عبدالعزيز السويد's Blog, page 176
July 2, 2012
الصورة … قبل وبعد
تكون مهمة المسؤول أصعب حينما يتولى موقعاً حقق فيه سلفه نجاحات. من أوجه الصعوبة الحفاظ على إيجابيات تحققت ثم البناء فوقها، والمقياس في النجاح هو الفارق بين الصورة قبل وبعد، يبرز النجاح في تغيير واقع إلى الأفضل، فتكون له شواهد ملموسة لفرزه نجاحات مصطنعة لا تتعدى فلاشات الإعلام المؤقتة، أيضاً عند قياس إيجابيات التغيير تقابل بكفة السلبيات المحتملة، ويخطئ المسؤول الجديد حين يتركز همه على طمس ما تحقق أو التقليل من قيمته، منشغلاً بصورة من قبله عن إحداث بصمة إيجابية تؤكد قدراته.
كم نحن بحاجة إلى أصحاب مبادرات إيجابية… عامة، تنتفع بها أكبر شريحة من المواطنين، علتنا في الإدارة متفق عليها، لذلك فإن الإداري الذي يحدث فرقاً ويغير واقعاً إلى الأفضل في جهاز يحسب له هذا، ويستحق الشكر والتقدير.
وأمامنا نماذج هنا على اختلاف مواقعهم، لمسنا في جهود بذلوها تغييراً نحو الأفضل، أمين مدينة الرياض السابق الأمير عبدالعزيز بن عيّاف أحدث فرقاً، والدكتور عبدالله العثمان مدير جامعة الملك سعود غيّر واقعاً، والعامل المشترك في تجربتهما الإدارية على اختلاف بين الأمانة والجامعة، أن كثيراً من مبادراتهما التطويرية استنسخت في الداخل، نأتي بنماذج: في الأمانة برزت «أنسنة المدينة» والساحات، اهتماماً بالمشاة وآلية البلاغات وتطوير صحة البيئة، حتى إن أرامكو «نفسها» استفادت من التجربة الأخيرة، والدكتور العثمان أيضاً كانت مبادراته المشهودة في جامعة الملك سعود كثيرة، حتى صارت قارب نجاة لها ولجامعات أخرى جامدة منكفئة على نفسها، فاستنسخت على عجل الكراسي والأوقاف وانفتاح الجامعات على المجتمع.
ولمعرفة الفرق أيضاً، يمكن تذكر مسؤولين تولّوا مواقع لم يحدثوا فيها تغييراً إيجابياً، وكأنهم لم يكونوا هناك في يوم ما، أو آخرين أحدثوا تغييراً سلبياً اتفق الجميع على ضرره!
صورة الواقع في كل جهاز قبل وبعد، وما كان يقدمه وما أصبح عليه هي المقياس، كيف تحول الانكفاء والجمود إلى انفتاح وحراك طموح يحاول الارتقاء للتطلعات، هنا يحقق المسؤول التقدم واضعاً بصمته الشخصية، ومن المؤكد أن هناك سلبيات لكنها لا تقارن بالإيجابيات.
ويحضرني في هذه اللحظة أيضاً، ممن استطاعوا تغيير واقع جامد إلى الأفضل الدكتور علي العطية نائب وزير التعليم العالي السابق، والمقياس التدقيق في الصورة قبل وبعد. أعتبر هؤلاء من روّاد الإدارة فلهم الشكر والتقدير، ونحن ننتظر مِن مَن خلفهم في هذه المواقع البناء فوق إيجابيات شيدوها، وإطلاق مبادرات أخرى تنتج حلولاً لمشكلات وقضايا تؤرقنا، انفراجات يلمس نفعها الجميع.
July 1, 2012
عمر المختار في القطار
واحد من المواعيد المطاطة لدى السعوديين حين يقول لك صاحبك: «بعد صلاة العشاء»، ويعني هذا أن موعد وصوله المتوقع… مفتوح من بعد الصلاة مباشرة إلى منتصف الليل، وربما أذان الفجر، وكأن لا أحد في معصمه ساعة إلا للزينة! وتشبه هذه الدقة في تحديد المواعيد تصريحات بعض المسؤولين عن انتهاء أزمة أو كشف نتائج تحقيقات لجنة!. ومن ذلك توقُع نائب رئيس السكة الحديد إعادة تشغيل القطارات الإسبانية الحديثة «بعد شهر رمضان المبارك -إن شاء الله-»، وذلك «مربوط» في ضوء نتائج جهود إصلاح القطارات الجديدة، أو إعادة برمجة البرمجيات غير المبرمجة بالبرمجة المناسبة.
يُتوقع أن مؤسسة الخطوط الحديدية في حرج بالغ. حوادث في القطارات القديمة، وأعطال في الجديدة، لذلك نرى أن الظهور الإعلامي أصبح أقل مراتبياً لمسؤوليها، أما عند التدشين فإن الأمر مختلف.
وأثارت صور الانقلاب وإسعاف المصابين مشاعر القارئ محمد عبدالله تجاه القطار حيث كان يستخدمه أثناء دراسته الجامعية مابين عامي 1988 و1992 من الرياض إلى الشرقية، ولا ينسى محمد أن عدد تذاكر ركاب الدرجة الأولى «المقطوعة» تزيد أحياناً عن عدد المقاعد، «هذه خصوصية سعودية مثيلة لمن يقول له في دعوة إنها محفوفة فلا تجد لك مقعداً». لكن محمد منصف، فهو لا يتذكر خلال ما يزيد على أربع سنوات من الاستخدام المستمر أن القطار تأخر عن موعده، كما لا يتذكر حوادث أو أعطالاً. وأطرف ما علق في ذاكرة القارئ هو حِفظهُ «صم» لتفاصيل فيلم عمر المختار، حيث كان الفيلم الوحيد المعروض للركاب، خط وقطار واحد يعني فيلماً واحداً!، ولا أعرف ما يعرض حالياً من أفلام؛ لكن مع احتمال عودة الإسبانية يُتوقع «برمجة» حلقات من مصارعة الثيران!.
دفعتني رسالة محمد للتعاطف مع القطار القديم حتى تخيّلت أن هذا القطار المنقلب يشبه الموظف المواطن، فلو كان قدّم طلباً للتجنيس بعد كل هذه الخدمة لمنحت له، في حين يشبه القطار الإسباني الجديد «اللي ما بعد اشتغل»… الموظف الأجنبي، أقصد مستويات عليا من الموظفين من أصحاب الحظوة والدلال، فحتى لو لم يشتغلوا كما يجب مع حصولهم على أعلى الرواتب والبدلات، وحتى لو سببوا إحراجاً لمن تعاقد معهم، فهناك من يستميت في الدفاع عنهم.
June 30, 2012
الإخوان… وخلفان!
كان من المتوقع توقف الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي عن استهداف تنظيم الإخوان المسلمين بتعليقات في «تويتر»، خصوصاً بعد استدعاء الخارجية المصرية لسفير دولة الإمارات في القاهرة، باعتبار حساسية المنصب الوظيفي لقائد شرطة دبي، وأخذ القضية طابعاً مختلفاً بعد تنصيب محمد مرسي رئيساً لمصر لكن ذلك لم يحدث! وبالأمس قال الفريق ضاحي إنه تلقى 1500 تهديد بـ«التلفون»، واعداً بعقد مؤتمر صحافي أبرز ما فيه – أيضاً نقلاً عن حسابه في «تويتر» – مطالبته بتعهد من مرشد الإخوان بعدم قبول «مبايعة» أي مواطن إماراتي، مشيراً إلى إرساله مسودة بذلك للمرشد في مصر.
ينطلق الفريق ضاحي خلفان من اهتمامه المبرر «وطنياً ووظيفياً» بأمن الإمارات، وتحسبه لتأثره بهذا الأمن من تنظيم الإخوان قبل وبعد صعودهم إلى السلطة في مصر، لكن هناك التباساً في حسابات «تويتر» بين العام والخاص، وبين الرسمي والشخصي، بخاصة إذا ما كان صاحب الحساب لديه منصب رسمي معلن أو معروف، ولم يعرف قبله بحضور إعلامي لافت، فهل يمكن اعتبار تعليقات قائد شرطة دبي موقفاً رسمياً إماراتياً أم لا؟ في جانب آخر، ربما يكون هذا التصعيد «التويتري» مقدمة للجلوس على طاولة تفاهم بين الطرفين، أو اتصالات على مستويات مختلفة تغلق هذا الملف.
في المجمل، هناك واقع جديد على دول الخليج العربية التعامل معه، بالتحديد من لديه هاجس أو تجربة مع تنظيم الإخوان، وهو باختصار أن الإخوان المسلمين يمسكون السلطة في مصر، هم شركاء فيها في الحد الأدنى، هذا الواقع في جانب منه سيفرض انشغال «التنظيم» داخلياً إلى حد بعيد، وهم – أي الإخوان – كما يفترض بصدد إقامة نموذجهم في الحكم والإدارة وإيجاد الحلول للقضايا المصرية الداخلية الشائكة، أيضاً أبدى الإخوان «مرونة» سياسية – إن جاز التعبير – في إرهاصات ما قبل الثورة وجني ثمار ما بعدها، وهو ما يشي بمرونة في العلاقات مع «الإخوة» العرب. واحتمالات «تصدير التجربة» في المنظور القريب تبدو مستبعدة، في الجانب الآخر على دول الخليج التقدم بسرعة إصلاح أحوالها، لقطع الطريق على أي «مستثمر» لسلبيات تؤرق مواطنيها، هذا أفضل حلول التحصين وأنجعها، فإذا كان البعض ينظر إلى تنظيم الإخوان على أنه مصدر تهديد فإنه ليس المصدر الوحيد.
ضحك القطار
لا يصل الإنسان لحدود السخرية والتنكيت على حوادث ومآسي إلا بعد تشبعه إحباطاً من وعود بانفراجات، وحادثة القطار الأخيرة بضحاياها من مصابين نتمنى لهم السلامة، مصابون لا يُعرف عددهم بالضبط لاختلاف الأرقام، وهو اختلاف سنعود له لاحقاً.
هذه الحادثة الجديدة سببها الساخر كما يتداوله البعض أن القطار وهو يلهث بركابه أنصت إلى حديث بين راكبين، كان الأول يتحدث إلى الثاني بحماس يشبه حماس متحدث رسمي، عن مشاريع شبكة القطارات الجديدة والحديثة وأنها على أعلى مستوى، فانقلب القطار القديم من الضحك!. لابد أن «أعلى مستوى» هي القشة التي دفعت القطار للانقلاب من الضحك، ولم يعرف هل كان يضحك علينا أم منا؟. خدمة القطار الطويلة تعني تجربة محترمة ودراية بواقع الحال في مؤسسة يتبع لها، قد يكون مثل بعض الموظفين القدامى الذين خبروا مواقعهم، فأصبح الأرشيف بدهاليزه في رؤوسهم، وكلما جاءت لحظة التقاعد اُستدعي مرة أخرى لمواصلة الخدمة، ليوافق بمنة وهو يضحك، ولا اتفق مع الذين ذهبوا إلى أن القطار حاول الانتحار بالانقلاب، والسبب أنه قطار عركته السكة الحديدية و ابن البيئة الإدارية، وأذكى من الشروع في جريمة مثل الانتحار، كما لم يستجد عليه شيء، ولو كان من القطارات الجديدة لأمكن توقع تصرفٍ أرعن من ذلك النوع، بسبب الصدمة الحضارية.
وإذا أردت معرفة واقع القطار القديم انظر إلى التعامل مع الجديد الحديث، ولا أفضل من قراءة ما نشر في الصحف عن نتائج تحقيقات هيئة مكافحة الفساد عن إخفاق القطارات الجديدة وإيقافها عن العمل، وأوردت «نزاهة» عدداً من الأسباب كلها تتحملها مؤسسة السكة الحديدية، والمشكلة ليست في جلب أو استقدام، والتعاقد مع أحدث المواصفات وبيوت الخبرة الاستشارية وما توصل إليه العالم الأول من المخترعات والتقنيات، بل في الإشراف على ذلك للحصول منه على أعلى فائدة مقابل مالٍ دُفع، هنا مربط الفرس وربما سبب انقلاب القطار من ضحك كالبكاء.
June 27, 2012
هل «التفحيط» رياضة؟
اهتم الناس بحكم إعدام صدر بحق مفحط. قتل «مطنش» ثلاثة من الشباب في عملية تفحيط بالقصيم، بعد ترويجه لها برسائل إلكترونية واستأجر سيارة لهذا الغرض، والمذكور «هنا أيضاً يصح القول… المدعو مطنش»!، له سابقة منذ سنوات، سابقة تفحيط قتل فيها أيضاً شخصاً وهرب المفحط القاتل. ولم يُذكر، هل تم تمييز حكم المحكمة في المحاكمة التي طاولته أم لا؟، ولا يعرف هل سيصل مثل هذا الحكم لمرحلة التنفيذ؟، وهو يذكر بقضية شهيرة منذ ستة أعوام لمفحط آخر. «أبوكاب» قتل في عملية تفحيط شباباً صغاراً، اثنان شقيقان، طالب والدهم بالقصاص، وطالت المحاكمة، والشاهد أن المدافعين عنه ذكروا أن المرور مسؤول في عدم سحب رخصة قيادته على رغم وجود 66 مخالفة مرورية!، وقبل أعوام قبض على مجموعة من المفحطين منهم «عنصر» من أفراد المرور في مدينة بقيق، وفي الحالتين الأخيرتين كان المفحط عسكرياً، وهم الأَولى بالانضباط.
مع كل حادثة من هذا النوع، ينتج منها مقتل أشخاص، ترتفع أصوات تطالب بمواقع مخصصة للمفحطين، ولست أفهم، هل تم اعتبار التفحيط هواية أو رياضة؟!، هل يجب التذكير بأن السيارة وسيلة نقل لا استعراض وتخويف وإزعاج وقتل، في العام الماضي قتل شاب «محترف» في حلبة أو ميدان مخصص «للاستعراض» بالرياض، في حادثة شنيعة، وما يجب أن يحدد رسمياً هو أن التفحيط مشروع قتل للآخرين، ولقائد السيارة، وهو في كل الأحوال مسلسل رعب وإزعاج للمشاة وسالكي الطريق، وعامل جذب سيئ لصغار الفتيان، يدفعهم للتفلت من أسرهم، وطريق للمخدرات والانحراف. نخلص من هذا إلى ضرورة اعتباره جريمة جنائية، لا تكفي التوعية ولا الرخاوة للتصدي لها، وعلى ذكر التوعية قال البريد السعودي إنه أنتج حلقات للتوعية عن هذه الظاهرة، وشاهدت ما قيل إنه فيلم أو عمل، لم يكن سوى قص ولصق لمقاطع أغلبها تشجع بصورة غير مباشرة على التفحيط، التناول هنا مهم، والبريد كان يستطيع إنتاج شيء أفضل. حتى الظواهر السلبية تجد من يلتصق بها بحثاً عن الأضواء.
June 26, 2012
«بذمتك» المالية!
مساكين موظفو هيئة مكافحة الفساد، يبدو أنهم الوحيدون في البلاد الذين يقدمون إقراراً بالذمة المالية… حسب علمي لا يذكر شيء عن الإقرار المالي عند تعيين الموظفين، والصحافة ذكرت قبل أيام أن مجموعة منهم قدمت إقراراً من هذا النوع لم تكشف تفاصيله، ثم أدت المجموعة القسم أمام رئيس الهيئة. وإقرار الذمة المالية مع القسم جديد علينا، صحيح أن كبار المسؤولين مثل الوزراء يؤدون القسم حين تسلّمهم المناصب، لكن لا يذكر شيء عن إقرار الذمة المالية لا في القطاع العام ولا حتى الخاص الشريك في التنمية.
قد تكون هيئة «نزاهة» تؤسس لسن سنة حميدة فبدأت بموظفيها، هذا يحسب ويقدّر لها. إنما هل تستطيع أن تجعل ذلك قانوناً معلناً يسري على الجميع في القطاعين العام والخاص؟
دعونا نتحدث عن الواقع، أصبحت قصص الفساد تروى وكأنها أشبه ما تكون بقصص نجاح باهر! أبطالها هم من الفرسان الذين حققوا الانتصار خرجوا من المعركة سالمين «غانمين»، وهم سيصفون مع طابور رجال الأعمال العصاميين قريباً، تسمع عن هذا وذاك الذي «قحش أو غمط هبرة من المال» أو تنفّع من شركات تعمل مع جهاز أو شركة يديرها، ثم استقال أو أقيل أو نقل إلى موقع آخر، ويقال عن الواحد من هذه الفئة إنه «عتق»، أي خرج أو وُلِدَ من جديد دون ضرر بيّن! بالطبع ليس كما ولدته أمه! وأصبحت لدينا شهادة مبطّنة لكنها أفضل بمراحل من شهادات الدكتوراه والأستاذية، والإنجازية، إنها شهادة «عفا الله عما سلف».
June 25, 2012
فخامة الرئيس
ينقل بعض المثقفين المصريين عن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك رداً صاعقاً حين تكاثرت عليه الأسئلة عن توريث ابنه جمال، ينقل عنه قوله: «حيورث ايه… دي خرابة»، ولا يعرف مدى صحة ذلك، لكنه في كل الأحوال لا يخفي دلالات على الواقع الاقتصادي والاجتماعي. مصر دخلت مرحلة جديدة برئيس منتخب غير كامل الصلاحيات، بل بالشراكة – إن جاز التعبير- مع المجلس العسكري، قد يبدو هذا للوهلة الأولى في غير صالح مصر، لكن لا يُعرف في التاريخ دولة انتقلت من ثورة على الدكتاتورية والسلطة المطلقة إلى الحكم الديمقراطي إلا على مراحل، تخبرنا تجارب الأمم أنها تأتي تدريجياً إن لم تنكفئ على نفسها وتعود بلباس دكتاتوري جديد، وأقرب الاحتمالات أن هناك صفقة تمت بين المجلس العسكري والإخوان أو حزب الحرية والعدالة، ربما استفاد الإخوان من أخطائهم في مخاض الثورة وما تلاها من صراع، باستخدام مبدأ خذ وطالب.
كل حفلات التهاني والتبريكات للرئيس المصري الجديد ستتلاشى سريعاً مثل وهج ألعاب نارية، لتبدأ المطالبات والانتقادات وفتح ملفات متضخمة، وهو ما يفترض أن الرئيس محمد مرسي والحزب مع الجماعة جاهزون له، ومشكلة الرئيس مرسي أنه لا يملك كاريزما زعامة تختطف قلوب الجماهير وتلهب عواطفها، وهي ميزة لها حاجة ماسة للتعاطي مع اللعبة السياسية الانتخابية، لذلك ليس أمامه إلا النجاح في الأداء تحت عيون المجلس العسكري وبقايا الحرس القديم، هي بالتأكيد ليست بالمهمة السهلة، وإذا وفق الرئيس الجديد في إيجاد حل لملف واحد من الملفات التي تثقل كاهل الشعب المصري سيجد جداراً يستند إليه ليكتسب شرعية أخرى أكثر قوة، وفي أهم الملفات الاقتصادية يبدو أن خيار حزب الحرية والعدالة المصري هو خيار اقتصاد السوق، في لقاء معه في صحيفة المصري اليوم قال القيادي البارز في حزب الحرية والعدالة رجل الأعمال حسن مالك: «لا يوجد في أفكار حزب الحرية والعدالة ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي بالشكل الذي تتناوله بعض وسائل الإعلام، حيث أنهم يسعون إلى دولة مدنية تكفل جميع الحريات مع اقتصاد حر مفتوح يقوم فيه القطاع الخاص بدوره الحقيقي في البناء، بما لا يعفي الحكومة من دورها». والكلام جميل والمشكلة في التطبيق، فهذا الخيار تعلن معظم دول العالم الثالث أنه منهجها الاقتصادي ولم تحقق تقدماً يذكر بل تتراجع.
فيتامين «د»
إلى وقت قريب كانت عبارة فيتامين «د» تعني في «المحكي» الحصول على شهادة الدكتوراه كسلم من سلالم الوصول والتمركز أو مصعد من مصاعد «الطلوع» إلى فوق، وظيفياً واجتماعياً وحتى إعلامياً، ولا يهم سواء أكانت شهادة صحيحة أم مزيفة، وخلال العامين الماضيين برزت في وسائل الإعلام موجة طبية تحذر من نقص فيتامين «د» وآثار هذا النقص على صحة الإنسان من هشاشة العظام إلى ضعف المناعة.. إلخ. بحسب الأطباء لفيتامين «د» دور في امتصاص الكالسيوم، وأصبح في أعلى قائمة تحليل المختبرات الطبية بند بارز خاص بمستوى فيتامين «د»، يحرص موظف أو اختصاصي المختبر على ذكر توفر الكشف عنه للمريض أو المراجع، ووصل الأمر إلى الإعلان عن نتائج دراسات خلصت بعضها إلى أن 90 في المئة من سكان الخليج يعانون من نقص متفاوت في هذا الفيتامين المهم، يصل إلى مستويات خطرة على الصحة ويخبر بحسب رأيهم عن أسباب تفشي كثير من الأمراض، والمفارقة أن بلاد الخليج من البلاد المشمسة بل وشمسها ساطعة بسخونة معظم فصول العام، وأشعة الشمس من مصادر هذا الفيتامين، وتزداد نسبة النقص عند النساء والأطفال أكثر من الرجال، ويقول المختصون إنه يجب تعرض معظم أجزاء الجسم لأشعة الشمس ربع ساعة أربع مرات أسبوعياً في الصباح أو قبل الغروب، ويحد من هذا الحاجة إلى التعري أو نزع معظم الملابس في مجتمعات محافظة. هذا تقريباً خلاصة ما قرأته من حوارات ودراسات لمختصين عن ظاهرة نقص فيتامين «د». ولا أخفي على القارئ الكريم أن أول بروز لهذا الاهتمام دفعني للشك التجاري في المسألة، وسألت طبيباً عاماً من الأصدقاء عن رأيه في جرعة الاهتمام الإعلامي الزائدة فأسر لي أنه يستغرب ذلك! فقلت: «يبدو أنك دقة قديمة»، ولا يمكن لي التقليل من أهمية نقص فيتامين «د»، بل أحث على الاهتمام به وإضافته للحليب والألبان، وإلا سنجد «المفاصيخ» يكثرون في الشوارع، وإن كنت أتمنى التقليل من أهمية شهادات «فيتامين دال» سالفة الذكر أي شهادات الدكتوراه، خاصة عند الاختيار للوظائف والمناصب المهمة، أما غير المهمة فلا مانع، وعندي شبه يقين أن القارئ لو خُيّر بين نقص فيتامين «د»، أو نقص فيتامين «واو»، لاختار الحصول على جرعة كافية من الأخير، حينما يحصل عليه سيركض مطمئناً إلى السطح بأقل قدر من الملابس والهموم.
June 23, 2012
شد الشعر… الاجتماعي!
شكاوى أيتام «دار الحنان» بجازان تعيد فتح ملف الرعاية الاجتماعية على مصراعيه.
تابعنا تجاوزات وقعت في دور تتبع مباشرة لوزارة الشؤون الاجتماعية، لذلك من غير المستغرب حدوث تجاوزات في دور تشرف عليها بشكل غير مباشر أو من بعيد، حيث أن دار الحنان تابعة لجمعية الملك فهد الخيرية بجازان، ولفت نظري إشارة المشرف على جمعية حقوق الإنسان في جازان المنشورة في صحيفة «الشرق»، في معرض تعليقه على قيام مشرفة بشد شعر إحدى النزيلات اليتيمات، حيث وصف ذلك بأنه سوء تعامل وليس عنفاً، ونحن نعلم أن وصول «التعامل» بين الأطفال والنساء إلى شد الشعر، يعني درجة من درجات العنف لا يمكن تصنيفها إلا بقوة الشد. هناك لجنة من إمارة جازان تحقق في القضية، وصحيفة «سبق» الإلكترونية نقلت عن إحدى المشرفات، ومما قالت: «إنه قبل زيارات المسؤولين الرسمية يتم تنظيف الدار والاعتناء بها وإلباس الأيتام ملابس نظيفة، وبعد إنهاء الزيارات تعود الأمور للفوضى والإهمال وسوء المعاملة». وتضيف: «الدار كانت على موعد الشهر الماضي مع زيارة لمسؤولين من الرياض، ولكن المستودع الذي يستخدم لتخزين المواد الغذائية في الدار كان خاوياً، فتم تأمين المواد الغذائية سريعاً تلافياً لانكشاف سوء الإدارة، وهدر أموال الدار. علماً أن مصروف كل يتيم أو يتيمة يبلغ نحو ٣٨٠٠ ريال في الشهر».
وهذه الأساليب التي ذكرتها المشرفة متفشية تتجاوز دور الرعاية إلى المشاريع والطرق الموصلة لها، وهي شكل من أشكال النفاق وتزييف الواقع، فالعيون على فوق لا أسفل! وأتذكر هنا موقفاً تبرعت فيه إحدى الجهات بمواد غذائية لأسر محتاجة، وكان المخزن المتوقع لاستقبال هذه المواد هو مستودع الجمعية الخيرية في البلدة وفيه كمية لا بأس بها من المواد الغذائية، جرى نقلها على عجل حتى يظهر المستودع فارغاً. هذا في المستودعات ولك أن تفكر في الأرصدة البنكية!
***
إحدى الأخوات في «تويتر» اقترحت تعويض الطفلة الأفغانية راضية وأسرتها عن مأساة عاشتها أربع سنوات، أقلها ترضية لراضية، على رغم أن أي تعويض لن يمحو ما أصابها من حياتها، أضم صوتي إلى هذا الاقتراح مع بيع مقتنيات جنيدي وجمالات بما فيها السيارة وتقديمها هدية لراضية المسكينة.
June 22, 2012
جنيدي… وجمالات
وبحسب ما نشر في تلك الفترة، كانت شرطة المدينة المنورة تبحث في قضية بلاغ عن العثور على جثتين لطفلتين وضعتا في حقيبة، أبلغ عنهما مواطن بسبب الروائح الكريهة المتصاعدة، واكتشف لاحقاً أن الجثتين لطفلتي جنيدي نفسه، ماتتا بمرض ذات الرئة، واحتفظ بجثتيهما في حقيبة لسبب غير معلوم، ثم رماهما حين قرر الرحيل من خلال بوابة «الترحيل»!
لكن رغبته في السفر تلك جاءت مع إصرار على الاحتفاظ بالطفلة الأفغانية المخطوفة، هذه الرغبة الملحّة كشفت خيوط جريمة بشعة تقشعرّ لها الأبدان، وتشبه إلى حد ما القصة المصرية الشهيرة عن السفاحتين الشقيقتين ريا وسكينة. في لقاء صحافي معها، قالت الطفلة الأفغانية لصحيفة «المدينة»: إنها أصبحت «تخاف من الستات»، فلم تعلم «راضية» الصغيرة وهي تستجيب لطلب أخت المجرم جمالات للذهاب معها إلى المنزل لتسديد ثمن غرض اشترته، أنها ذاهبة إلى أربع سنوات من السجن والاغتصاب وضرب وتعنيف مع سوء تغذية، «وجبة واحدة في اليوم تقدم من تحت الباب».
جاء الحكم العادل، وتم التنفيذ الأسبوع الماضي، وأول حكم صدر في القضية كان في أواخر عام 1430هـ جرى تمييزه في منتصف العام الذي تلاه.
أعدت استذكار الجريمة البشعة مع شيء من الارتياح، بعد إعلان تنفيذ الحكم الذي كنا ننتظره ونسيناه مع مرور الزمن، وهي مناسبة للإشادة بالقضاء والحكم العادل الذي يحفظ الحقوق ويقطع دابر الإجرام والمجرمين، وكنت أتمنى أن نحصل على مزيد من المعلومات عن ذلك المجرم وشقيقته وزوجتيه اللتين كتب أنهما على علم، فالذي يقترف مثل هذه الجريمة ببرود وهدوء قد تكون له سوابق، فلا يعلم كم مكث في البلاد، وقصص ضياع الأطفال حول الحرمين كثيرة، والأدهى والأمرّ أن جنيدي كان معلماً في مدرسة خاصة، وتقول صحيفة «عكاظ» في خبر لها، إنه عرف في الحي الذي يسكنه بالتدين، وصورته المنشورة تخبر عن استغلال منتشر لمظاهر التقى والورع، وربما – والله أعلم – يكون معلماً أيضاً لمادة من مواد الدين! لكن تخيل معي لو لم يقرر جنيدي الرحيل كم كان على الطفلة راضية الانتظار؟
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

