
June 19, 2016
«السوق يشيل والمجتمع شيال»
«السوق يشيل»، كانت هذه من العبارات الشهيرة المتداولة في «كواليس» سوق الأسهم أيام «موجة» أو «هوجة» أطروحات الاكتتابات، لذلك عايشنا أطروحات عجيبة من شركات لا توصف إلا بالمتردية والنطيحة، من شركات تأمين إلى مقاولات وخدمات وغيرها.
كان الطرح فرصة ذهبية وماسية انتهزها البعض من كبار القوم، وكان من المتوقع أن تقوم الأجهزة الحكومية، خصوصاً هيئة سوق المال، بدور الخبير الحكومي «العادل» الذي لا يسمح بالمرور إلا للشركات التي تستحق. القبول بالطرح أولاً، وثانياً الموافقة على القيمة العادلة للسهم المطروح للاكتتاب. ما حدث كلكم تعرفونه، والعبارات التي تضعها هيئة سوق المال في نشرة الإصدار لا تعفيها من المسؤولية. ويوم (الجمعة) الماضي نشرت إحدى الصحف الإلكترونية، خبراً قالت فيه إن لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أصدرت حكماً ابتدائياً في قضية شركة المعجل بـ«إدانة مسؤولين في مجموعة محمد المعجل، تضمّن تغريم مؤسسها محمد المعجل 1.6 بليون ريال، تعويضاً للمساهمين الذين اكتتبوا في أسهم الشركة عند طرحها واحتفظوا بملكيتهم، حتى تم إيقاف أسهم الشركة عن التداول عام 2012».
خلصت اللجنة إلى «أن الطرح تضمّن معلومات مضللة للمساهمين»، ومع التعويض تضمّن الحكم «سجن محمد المعجل وابنه عادل مدة 5 سنوات، وأمام المدانين 30 يوماً لاستئناف الحكم أمام لجنة الاستئناف».
أما السعر العادل للسهم عند الطرح فهو 18 ريالاً فقط، في حين طُرحت واكتتب بها المساهمون المضلَلون بـ70 ريالاً، والسعر «الجديد» – بحسب الصحيفة – جاء من شركة استشارية كلّفتها لجنة الفصل بتقييم السعر العادل لسهم الشركة وقت الطرح.
هذا الحكم الابتدائي خطوة إيجابية – ولو متأخرة – لاستعادة الثقة بـ«الخبرة» و«الإدارة» والصدقية الحكومية، صحيح أن هناك استئنافاً، إنما هذا «الحكم» أيضاً جاء مصدقاً لما كان يكتب من كثير من المهتمين بالشأن الاقتصادي والشأن العام في قضية الاكتتابات.
شركة المحاسبة التي عملت على مراجعة قوائم الشركة تم الحكم «الابتدائي» عليها بغرامة 300 ألف ريال، ومنع من العمل مدة عامين، وهو حكم ضعيف جداً لا يقارن بالضرر الذي حصل للمساهمين وللإدارة الحكومية أيضاً.
والسؤال: لماذا لا تحاسب هذه الإدارة أيضاً والتي قبلت بطرح من هذا النوع؟ وكيف لم تستطع اكتشافه؟ وهل هذا يعني اعتماداً «أعمى» على أختام شركات المحاسبة؟
«السوق يشيل» في الأطروحات، والمجتمع شيال أيضاً في قضايا أخرى. هكذا قيل ويقال ويبرر، لكن الضرر يجتمع ويتراكم ليتحول إلى خطر داهم على الجميع، بمن فيهم من اعتقد أنه ينتهز فرصة ذهبية بمعلومات مضللة.
June 18, 2016
وما أكثر المبادرات!
عميد كلية التقنية الأسبق الدكتور هلال العسكر أعاد إلى واجهة المشهد أوضاع التدريب التقني «الفني والمهني سابقاً» خلال المسيرة الطويلة لهذا القطاع الذي لم نر لمخرجاته أثراً في سوق العمل، لا في الحجم ولا في الكيف، وفي لقاء للدكتور العسكر مع إحدى الصحف الإلكترونية تفاصيل مهمة عن تجربته، وأيضاً عناوين مهمة عدة منها «التعليم التقني التطبيقي انحرف عن مساره الصحيح بسبب كثرة الاجتهادات غير الموفقة وغير المختصة والمتسرعة أحياناً»، وعنوان آخر «ندرّب ونعلّم في بلادنا ملايين العمالة الوافدة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب ولا نستفيد منها». وهناك شبه اتفاق من قديم على أن السوق في بلادنا مدرسة تدريب كبيرة للعمالة الوافدة، خصوصاً في مختلف المهن الفنية والتقنية، وأيضاً من المتفق عليه أن المتخرج في هذه «المدرسة» وبعد أن تعلم في رؤوس القوم تصبح حظوظه في العمل في أسواق أخرى أكبر، سوقنا محطة تدريبية للعبور إلى أسواق أخرى. ومع كثرة المبادرات من الأجهزة الحكومية توافقاً مع إعلان برنامج التحول الوطني عدت إلى الأرشيف لمزيد من التأكد لما علق بالذاكرة من أن مؤسسة التدريب التقني في زمن المحافظ السابق وأيام ترؤس وزير التخطيط والاقتصاد الحالي لمجلس إدارتها «كوزير للعمل» كانت طوال السنوات الماضية حافلة بالمبادرات تلو المبادرات، وفي أرشيفات الصحف للعامين 1431 و1432، وما قبلهما الكثير من هذه المبادرات التي لم يلحظ أحد أثراً لها في السوق بعد كل هذه المدة الزمنية، بل إن بعض هذه المبادرات أعيد إطلاقها في التحول الوطني مع تعديلات على العناوين الفضفاضة مثل الشراكات الاستراتيجية.
من ضمن المبادرات أو البرامج التي أعلنت المؤسسة قديماً وتكرر الإعلان عنها في نصوص طويلة تنشر في الصحف خلال تدشين مؤتمرات أو منتديات، مبادرة أو برنامج «الفحص المهني»، أين ذهب هذا البرنامج؟ هل ضاع كل هذه المدة في الأدراج ليعاد اكتشافه مع التحول الوطني؟ وكم صرف عليه خلال تلك الفترة من دون أن يحقق شيئاً مذكوراً؟
June 16, 2016
«الترويشة» على الحكومة
يمكن للموظف الحكومي التمتع والتنعم باستهلاك المياه بالتعرفة القديمة أو بكلمة أدق ببلاش خلال دوامه الوظيفي، لذلك من المتوقع أن يرى المراجعون موظفين خارجين من دورات المياه، وهم يجففون شعر رؤوسهم وربما يصبح أحد الأعذار للموظف غير الموجود على مكتبه، أنه «يتروش» وعلى المراجع الانتظار وهو يحمل منشفة! وزارة المالية أبلغت الوزارات الأخرى أنها لن ترصد أموالاً لاستهلاك المياه والكهرباء لتلك الأجهزة بحسب التعريفة الجديدة، الخبر نشرته «عكاظ».
موضوعياً الوزارة كانت صريحة في التنبيه على الوزارات الأخرى وبالأحرى هي رمت كرة «المسؤولية» الاستهلاكية من فواتير وأموال مستقبلية ومتوقعة على إدارات هذه الوزارات، لذلك سنرى تعاميم من الوزراء والوكلاء تخص ترشيد استخدام المياه والكهرباء في مباني الأجهزة الحكومية المختلفة، أما التأكد من هذا وتطبيقه فهو سيضم لمجلدات من التعاميم الأخرى.
الطريف في قضية الترشيد في المياه كما في غيرها أن الأجهزة الحكومية التي يفترض أن تكون المبادرة والقدوة في ما تطالب به الجمهور لم تطبقها في مبانيها، وكان من المفترض – وهو مفترض كثير – أن هذه الإدارات واحات لتعليم الترشيد في استخدام الطاقة والمياه والأدوات المكتبية إلى آخر ما يمكن التخفيف من سوء استخدامه.
ولا تلام وزارة المالية التي تستبق دائماً الأحداث، إلا في حسن إدارة الفوائض المالية أثناء رخاء سعر برميل النفط التي لم يسأل عنها أحد. ويمثل هذا الإخطار من وزارة المالية فرصة للموظفين للتروش وحتى لغسيل الثياب، ومع أنه سبب بسيط إلا أنه يمكن ضمه لأسباب متعددة دفعت الكثير للحرص على الوظيفة الحكومية في مقابل وظائف في القطاع الخاص أو بحث عن فرص عمل.
والإخطار أو التعميم أيضاً يعطي صورة عن حقيقة ترسيخ الوعي بالترشيد، أنه برمي المسؤولية وهي رميت ردحاً من الزمن على المستهلك الفرد والأسرة، في حين أن الاستهلاك الحكومي في الطاقة والمياه وغيرهما كان في الظل لا ينظر إليه عند الحديث عن محاسبة الهدر وحسن توظيف الموارد حتى وصلنا إلى مفترق طرق بسبب انخفاض سعر النفط.
June 15, 2016
وسادة الأراضي ولّى زمانها!
كيف سيؤثر فرض الرسوم على الأراضي البيضاء في سوق العقار، أراضٍ ووحدات سكنية؟ ارتفاعاً أم انخفاضاً أم ركوداً؟ هذا هو السؤال الذي يشغل بال الكثيرين.
عبارة «العقار يمرض ولا يموت» كانت قاعدة ذهبية للاستثمار في الأراضي مع عدم توافر أوعية استثمارية مطمئنة، وجنوح الكثيرين إلى الاستثمار بأنفسهم، لأسباب لا تخفى على القراء، خصوصاً من ذاق ويلات المساهمات أو الاكتتابات وصناديق البنوك طوال عقود من الزمن. والعقار، خصوصاً الأراضي، لم يكن يستهلك على ملاكه شيئاً، الرسوم الجديدة بعد إقرارها ستدفع بملاك العقار للتفكير، فما كان يقال عن «المرض» كان يقصد به الركود، وربما الانخفاض المحدود، لكن مع تطبيق الرسوم، سيصبح صك الأرض – في النطاق المستهدف من النظام – أكثر سخونة، وترتفع درجة حرارته مع مرور الوقت، وهذا محفز أو دافع لصاحب الأرض للتحرك، إما بالبناء أو البيع، ووفق قدرته على الصمود.
لكن هذا الأثر سيحتاج إلى زمن أقلها ستة أشهر، ومشكلة الإسكان كانت في توافر قطعة أرض مناسبة «القرب مع خدمات عامة» بسعر معقول، وخلال السنوات العشر الماضية ارتفعت أسعار الأراضي بنسب عليا ومن دون أسباب مقنعة، النتيجة الأكيدة أن وزارة الإسكان ستصبح من أقوى الوزارات مالياً بعد تكليفها بالتطبيق واستحصال الرسوم، وهنا نأتي لنوع القدرات المطلوبة لديها للتطبيق العادل وتوافرها.
بقرار مجلس الوزراء الموافقة على لائحة الرسوم وتطبيقها، تم تحييد عنصر الأرض من المشكلة الإسكانية كما صورت لنا في عدم توافرها، وتالياً ستتركز الأضواء على التطبيق والمقاولين وأسعار مواد البناء وجودة التنفيذ. ووفق بعض العاملين في بناء الوحدات السكنية السوق السعودية لا يتوافر فيها عدد مناسب من مقاولين مؤهلين كبار في القدرة على التنفيذ للمستوى المتوسط في الجودة للوحدات السكنية، وهذا ما يجب أن تركز وزارة الإسكان على بنائه في المرحلة المقبلة. في جانب آخر، ينتظر أن يكون لوزارة الإسكان دور فيه، وهو الحد من الهجرة إلى المدن الكبرى، وهي مزدحمة وتتمدد في شكل مخيف، وهذا لا تستطيع الوزارة العمل عليه وحدها، بل لا بد من تضافر جهود جهات حكومية وقطاع خاص.
June 14, 2016
مبالغات لا تنتهي
واحدة من مشكلاتنا الاجتماعية هي المبالغة وما فوقها أيضاً، لنا الصدر والصحن أيضاً!
قديماً كان تفطير الصائم في المساجد يتم ببساطة، دلة قهوة وتمر وماء يفطر عليها جميع من في المسجد إما عابر سبيل أو عمال من الحي، حتى إن شراب الفيمتو كان حالة استثنائية وغريبة.
تطور الأمر إلى ما نراه الآن من مبالغات في التنويع في الكم والكيف والإسراف، ولهذا أسباب في تقديري منها أن البعض من المحسنين أوكلوا الأمر إلى وكلاء من دون ضوابط، فلا يحكم العملية إلا المبلغ المرصود الذي يمكن زيادته بطلب مزيد من التبرعات وهكذا، ومسألة المحتاج للإفطار من غير المحتاج، غابت وسط الازدحام، ولتزايد حجم «السوق» زيادة عمالة واتساع المدن دخل التجاري إليها بصنوف من العروض وأساليب التسويق الذي لا يتوانى عن استغلال الجانب العاطفي الديني الخيري، وما يحدث في تفطير الصائم من إسراف وعدم تحرٍّ مماثل لما يحدث في إخراج زكاة الفطر ليلة العيد.
ولأن الظواهر لدينا تترك كما هي لتتشكل بفعل اجتهادات ثم توكل إلى عمالة أو موظفي مطاعم لإدارتها، تتضخم فتصبح موجة جارفة للتقليد، فإن المبالغة تتبعها مبالغة أكبر.
والصورة أن نمط الإسراف الاستهلاكي الذي لا يخلو من تفاخر نقل إلى تفطير الصائم وقدمت صورة الضيافة المنزلية عند البعض للمشهد العام على سجاجيد المساجد، فكان من الطبيعي أن تخرج العمالة بأكياس من أنواع أطعمة ويوضع الفائض في أقرب برميل.
وإذا نظرت إلى استخدام المياه المعبأة في المساجد أيام الشهر الفضيل سترى العجب، وكأن هناك دفعاً لاستهلاك أكبر كمية منها حتى ولو لم تفتح أغطيتها، يصف البعض عبوات المياه الصغيرة والمتوسطة أمام المصلين لتتحول إلى ما يشبه المطبات الصناعية، مع أن هناك برادة تكفي لوضع القوارير ليذهب إليها من يريد، والسبب أنه ليس هناك إدارة ضبط ولا توجيه، والحل ليس صعباً إذا ما وظف الإمام والمؤذن لتحسين هذه الإدارة، أما نوعية الإفطار فيجب تحديد أصنافها بحيث لا تتحول إلى وليمة دسمة لا تليق بدور العبادة ولا بمقاصد وروحانية الشهر الكريم.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

