عبدالعزيز السويد's Blog, page 45
October 7, 2016
سوق الجن والعفاريت
من الواضح أن لدينا اقتصاداً خفياً غير السوق السوداء، فهناك – في ما يبدو – اقتصاد للجن والعفاريت حاضر، الكل يحس ويشعر به ولكن لا يراه أحد، وخصوصاً الجهات الرقابية والتنظيمية. وفي جدة جرى تداول أنباء عن رجل أعمال ضم شوارع ومواقف إلى سوق له منذ 35 عاماً، ولم تتكشف الأمور إلا عندما رفع الإيجارات بنسبة «400 في المئة»، فقام بعض المستأجرين «المستثمرين» بالإبلاغ عن تعدياته أو «الوشاية به» بحسب تعبير الصحيفة.
والقصة هي القصة المتكررة مع حدائق وشوارع أخرى برزت في جدة أكثر من غيرها، لكن هذا لا يعني أنها محصورة في العروس السابقة للبحر الأحمر!
إن السؤال البسيط يقول: أين كانت أمانة جدة طوال الأعوام الخمسة والثلاثين؟ وأين كانت وزارة الشؤون البلدية المشرفة والموجهة للأمانات؟
كيف تم التفريط بأملاك عامة من شوارع ومواقف؟! المضحك أن محامي المدعى عليه قال إن المحال مرخصة من أمانة جدة، في حديث إلى صحفية الوطن. يدفع المواطن الثمن مرتين، الأولى أنه حرم من شوارع ومواقف كانت مخططة «للمصلحة العامة»، والثاني أنه سيحمل مشروع رسوم قريباً، بسبب سوء إدارة ورقابة وزارة البلديات وأماناتها. ولأن الحالة «جنية» بامتياز، حدد مصدر في الأمانة – لم يكشف عن اسمه – قيمة التعديات بمبلغ 547 مليون ريال.
وزارة البلديات في مشروعها للرسوم تبحث عن المتر، وربما عن أجزائه، لكنها تفرط في شوارع ومواقف، فإذا قيل إنها لم تعلم فهي كارثة، وإذا كانت تعلم وصمتت فمَن «الجني» المستفيد؟ وفي حين تتجه الأنظار إلى رجل الأعمال المتعدي أو «المدلع»، طوال أكثر من ثلاثة عقود، يسأل بعض القراء: من هو؟ في حين يتجه نظري إلى الجهاز الحكومي، ممثلا بأمانة جدة ووزارة البلديات التي سمحت وفرطت بمسؤولياتها وأمانتها فهي المتسبب.
ولا أعتقد أنه سيتم «تدفيع» رجل الأعمال هذا المبلغ؛ ففي افضل الأحوال ستنشأ قضية تختفي بعد فترة قصيرة من واجهة الإعلام.
كما لا أعتقد أنه سيتم التحقيق مع موظفي أمانة جدة والإدارة المشرفة عليهم في وزارة البلديات، والخلاصة أن المواطن يدفع الثمن مرتين، والذين استغربوا قضية «الجني والقاضي» ربما اكتشفوا أن الجن منتشرون بما يفوق الخيال، حتى يبدو للإنسي أن وراء كل ريال مشتبه به جناً، أما الملايين فخلفها عفاريت.
October 5, 2016
«مو»… علينا!
شاهدت مقطعاً توعوياً عن الحفاظ على المعلومات الشخصية، المقطع ضمن حملة تقوم بها لجنة إعلامية في المصارف السعودية بعنوان «مو علينا»، عادت بي الذاكرة إلى الزمن الذي تزايدت فيه ظاهرة التلاعب التسويقي والاستغفال التجاري، جمع المعلومات الشخصية بذريعة تقديم جوائز، انتشرت هذه الظاهرة تلك الأيام في الأسواق وكان من السائد أن يعترض طريقك موظف تسويق أو أكثر لالتقاطك و«خمك» بوعد «عرقوبي» فهناك جائزة تنتظرك ولا تحتاج سوى إلى معلومات بسيطة، ثم سيتم السحب ويتصل بك، كانت إدارات الأسواق تسمح لهذه الشركات أو المؤسسات شبه الوهمية أن تضع طاولة وموظفين لها وستاند فيه إعلان جذاب ربما لقاء مبلغ إيجار بالساعة.
ومن تلك الطرق استخدم الاتصال التلفوني، جمع المعلومات بعد حديث عن اختيار رقمك الفائز بجائزة وهمية.
وكان من اللافت الصمت التام من الأجهزة الحكومية جميعها من دون استثناء، لا ترى ولا تسمع ولا تقرأ وأيضاً لا تتكلم، فلا وزارة التجارة تحركت ولا مؤسسة النقد التي يفترض أن يكون لها حضور نطقت.
والمعلومات الشخصية التي يحذّر منها المقطع خصوصاً للمواطن السعودي هي منذ زمن بعيد في حال انكشاف وكشف قسري، منذ أيام تصوير المستندات من بطاقة الهوية الوطنية إلى بطاقة الائتمان، ونتج عن هذا فترة طويلة من استغلال هذه المعلومات كان أكثرها سمنة وربربة «وليس بربرة» التوظيف الوهمي الذي جرى قبل وبعد «نطاقات» وزارة العمل.
والشاهد أننا «البنوك وأجهزة حكومية» نبدأ من حيث تورط الآخرين، بمعنى أن هذه الممارسات كانت منتشرة في دبي وغيرها قبل أن تصل إلى الداخل، وكان معلوماً خطرها على الناس، وفي المفترض أن يستعد لها قبل وقوع الخطر وليس بعد استفحاله. بعد هذه المدة الطويلة نسبياً، ترسخت لدى شريحة من الناس ما يمكن أن نطلق عليه، ثقافة القابلية للجوائز الوهمية، أصبح من الأسئلة المتكررة في الأسواق من بعض المتسوقات والمتسوقين: ما عندكم جوايز؟ ولا يعلمون أنهم ومعلوماتهم هم الجائزة التي تبحث عنها هذه الشركات أو المؤسسات، وأن المسوق ينوع دخله بحسب عدد الرؤوس التي هزت بالموافقة.
هل يتحسن «المرور»؟
انتظرت أن تصل رسائل جوال «توعية وتنبيه» عن غرامات جديدة للمرور، وعلى رغم أن وزارة الداخلية، التي تتبع لها إدارات المرور، بين فينة وأخرى تمطر أجهزة المواطنين والمقيمين برسائل مختلفة، حتى رسائل تخص الحجاج تصل إلى من لم يحج، أو تهاني بمناسبات، ولكني لم أتلقَ أية رسالة، ولا أعلم هل أصدق ما يتردد في وسائل التواصل أم لا، خصوصاً عن رفع غرامات بصورة مرتفعة جداً تتناغم وسباق الرسوم الحكومية! أصبح بإمكان أجهزة الحكومة أن تصل إلى المواطن إعلامياً برسالة أو رسائل، بعد ربط جواله وربطه بهذا الجوال. ومع تنوع وسائل الإعلام لم يعد كافياً الخروج في برنامج أو برنامجين في قنوات فضائية، بل لا بد من شمولية في إعلامه وتهيئة قبل فترة مناسبة. من مشكلات نظام «ساهر» عند تدشينه بتشغيل من القطاع الخاص قبل سنوات، أن التهيئة المناسبة لم تتم للتعريف به، الآن الصورة تتكرر! وحقيقة لا أتوقع أن تحدث «الغرامات» المرورية – إن كان ما يتردد دقيقاً – فارقاً كبيراً على المشهد المروري، والسبب أن الأنظمة الموجودة أصلاً لم تكن تطبق بالصورة المناسبة. كانت الأوضاع سلبية مرورياً، ثم جاء التحول من البشري إلى الآلي، ليجعل الأول معتمداً اعتماداً رئيساً على الثاني، مثل الرد الآلي الذي تسمعه عند الاتصال.
نحاول مساعدة إدارة المرور بالأفكار، نكتب بين فينة وأخرى، لكن لا نرى أثراً، ربما الأسباب «المحتملة» أن الشق أكبر من الرقعة. من الأفكار القديمة المتجددة التي لم يلتفت إليها أن يركز المرور على تطبيق الأنظمة داخل الأحياء، بداية من ردع «المفحطين، خصوصاً ما بين الساعة السابعة إلى الثامنة والنصف صباحاً في أيام الدراسة»، في هذه الساعة والنصف ينشط «المفاختون» بالتفحيط وسد الطرق ومعه عكس الطريق! كما على المرور القيام بحملة تنظيف للمركبات غير الصالحة للسير والمعطلة في أحيان كثيرة له، إذ اتجه البعض إلى استخدام سيارات مهشمة، ربما لتوجيه رسالة إلى السائقين الآخرين عن «السيرة الذاتية» والسجل التاريخي لقيادته لمركبة.
October 3, 2016
فرص يوفرها «جاستا»
من المؤكد أن هناك فرصاً في قانون «جاستا»، إذا ما أحسن استغلالها، وحسن الاستغلال يستلزم استراتيجية واضحة شاملة للتعامل مع القانون ومع جذوره، أي هجمات 11 سبتمبر وتداعياتها، مثل هذا يحتاج فريقاً متخصصاً يتم انتقاؤه بدقة، ولابد هنا من عدم تكرار أخطاء التجارب السابقة وحسن التوظيف.
ولاشك في أن تصريحات صادرة من بعض الدول المهمة حول قانون جاستا الأميركي تبعث على الارتياح، لكنها يجب – وهذه نقطة جوهرية – أن لا تخدر ولا تدفع إلى الدعة والاستكانة.
روسيا وألمانيا وهولندا وفرنسا وتركيا، وغيرها من الدول صدرت عن مسؤولين فيها تصريحات، بعضها شديد اللهجة ضد القانون الأميركي. وهناك أيضاً أخبار من داخل الولايات المتحدة قبل إقرار القانون وبعده تحذر من خطره على مصالح واشنطن نفسها. لكن كل هذا لم ولن يمنع رفع القضايا والابتزاز الذي تعيش عليه قطعان المحامين في أميركا. حتى مواقف بعض الدول من خلال التصريحات ضد القانون لا يمكن الاستناد إليها إلا بعد جس واستكشاف حول إمكانية تطويرها إلى موقف قانوني، خصوصاً أن لكل دولة مصالحها الخاصة وغالبيتها غير معنية مباشرة بالأثر من «جاستا».
القانون مفصل على المقاس السعودي، والهدف هو الأموال. وربما يجري تطوير هذا الهدف مستقبلاً. ومن الملاحظات على القضايا التي رفعت ونظرت أن كثيراً منها على رغم الضرر الفادح الذي حدث منها لم تكن مبنية على أدلة. وقضية مؤسسة الحرمين الخيرية التي تمت تبرئتها مؤخراً نموذج طازج. المؤسسة انتهت وجرت ملاحقة موظفين فيها وسجن بعضهم ومحاصرة آخرين، فالضرر وقع لسنوات طويلة والخسائر لا يمكن تقديرها أو تعويضها.
لكني أرى أن هناك فرصة لنقض، أو لنقل لتمحيص وفحص الرواية الأميركية لهجمات 11 سبتمبر، وهي الرواية الوحيدة والحصرية على رغم عدم اقتناع الكثيرين بها حتى داخل أميركا، ومادام أنه تم الاستناد إلى هذه الرواية لتشريع قانون يمس سيادة الدول، فهذا يستلزم بالضرورة إعادة تحقيق دولي في هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
October 2, 2016
«جاستا» خطر يراه الأعمى
أرملة أميركية أصبحت أول من يرفع قضية على السعودية بذريعة علاقة مزعومة بهجمات «11 سبتمبر». مكّن إقرار قانون «جاستا» من ذلك، والحقيقة أن على الفريق القانوني السعودي – إذا كان هناك فريق – المكلف إدارة ملف هجمات «11 سبتمبر» وتداعياتها، المسؤولية الأولى في وصول القضية إلى قانون تم تمريره واستخدامه للابتزاز.
الفريق القانوني في رأس قائمة المسؤولية عن هذه النتائج. أيضاً هناك جهات أخرى «متعددة» مسؤولة عن عدم القدرة، بل عن عدم العمل على «التنظيف الممنهج» خلال هذه الفترة الطويلة. فمنذ استدارة أميركا للمنطقة بعد هجمات «11 سبتمبر» مع الإعلان الشهير لمبدأ بوش الابن، كانت نذر الأخطار «المتنوعة»، سلة من الأخطار المحتملة، أوضح من الواضحات.
والدول والحكومات في ما يفترض، لديها جيوش من المستشارين والإدارات والموارد التي تعمل على وضع الخطط لمواجهة كل الاحتمالات.
لا نعلم ماذا دار في الأروقة السياسية بين المسؤولين السعوديين والأميركيين، لكن يتوقع من خلال النتائج تقديم تطمينات غير صادقة، والدليل الذي يستند إليه في هذه الجزئية أن الحكومة السعودية لم تتخذ إجراءات واضحة لمواجهة الأخطار المحتملة، إجراءات وخطوات داخلية وخارجية.
ويأتي من يخفف من أهمية قانون «جاستا»، ويحاول البعض التهوين من خطره، بل يتقدم بعض هؤلاء إلى التحذير من «التهويل». فأية أطروحات تنبه وتطالب بالاستعداد يضعها هؤلاء في خانة التهويل!
وهذه الرؤية – إن جاز التعبير – هي نفسها سُوقت بعبارات أخرى من خلال إعلام عربي بأقلام عربية إبان غزو أميركا وبريطانيا وأستراليا للعراق، حتى تم وصف من يعارض ويحذّر من ذلك الغزو وخطره على المنطقة العربية ودول الخليج العربي، إما بالعداء للديموقراطية والحرية المحملتين مع الجيوش الأميركية أو التعاطف مع نظام ديكتاتوري! وتُمكن إضافة كبسولة «نظرية المؤامرة» المخدرة. إدارة الأزمة لم تكن بالصورة المطلوبة، بدليل النتائج أمامنا، وما زال هناك إمكان للتقليل من الخسائر إذا ما تم العمل كما يجب، هنا لابد من معرفة وفحص الأخطاء والأدوات غير المناسبة التي استخدمت سابقاً وعدم الركون إلى الوعود الديبلوماسية أو انتظار الانتخابات الأميركية. وليس في هذا دعوة إلى العداء مع أميركا ولا غيرها، بل هي مطالبة بوضع مصلحة الأمن الوطني والاقتصادي فوق كل اعتبار، وليكن المعيار في التعامل مع واشنطن وغيرها الأفعال لا الأقوال.
October 1, 2016
زمن الوظيفة الحكومية
كان زمن الوظيفة الحكومية زمناً جميلاً إلى حد ما، بالنسبة إلى كثير من المواطنين، وهي كانت أكبر من يوظف في البلاد، فهناك ضمان واستقرار وظيفي نسبي أفضل، مقارنة بالقطاع الخاص، وكان هذا الطلب أو التفضيل أحد تبريرات القطاع الخاص في الاستقدام وعدم توظيف السعوديين في فترة مضت، أي القول: إن المواطن يفضل الوظيفة الحكومية على وظيفة في القطاع الخاص. أيضاً كان هذا القطاع يشكو من عدم قدرته على التخلص بسهولة ويسر من الموظف السعودي.
تغير الوضع الآن في القطاع الخاص بصورة كبيرة، وبخاصة بعد إقرار تعديلات في نظام العمل في المادة 77 المثيرة للجدل، إذ تسمح بالفصل بمبررات تراها المنشأة، وجرى استخدامها بحسب ما رأت إدارات الشركات والمؤسسات، حتى طالت و«شمخت» قوائم المستغنى عنهم في مصارف وشركات، والنسبة العظمى منهم من المواطنين، وأحياناً يحل بدلاً منهم مستقدَمون.
الوظيفة الحكومية الآن تفقد بريقها وزخرفها بعد إيقاف علاوات وبدلات، وأيضاً بعد ما صدر عن وزارة الخدمة المدنية من تطبيق معايير تقويم الأداء الوظيفي، وبحسب ما نشرت عكاظ: «تحدد اللائحة تصنيف الموظفين وتوزيعهم في شكل إجباري على خمس فئات مختلفة، لتحديد المميزين أو منخفضي الأداء، وعلى أساس التقويم تتحدد الزيادة السنوية، ويحرم الموظف الحاصل على درجة «غير مرض» من أية علاوة، كما تحدد النسبة المئوية لكل فئة بناء على تعميم سنوي تصدره وزارة الخدمة المدنية قبل بداية دورة الأداء»، (انتهى الاقتباس).
كانت الجهات الحكومية تجري تقويماً شكلياً لموظفيها داخلياً، أما الآن، ومع ربطه بوزارة الخدمة المدنية، وارتباطه بالعلاوات، فمن واقع معرفة ببيئة العمل الوظيفي الحكومي يتوقع أن عدم الاحترافية وتراجع المهنية في التقويم ستكون هي السائدة، وأن الشخصنة – ولا بد – ستكون حاضرة.
ويمكن على ما سبق القول: إن زمن الوظيفة الحكومية بوصفها خياراً أوّلَ – وربما وحيداً – ينتظره الخريج أو العاطل سنوات طويلة، قد ولى.
نبذ الهياط … كل الهياط!
تبدو الآن الفرصة مهيأة أكثر من أي وقت مضى لعملية تصحيح سلوكيات طغت على المجتمع، برزت واشتدت خلال السنوات القليلة الماضية، صحيح أنها كانت موجودة في السابق لكنها كانت محصورة، إلا أن سوء استخدام وسائل التواصل زاد في رفع قيمتها وإضفاء «القابلية» عليها، على رغم أنها ضد منظومة أخلاقيات تمسك بها المجتمع وقتاً طويلاً. التفاخر بصنوف من ألوان الترف والتبذير لدى البعض وصل إلى مرحلة مخزية، في مقاطع بثت عبر الشبكة العنكبوتية، وكلها تبحث عن الشهرة والإعجاب، أدى انتشارها إلى فرض صيغ تنافس على ممارسات سلبية جديدة على المجتمع، كانت إلى وقت قريب من العيب الاجتماعي، وبعضها يمس ثوابت دينية، أحدث هذا صدمة لدى جيل تربى على قيم مختلفة وقدم للأسف نموذجاً يتطلع إليه جيل جديد، حتى يبدو الفطام الآن بعد خفض الإنفاق والرواتب أكثر صعوبة.
أيضاً تمت صناعة نجوم في العالم الافتراضي، بعضها بنى هذه النجومية من خلال انتهاز واستحلاب فضول الجمهور، وما يهمنا من هؤلاء من طفا على السطح من خلال مظاهر الترف والثراء والتبذير.
الوقت الآن ملائم جداً لنبذ «الهياط»، كل أنواع الهياط، نبذ نماذجه من المجتمع، وخصوصاً في وسائل التواصل.
جانب آخر من الهياط له أهمية بالغة، بل إنني أعتقد أن له دوراً كبيراً في نشوء ظاهرة الهياط المجتمعي، وهو هياط أجهزة حكومية من خلال تصريحات أو أخبار عن أول وأحدث وأكبر وأفضل، ولعل القارئ المتابع يتذكر أن أخبار هذه الأجهزة كانت تصر وتركز على إعلان حجم الأموال المصروفة أو المعتمدة أو التي يمكن أن تعتمد لاحقاً على مشاريعها، في تركيز على الضخامة، حتى صارت الأرقام بلا أثر.
ويندرج تحت هذا «الهياط» استجداء الإشادات من مطبوعات إلى مؤسسات مالية أو اقتصادية «عالمية»، وأحياناً تصريحات من أشخاص قد – أقول قد – يكون لهم حضور إعلامي «عالمي».
كان لهذا الهياط دور في نفخ الاقتصاد، وتغذيه هياط المهايطية من الجمهور.
September 29, 2016
التستر.. ينخفض أم يرتفع؟
يتعذر عامل السباكة بأسباب عدة لرفع كلفة خدماته إلى الضعف تقريباً، أهمها أو البند الرئيس فيها، ليس ارتفاع أسعار السلع والسكن وغيرهما بل – وبحسب قوله – رفع كفيله المبلغ السنوي الذي يجبيه منه، ضمن هذا المبلغ رسوم تجديد الوثائق الرسمية، مع «أرباح» بالطبع.
وإذا عدنا إلى ما أطلق عليه حملة تصحيح أوضاع العمالة التي قامت منذ سنوات نتذكر أنها أسهمت في رفع كلفة هذه العمالة على مستخدميها ولم تقلل من حضورها في السوق، السائبة منها وغير السائبة، بل تم السماح بتغيير المهن بحسب الطلب كما يتذكر كل متابع، والسؤال مع الأوضاع الاقتصادية الحالية والتقشف من خفض إنفاق وبدلات وعلاوات على موظفي الحكومة، هل ستنخفض نسبة التستر أم تزداد؟ في تقديري أنها سترتفع، الأقرب أنه مع هذه الظروف الاقتصادية ستشجع المزيد من المواطنين على الدخول في هذه «السوق»، لأن مواجهة التستر لم تحقق نجاحاً ولو بنسبة ضئيلة لا على المستوى الكبير في الشركات والمؤسسات، ولا في القطاعات التي يسيطر عليها أجانب، موسمية كانت أو غير موسمية، وأيضاً في الخدمات العادية مثل الصيانة من السباكة والكهرباء أو عمالة البناء.
ومن صور عدم النجاح الحكومي في هذا الجانب أنه حتى عند بروز حال تستر كبيرة لا ينشر عنها «رسمياً» ويبقى المنشور عبارة عن تسريبات مبهمة وناقصة، أما أخبار الأحكام القضائية ضد متستر – على قلتها – فلا تأتي بمعلومات مفصلة.
استطاع المتستر التغلب على كل الشروط أو العقبات التي وضعت لمواجهة الظاهرة القديمة، تمكن من الصمود طويلاً على رغم كثرة الحديث الرسمي والشعبي عنه وعن خطره على الاقتصاد، وهو ما يستلزم البحث عن أفكار جديدة، فعلى رغم الوعود بمكافحة الظاهرة، إلا أننا لا نرى أي نجاح يذكر في الميدان.
September 27, 2016
الغوص في خفض الإنفاق
لا يفرح عاقل بخفض رواتب أية شريحة من المجتمع، فحتى من باب المصلحة الضيقة هو سينعكس عاجلاً أم آجلاً على الآخرين، لكن للضرورات أحكاماً. وقرارات خفض رواتب الوزراء ومن في مرتبتهم، ومكافآت أعضاء مجلس الشورى، لها دلالاتها الرمزية، ورسالة واضحة للعموم.
خفض الإنفاق الحكومي هو واحد من الأهداف الرئيسة المعلنة لهذه المرحلة، وهناك الكثير من المساحات البعيدة عن تأثر الشريحة الأدنى دخلاً لتحقيق ذلك بما يكفل توظيفاً أفضل وأكثر جدوى للموارد المالية، وهذا يعيدنا إلى المربع الأول، الموازنة وأسلوب التعامل معها من وزارة المالية «وبنودها» ومفاوضاتها مع الأجهزة الحكومية.
يمثل ذلك أحد «تبريرات» الصرف غير الرشيد من أجهزة حكومية في فترات ماضية، إذ يقال إن المتبقي من المال المرصود سيعود إلى وزارة المالية إن لم يتم إنفاقه، ليصبح معياراً عند الجلوس لنقاش موازنة الجهاز المقبلة.
في جانب آخر لوحظ تزايد ظاهرة خلال سنوات الطفرة الأخيرة مع الوفر المالي آنذاك،
فالمنافسة على «الكفاءات» الإدارية – كما توصف – دفعت أجهزة حكومية لتخطي الأنظمة بأساليب متعددة، إما من طريق شركات تابعة لها أو شركات تتعامل معها، وكان من الشائع القول إنه لا تمكن منافسة القطاع الخاص أو «استقطاب» كفاءات منه إلا باللجوء إلى هذه الطرق. وتم التوسع في ذلك، حتى سمعنا عن رواتب فلكية فيها مبالغات لا تتوافق مع هدف خفض الإنفاق الحكومي، خصوصاً وأن المورد واحد. حالياً انضم إلى هذه الظاهرة العاملون على الرؤية والتحول من مستشارين أو غيرهم، سواء من طرف ماكينزي أم حوله وحواليه، ومن المستغرب أنه لم يعلن حتى الآن عن الكلفة الفعلية لهذه الاستشارات وطريقة تقييم جدواها، مع ملاحظة أن هذه الاستشارات لم يتضح منها أية مبادرات أو برامج محفزة للاقتصاد، لا سيما للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
إن ما يعني المواطن ويجعله متفهماً وداعماً لترشيد إنفاق حكومي يطاوله مباشرة أو قد يمس دخله بصورة من الصور هو أن يعلم بوضوح أن الخطط على الطريق الصحيح، وللأسف أنه في هذا الجانب الحيوي الحضور هو الاستثناء والغياب هو القاعدة!
September 26, 2016
بيوت الخبرة بين المعجل والاقتصاد
ليلة اليوم الوطني بث مقطع على اليوتيوب بعنوان: «لم نخطئ في حق أحد»، يظهر فيه عادل المعجل محاولاً تبرير وشرح ما تعرضت له مجموعة محمد المعجل من خسائر، ثم إيقاف أسهمها عن التداول، ملقياً باللوم على أوضاع قطاع الإنشاءات في السعودية وعلى جهات حكومية بالدرجة الأولى. أعاد اختيار التوقيت لذاكرتي التهيئة الأولية لطرح المجموعة للاكتتاب، تلك الحملة الإعلامية التي خاطبت الوطنية والوطن، حتى إنني وقتها تساءلت من هي هذه الجهة أو الشركة التي تنفق أموالاً على صفحات كاملة في الصحف «تُهمز» فيها «وتر» الوطنية؟ قصة مجموعة محمد المعجل لا تحتاج لإعادة سرد، إنما في ما يخص الضرر الواقع على المساهمين فإن المسؤولية في ذلك من الموافقة والطرح للاكتتاب وعلاوة الإصدار تقع على المسؤولين في جهات حكومية سمحت ووافقت ورخصت بذلك.
إن رخص وموافقات الأجهزة الحكومية تعني في ما يفترض الثقة بصلاحية وجودة ما تم الترخيص له، وإلا ما هي وظيفتها؟ ومع أنني لا أعتقد أن التحقيق سيطاول من دقق ومنح الموافقات، أركز على نقطة مهمة أوردها الأخ عادل في مقطعه.
قال في حديثه عن الطرح وسعره والاكتتاب الذي وصفه بالناجح جداً، إنهم في المجموعة التزموا بتوجيهات الهيئة والمستشارين العالميين وأورد أسماء عدد من المؤسسات الاستشارية، واصفا إياهاً بالأفضل عالمياً.
نتيجة استشارات هذه المؤسسات «العالمية» أمامكم الآن عشرات الآلاف من المساهمين المتضررين مع تضرر سمعة الاقتصاد والسوق والثقة بالاكتتابات والحكومة.. إلخ، ومعه أيضاً شكوى من عادل المعجل نفسه ووالده بأنهم تضرروا مما وصلت إليه الأمور، وأنهم بحسب قوله وضعوا ككبش فداء.
أعود إلى الرؤية الاستشارية العالمية وما أدت اليه بشراكة «موافقة» حكومية ممثلة في هيئة سوق المال، هذا يستدعي بالضرورة إضاءة إشارة حمراء للتوقف عندها ونحن الآن نضع كل الاقتصاد الوطني ومستقبل الوطن برهن رؤية استشاري «عالمي»!
ومن ناحية الاستفادة من الأخطاء اتفق مع عادل المعجل إنما لا يمكن الاستفادة من الأخطاء إلا بالتحقيق في مسبباتها بحيث لا يمكن تكرارها مع رد الحقوق لأصحابها وتحقيق العدالة في من وفر الفرصة لحدوث هذه الأخطاء الجسيمة حكومياً كان أو من القطاع الخاص.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

