عبدالعزيز السويد's Blog, page 50
August 8, 2016
جمهورية تصدير الموت
من التضليل الذي برعت فيه جمهورية الملالي في طهران حشر «الإسلامية» في مسماها، بما أعطى هذا انطباعاً إيجابياً لدى المسلمين المستهدفين، وتضافر مع هذا خطابها الذي ركّز على دغدغة أحلام وتطلعات الشعوب «المستضعفة» وهي تطلق التصاريح في مواجهة قوى «الاستكبار العالمي، والشيطان الأكبر سابقاً»، إلا أنها أثبتت في العراق وسورية ولبنان واليمن أنها في مقدم دول الاستكبار، واستهداف المستضعفين.
سيطرت طهران تدريجياً على الحياة السياسية في العراق منذ الاحتلال الأميركي، وبغطاء منه صارت تحل وتربط، تعين وتطرد حتى رؤساء الوزراء! فماذا جنى العراقيون من هذه الهيمنة البغيضة؟
العراق البلد المجاور بحدود طويلة مع إيران وتداخل اجتماعي طائفي لم يجنِ غير القلاقل المستمرة والاستنزاف البشري والمادي، وفيما تستثمر إيران وأحزابها في دول أميركا الجنوبية لم تبنِ مصنعاً أو معملاً أو مشروعاً تنموياً في العراق، بل إنها قطعت التيار الكهربائي في ذروة الصيف الساخن على العراقيين، مع أن حكومتهم ملتزمة بسداد مئات الملايين!
وفي لبنان الذي يعتبر المنصة الرئيسة لعدوان إيران على الدول العربية، تخطيطاً وتجنيداً ومؤامرات، تعدت تفريخ الميليشيات المسلحة إلى صناعة المخدرات وتهريبها إلى دول الخليج العربي، وهذا منذ زمن بعيد!
ومع الحضور الإيراني القوي، ممثلاً بالحزب الطائفي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لم تزرع إيران إلا القلاقل في لبنان، وكل الموظفين لدى مشاريعها هم في حقيقة الأمر مجندون طائفيون.
جزء من لبنان مزرعة جنود مرتزقة لإيران وترويج المخدرات، ولو بحثت عن منشأة تنموية «غير طائفية» في لبنان فلن تجد، كل المنشآت هناك إما ميليشياوية أو إعلامية لخدمتها، مسخّرة لأهداف الحزب الاستراتيجية، وتحقيق تطلعات الملالي في طهران للهيمنة على الدول العربية، لكن هذه الحقائق لم تتضح في عقول من أسكرتهم الطائفية وقوة «دعاية» الممانعة وتعيّشها المضلل على كذبة المقاومة سنوات طويلة، حتى جاءت لحظة الحقيقة مع تزايد وصول قوافل الجثث المحملة من سورية إلى الضاحية.
فن الانتشال
قرأت خبراً للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، نشرته صحيفة «الوطن»، يشير إلى أن «مدن» – الاسم المختصر للهيئة – استطاعت انتشال 37 مصنعاً متعثراً، لتتمكن هذه المصانع من الإنتاج، تم ذلك بعد النجاح في إزالة عوائق تعرضت لها. وقال مدير الاتصال والتسويق في الهيئة: «إن مدن لا تترك المستثمر ليواجه التحديات وحده، بل إن هناك فريقاً متخصصاً من مدن يقوم بالتواصل مع المستثمر والجلوس معه، لإيجاد الحلول المناسبة لدعم المشروع، بما في ذلك المرونة في دراسة الخطة الزمنية للمشروع، ودراسة وضع المشروع قانونياً وفنياً ومالياً، وفق نموذج صمم بمعايير قياس علمية». انتهى الاقتباس.
وهذا كلام جميل ويبعث على الارتياح. فهناك مساعدة ونظرة إلى روح الأنظمة والقوانين لتحقق هدفها الكبير، تشجيع الاستثمار، لكن تنقصه «النص أعلاه» بعض التفاصيل المهمة، وهي «الخلاصة»، ولمزيد من الفائدة من النشر، توعية المستثمرين في غاية الأهمية، من ناحية تخفف الكلفة عليهم وتختصر الزمن، ومن الأخرى تخفف الجهد المبذول على الأجهزة الحكومية وموظفيها. كان المفترض أن يتضمن الخبر أهم العوائق التي أدت إلى تعثر هذه المصانع، وكيف تم التغلب عليها، ففي الاحتمالات أنها معوقات ستبرز أمام مستثمرين آخرين في المستقبل، ومن المفيد أيضاً ذكر فئات هذه المصانع ومنتجاتها، أما الأخبار العامة عن «إنجاز» فلا تحقق سوى دعاية وقتية للجهة المعنية.
أعود للتذكير بأن الهدف من إنشاء الأجهزة الحكومية هو التيسير والتنظيم وفتح الأبواب، وليس ترصد الأخطاء أو العثرات، أراه كما ذكر في ما بين قوسين أعلاه المساعدة والعناية كلما كان المستثمر جاداً وبذل جهداً ومالاً حقيقيين، وحتى لو أخفق في الالتزام بموعد إنتاج أو غيره فهو أكثر جاهزية من مستثمر غائب يرجى حضوره، وتقام لأجل دعوات الترغيب مؤتمرات جذب الاستثمار في الداخل والخارج.
والسؤال للإخوة في هيئة «مدن»: لماذا لم يشمل الانتشال وإزالة العوائق مصانع أخرى، مثل المصنع الذي أشرت إلى قضيته في مقالة أمس؟
August 7, 2016
«خيار» التصنيع … مخلل!
في الأساس الأجهزة الحكومية وجدت للتيسير والتنظيم وفق رؤية تحقق المصلحة العامة، لا ضرر ولا ضرار، وفي زمن سابق كان الموظف الحكومي في قرارة نفسه يرى أنه حارس مرمى يصد هجمات المراجعين، إلا إذا كان لأحد منهم قدرة على التسلل أو يعرف أحداً، وتوقعناً أنه مع انتشار التعليم وزيادة الوعي سيتغير هذا السلوك، وجاءت الخدمات الإلكترونية لتقضي على جزء كبير من التعطل والتعطيل المتعمد وغير المتعمد، ولها سلبياتها وأمراضها «التقنية والبشرية».
من المفترض أننا في مرحلة جديدة عنوانها فتح الفرص للشباب والباب للاستثمار، لكن لا يبدو ذلك جلياً، على السطح الإعلامي ستجد كثيراً من العناوين البارزة، التي تضع الشمس في يدك اليمنى والقمر في اليسرى، لكن عند الغوص في ما تحت السطح سترى أموراً أخرى مغايرة ومناقضة.
فراس أحمد الزامل شاب قرر الاستثمار وتشييد مصنع صغير، فهيئة المدن الصناعية تؤجر الأراضي بسعر رمزي ودعاياتها منصوبة في الطرق الرئيسة. توكل على الله تعالى وحصّل قرضاً وبدأ في البناء، والكل يعرف البطء والمعاناة مع الإجراءات الحكومية في العمالة وغيرها. تأخر في الإنتاج فأصبحت هيئة المدن الصناعية خصماً له، رفعت الإيجار مئة ضعف، مع أن هناك عقداً!
والتأخر في الإنتاج بالقطاع الصناعي أمر يحدث، ويفترض أن تتم المساعدة والعناية لا البحث عن قصور للإيقاف، وإجراءات الحكومة لها الدور الأساس في التأخر، لكنه، ويا للعجب، اكتشف من دون علمه أن الآلات والمعدات، التي قام بتركيبها في المصنع، تم تفكيكها ونقلها ولا يعلم من فعل ذلك، ولا أين ذهبت لحد كتابة هذه المقالة؟
ومن يومها وفراس يغرد في «تويتر» من دون فائدة، وكتب خطاباً إلى وزير الصناعة السابق، ووزير الطاقة والصناعة الحالي، ويتصل بهيئة المدن من دون نتيجة تذكر، وهو على الخط المباشر في «تويتر» يبث ألمه بثاً مباشراً لمعاناته، ولا أحد ينصت ليحقق ويعيد الحق لصاحبه ويحاسب.
هل يعقل حدوث مثل ذلك من أجهزة حكومية؟ ومن المستفيد من تعطيل المستثمر، وخصوصاً أن جديته واضحة بدليل ما دفعه وشيده؟ والخسارة المتحققة عليه وحده، فالموظفون لن يدفعوا ريالاً واحد. هي أيضاً إساءة إلى «مناخ الاستثمار»، وشق لن ترقعه حملات إعلانات وتسويق وتصريحات وندوات. عن أي استثمار نتحدث وعن أية فرص وتمكين للشباب؟ هذا ليس إلا توريطاً.
August 6, 2016
كيف نحد من الإسراف
قال الشيخ عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء إن توزيع فائض الطعام على الفقراء ليس إلا «ترقيعاً»، وهذا صحيح مع أهمية هذا الترقيع حفظاً للنعمة، بمعنى أنه ليس علاجاً جذرياً للمشكلة، لكنه تخفيف منها، وإعادة استخدام النعمة بصورة أفضل، وأشار الشيخ المطلق إلى أن الإسراف مشكلة فكر يدل على قلة العقل! وصلب القضية هو في تشخيص حدود الإسراف، بمعنى عند أية نقطة يكون الفرد مسرفاً أم لا. وهو أمر صعب تحديده مع اختلاف العقول والأفهام، لكن جذور المشكلة جاءت من أن الإسراف لدينا ربط وارتبط بالكرم، بل إنه تم اختزال الكرم بالإسراف. يشار دائماً إلى فلان أنه كريم بحسب كبر حجم المائدة التي يمدها، وبحسب علو كتلة الرز وتنوع السفرة، وإذا توافر حاشي أو حواشي بلغ مرتبة الشرف الذهبية وسارت بذكره الجوالات و«السنابات» مع «الواتسابات».
وبنظرة أشمل فإن تحويل المجتمع إلى مجتمع استهلاكي متفاخر في الشكل على حساب المضمون تم منذ زمن بعيد نتيجة سيادة «الروح التجارية» والضخ الإعلاني المتنوع من دون مقاومة تذكر، ولم يكن مستغرباً أن ينشأ من ذلك نشاط «استعداد تام لعمل الولائم والحفلات والمناسبات»، والوعظ وحده لم يحقق نتيجة تذكر كما لم يتحقق منه مثل ذلك في شؤون أخرى. والحل ليس بالسهولة المتصورة بعد أن أصبحت شجرة التفاخر الاستهلاكي ضخمة ووافرة ولامعة أيضاً تجذب الفراش الباحث عن الترزز، يرتمي تحت ظلالها الكثير، لكن هذا يجب ألا يمنع من بذل الجهود.
كيف نستطيع الحد من الإسراف؟
لا بد من منظومة عمل تبدأ بصناعة القدوة الحسنة من كبار القوم ومن مختلف الفئات، ظهورهم في مناسبات على موائد عادية وبسيطة ورفضهم ما عداها، يسهم في إعادة الرشد الاستهلاكي إلى بقية أفراد المجتمع، كما أن درس أسلوب عمل المطاعم وشركات التموين من حيث كميات الأكل المقدمة للفرد، في مقابل السعر أيضاً ستحقق نتيجة، والإسراف الذي نراه في تقديم كميات كبيرة من الطعام هو جزء من مرض اجتماعي عنوانه «الهياط»، سواء أكان بسيارات فخمة أم بصحون ضخمة، أم ببلوغ قمم المجد «الإعلامي» بشهادات وهمية أو إنجازات هلامية، فالبحث عن الفلاش أعمى الفراش
August 4, 2016
«على كفرين»!
القصد إطاران من إطارات السيارة الأربعة، إذ إنني أتوقع أن تصدر نصيحة توعوية من إدارة المرور بالتضامن مع هيئة تطوير الرياض وأمانة العاصمة، تنصح بقيادة السيارة على إطارين وليس أربعة إطارات، للتعامل مع المستجدات التنموية «التحويلاتية»، وتوقعي هذا ناتج مما أراه من التضييق المستمر للتحويلات المرورية. فهي بدأت بثلث الشارع، ثم احتلت نصفه، وأخيراً ثلاث أرباعه!
نحن في الحقيقة جاهزون للعمل بذلك منذ أن أصبحت صبة الخرسانة الجاهزة صديقتنا في الطريق، كان بعض السائقين يطمئن إلى القيادة بجوار الخرسانة أكثر من اطمئنانه إلى القيادة بجوار سائقين آخرين، ممن لا يُعرف ما يمكنهم فعله في أية لحظة، لذلك ترى أنهم يحرصون في السابق على المسار الأيسر، ربما أدى هذا التفضيل إلى أن تحتوينا الخرسانة المرورية من اليمين والشمال!
إن الفشل الهندسي في إدارة التحويلات المرورية ماثل للعيان، يراه الأعمى هندسياً، ومن الواضح أن هذا الأمر الحيوي المهم لحياة السكان وتنقلاتهم يعاني من «أزمة مرجعية»، وهو الوصف المخفف للفشل الهندسي – إن جاز التعبير في إطلاق الهندسي عليه -، وهو ما يذكر رسمياً في العادة بعنوان: «التنسيق» واللجان المشتركة!
التخفيف من أثر التحويلات لا يرى، بل إنها تتوالد لتحويلات أصغر، وكأنك في لعبة افتراضية تبحث عن المخرج، والمداخل والمخارج تبقى على «أول ركزة» مكانها، حتى لو تحركت صباتها الخرسانية زحفاً من أثر ارتطام صدامات سيارات بها، ولا يتحرك أحد لإصلاحها، فهي في عهدة المقاول المشغول بمشروعه!
في ألمانيا يبحثون في أثر ردود أفعال السائقين عند القيادة أمام مخاطر الطريق، وما ينتجه ذلك من اكتئاب نفسي يتحول إلى ما هو أشد، يتم هذا داخل مختبرات بها أجهزة محاكاة للواقع عندهم، «واقعهم وليس واقعنا»، لذا استقطبوا متطوعين لهذا الغرض.
وددت لو أن الألمان يتقدمون للبحث في شوارعنا، الكثير منا سيتطوع ميدانياً لتجرى عليه مثل هذه الاختبارات.
August 3, 2016
اعتذار للعمالة
أود أن أتقدم باعتذار للأصدقاء الهنود وغيرهم من جنسيات أخرى من العمال، الذين انقطعت عنهم رواتبهم لأشهر حتى وصل الأمر إلى حاجتهم للغذاء كما قالت أخبار نشرتها وسائل إعلام هندية وغربية، وتغريدات لمسؤولة هندية، وعايشنا خلال الأشهر الماضية كثيراً من حالات إيقاف شركات كبرى مثل «بن لادن» و«سعودي أوجيه»، وطاول هذا مواطنين سعوديين من موظفين وجنسيات أخرى، ونتجت من ذلك أحداث شغب استهدفت مباني وسيارات للشركات المعنية.
ومنذ أشهر تصلني مناشدات من مواطنين تم إيقاف رواتبهم ويعملون مجاناً، وكتبت عن هذا في حينه غير مرة، من دون نتيجة حازمة.
والاعتذار عن نفسي لا ألزم به أحداً، ولكنْ لدي يقين أن الكثير من المواطنين السعوديين مثلي لا يرضون بمثل هذا، إنني أجزم أن الغالبية الساحقة هم كذلك، لأننا ببساطة تربينا وتعلمنا على حفظ حق الأجير منذ الصغر، فهذا التصرف لا يمثلنا حتى ولو كان لشركات كبرى «سعودية»، لم تضع إداراتها المتخمة في اعتبارها حدوث انخفاض أو تأخر في صرف مستحقاتها، لتخصص مبالغ وتستعد بمرونة إدارية، إذ لا يتأثر موظفوها على مختلف مستوياتهم، أما أن يصل الأمر إلى الغذاء فهذا ظلم فادح.
والأمر مؤسف ومزعج، وهو يستدعي العمل على فحص الأنظمة الرسمية التي سمحت بمثل هذا الخلل الكبير، كيف لم يتم التحوط لمثل هذا، والمسألة أضرت بسمعة الوطن وانتهكت الحقوق الإنسانية، كما أن هذا «للأسف» سينعكس مستقبلاً على التعاون واستقرار العمالة المهمة لحركة التنمية في البلاد، إن المسألة في تقديري تتعدى وزارة العمل لما هو أكثر شمولية وإن كانت في فوهة المدفع، لأن مثل هذه الحالات كانت تحدث في السابق على نطاق أضيق وفي ظل ظروف مالية أفضل من الظروف الحالية، لكن كانت آلية الحل بطيئة ولا تراعي الظرف الإنساني أو الحد الأدنى الذي لا يجب السماح باختراقه، واللافت أن هذه الشركات من الشركات المدللة لعقود، إذ تحصل على المشاريع بتمييز خاص، لكن هذا لم يكفل لها القدرة على الصمود، إنه مثال على أن الدلال كما يضر الفرد يضر بالشركات أيضاً!! وإذا كان أصحابها في بحبوحة من العيش، فإن هذا لن يقلل من وصمة الظلم لضعفاء يشاركهم في ذلك أجهزة لم تقم بالواجب، وفيما يتحدث البعض أو يتمنى برامج لتحسين الصورة، نحن أحوج ما نكون لإيقاف الظلم وتشويه الصورة.
رحم الله الأمير سطام بن عبدالعزيز رحمة واسعة، إذ أسدى للوطن خدمة كبيرة حين منع هذه الشركات من الدخول في مشروع النقل العام في الرياض.
August 1, 2016
توظيف «البوكيموني»
كان التعرف على المشاريع المتعثرة مسألة سهلة كلما كان لها بناء يشيّد مع أخبار وتصريحات منشورة تعلن عنه.
وفي زمن سابق ألزمت هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) الجهات الحكومية بوضع لافتات تبين الفترة الزمنية لتسلم وتسليم المشروع ومبلغ العقد، في محاولة منها لإشراك الرأي العام بمزيد من الشفافية، وللضغط على المقاول والجهة صاحبة المشروع، هذا في زمن سابق، أما الآن فلا نعلم ماذا تفعل «نزاهة»، هل ما زالت على هذه القاعدة أم لا؟
لكن تعثر المشاريع يهون، «لأنها مشاهدة رؤي العين»، أما تعثر غير المشاهد وغير الملموس فهو المشكلة المستعصية، وهو هنا الافتراضي في مقابل الواقعي. فمع كثرة الدراسات الاستشارية وإعادة درسها لذلك البرنامج وتلك الخطة والمبادرة لا يعلم أحد عن صحة مسارها وحقيقة جدواها، والأنباء التي ترد من كواليس اجتماعات الاستشاري الحكومي مع الاستشاري الخاص «العقال في مقابل ربطة العنق» تشير إلى مزيد من الدراسات المدروسة، ولأن هذا حبيس الحاسب المحمول، وربما بعض الأدمغة، وليست هنالك من مؤشرات على إشراك الرأي العام بحقيقة ما «يدرس»، ومدى جدواه وكفاءة من يقوم عليه، لذلك وجدت أن أقرب صورة مطابقة لهوس الدراسات الاستشارية الذي استفحل في البلد، هو الهوس بلعبة الصيد والفضول في «بوكيمون»، فهو صيد موجود وغير موجود، والأخيرة للتسلية و«جمع المعلومات»، والأولى للتنمية و«جمع المعلومات»، ويجمع بينها أنهما من العالم الافتراضي!
إن المنطق والمصلحة العامة يحتمان، لإنجاح أية خطوة أو خطة وطنية، إعادة تقويمها في كل مرحلة يتم هذا التقويم، ليكون ناجعاً ومفيداً من فريق خارج الإدارة المنفذة، سداً لثغرات تعارض المصالح وتقاطعها، هذا ما سيكشف عن معرفة المسار وتقويم الاعوجاج والانحراف المحتملَين، والتدقيق في «استثمار» أو «استغلال» المشكلة المحتملَين، في مقابل السعي وبذل الجهود لحلها، وهو المطلوب والهدف المعلن.
إذا لم يتم ذلك فإننا في «واقع» الأمر مثل لاعبي «بوكيمون» الذين يبحثون عن صيد «ثمين» افتراضي، ويقتحمون كل مكان لأجل هذا الافتراضي المتوالد من غير نهاية، والخسارة هنا متحققة، أما الأرباح فهي لـ«البوكيموني» ومن برمجه.
July 31, 2016
قرية صغيرة تنزف
منذ ستينات القرن الماضي حتى هذه اللحظة أصبح العالم قرية أكثر صِغراً. في أوائل ذلك العقد تنبأ الكندي البروفيسور مارشال ماكلوهن بتأثير وسائل الإعلام في واقعنا، وهكذا ظهر مصطلح «القرية العالمية». وسائل الإعلام الآن أكثر قوة وتغلغلاً، والقدرة على تلقي المعلومات من الأفراد صارت أكثر سهولة وسرعة.
ما يحدث في طرف قصي من هذه القرية الصغيرة يصل صداه وأثره إلى أطرافها الأخرى، وكلما كان هذا الحدث عنيفاً ودموياً أحدث أثراً مماثلاً، إما سريعاً أو ينمو ببطء، لينفجر بعدها. والهوس بالقتل الجماعي صار سمة لعالم لا يديره حكماء ولا حتى عقلاء، بل انتهازيون، من سياسيين تدفعهم الأطماع للسيطرة إما بالقوة أو بالاحتيال الاقتصادي، والهدف الكبير لهذه القوى هو الاستئثار بالموارد والهيمنة، لذلك يجري فعل كل ما يمكن فعله تحت مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»!
تصدير العنف والإرهاب تم ويتم بالسياسة والاقتصاد، القوة العسكرية ليست إلا وجهاً من وجوه متعددة، وتحت مبدأ «حقوق الإنسان» و«الأقليات» و«حرية التجارة» يمكن الترويج لكثير من «السلع» المدمرة، من السياسية إلى الترفيهية، ولم يعد الإرهاب مرتبطاً بسيارة مفخخة ولا انتحاري مراهق بحزام ناسف، بل تعدى ذلك إلى استخدام كل الممكن، من شاحنة مدنية إلى فأس وسكاكين، ولم تعد هناك حاجة إلى الخلايا النائمة مع توافر الخلايا المريضة. والتحطيم والتهجير الذي تتعرض له بلدان عربية يكاد يفجّر العالم، لكن العالم يديره الجشع الرأسمالي، من شركات صنع الأسلحة إلى القوى المالية المتحكمة فيه، لذلك هو بعيد عن الإحساس بخطر سيصل مداه إليه.
ولأنها قرية صغيرة يسكنها عنف القوي والخبيث، لم يعد هناك مكان آمن، وأصبحت الخلايا المريضة قنابل موقوتة، يمكن استخدامها عن بُعد، لتفجير هذا المجتمع أو ذاك، والإخضاع هو الهدف، لتأتي بعده مرحلة الجلوس إلى الطاولات، لتوقيع صكوك التكبيل بالديون.
السماء تمطر سيارات أجرة
اكتشفت وزارة النقل أن عدد سيارات الأجرة العامة في مدينتي الرياض وجدة يتجاوز عدد المستفيدين من تلك الخدمة! وأن لهذا دوراً في الكثافة المرورية في الشوارع، وعلى إثر هذا الاكتشاف العظيم قررت إيقاف إصدار تراخيص جديدة لسيارات الأجرة العامة، وإيقاف إضافة سيارات جديدة إلى المنشآت المرخص لها، ولم تذكر الوزارة من أين جاءت هذه الأعداد التي تزيد على عدد طالبي الخدمة، هل أمطرت السماء سيارات «ليموزين» و«أجرة» عامة، أم أنها رخصت من الوزارة نفسها؟
الاكتشاف لا علاقة له بدور سيارات الأجرة «المشهود» في زيادة كثافة الحركة المرورية، المسألة أن صحوة وزارة النقل جاءت مع الوافد الجديد؛ سيارات أجرة بنظام توجيه المركبات، ومع أن هذا الوافد الجديد يعمل منذ فترة في الطرقات إلا أن الوزارة أيضاً قالت عن بعض أسمائه المشهورة إنها لم تحصل على الرخصة، وبقيت حال «التراخيص» غامضة!
الوزارة أعلنت أيضاً «إتاحة الفرصة للمواطنين» للعمل بمركباتهم الخاصة في النشاط، عبر تطبيقات الأجهزة «الهواتف الذكية» المشغَّلة من إحدى المنشآت المؤهلة من الوزارة لتقديم خدمة التوجيه».
ولم تذكر شيئاً عن غير المواطنين؛ هل عملهم في هذا «النشاط» قانوني؟ وما هي الشروط الواجب توفرها؟ وما مدى مسؤولية الوزارة في تطبيقها؟ هذا التعامي والتغافل يماثل تغافلاً من الوزارة، عمره أكثر من ربع قرن، عن فوضى سيارات أجرة «الليموزين».
يمكن اختيار نشاط «الليموزين» منذ أن بدأ الترخيص له بمثابة «حالة دراسة» تعطي صورة مختصرة عن الأمراض الحكومية التي عايشناها، وزارة النقل نموذجاً، والطريف في خبر سماح الوزارة للمواطنين بالعمل بمركباتهم الخاصة، أنها قالت: «ويأتي هذا التنظيم للحد من التجول العشوائي لسيارات الأجرة، إذ إن التنظيم يحث على إعادة هيكلة هذا النشاط ليكون ذا مردود أمني واجتماعي في الدرجة الأولى».
بعد عقود من الإهمال و«التطنيش» تم اكتشاف التجول العشوائي، وأصبح الأمني والاجتماعي في الدرجة الأولى…! عقبى لصعوده إلى الدرجة الممتازة، إن شاء الله تعالى.
July 30, 2016
«الرؤية» تفاعلياً
حصد إعلان «رؤية 2030»، و«التحول الوطني» أكبر تغطية إعلامية فاقت كل ما عداها محلياً، يمكن القول إنه لم يسبق له مثيل، وبرز استثمار – الحملة الإعلامية للرؤية والتحول – لوسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي بصورة كبيرة، وكل هذا طبيعي تهيئة للرأي العام لما يتم العمل من أجله وهو عمل سيمس حياة الجميع، لكن المسألة توقفت عند هذا الحد!
توقعنا مع الاستخدام الإعلامي المكثف لإعلان «الرؤية» والترويج لها أن يتناغم معه حضور رسمي إعلامي تفاعلي حول هذه الخطوات وحول ما يحدث أيضاً وما يدور من الشؤون العامة في الأجهزة على اختلاف مسؤولياتها. بمعنى تغيير في النهج السابق الذي لا يتفاعل مع المجتمع وتساؤلاته، لكن هذا لم يحدث حتى اللحظة.
ولو تابعت الأخبار و«النشاطات» للوزارات والهيئات ومسؤوليها ستجد «الناشط منهم» يرسل رسائل باتجاه واحد من دون تفاعل مع ما يطرح من أسئلة تتكاثر وتكبر، وبمقارنة بما سبق من حال التفاعل الرسمي مع الشعبي والإعلامي يمكن القول أن التفاعل الإيجابي مع ما كان يطرح سابقاً في الإعلام كان أفضل وأكثر حضوراً من حيث الكم والنوع منه الآن.
والمسألة هنا ليست مشروعاً أو مشروعين، بل تحول شبه كامل أعلن لاقتصاد الوطن وسيؤثر في الجميع، وخصوصاً الطبقات الوسطى والأقل دخلاً، وهم الغالبية الساحقة من المواطنين، هذا ما يحتاج إلى شرح مفصل مستمر، ورد على كل سؤال، وإجابة على أي استفسار، وإقناع بأن الخطوات المتخذة، «التي مازالت في طور الاستشارات أو غيرها»، أنها مجدية وعملية وتحقق ترشيداً للموارد المالية وتطويراً للعنصر البشري.
الوضع بهذه الصورة مثل من دعي لمناسبة كبيرة ضخمة أعرض ما فيها رقاع الدعوة ثم جلس ينتظر وينتظر.
وفي المشهد الإعلامي لا نرى سوى عدد محدود جداً من المسؤولين، أما غالبيتهم فلا نرى منهم تفاعلاً حتى في وسائل التواصل ولا يعرف عن بعضهم هل مازال على رأس العمل أم لا؟ وهذا يتعارض مع مبدأ الشفافية الذي كان عند التسويق وإعلان «الرؤية والتحول».
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

