عبدالعزيز السويد's Blog, page 160
December 31, 2012
الوعي ليس نفطاً!
ليس لنا دور في تكوين النفط، انحصر دورنا في استخراجه واستثماره، ثروة «بأخو البلاش»، تكونت في باطن الأرض منذ ملايين السنين، بفعل عوامل طبيعية. الطلب عليها مرتفع، والحاجة إليها ملحّة، والكميات المتوافرة ضخمة جداً، ويمكن قياسها ولو بالتقريب.
هنا لا يُستغرب الرهان على النفط، وإن كان طول مدة الرهان خطأ، لكن الوعي أمره مختلف، فالمراهنة عليه تستلزم أدوات تغذية ومبيدات تقتل آفات تصيبه، مثلما يحتاج إلى تصحيح مستمر، حتى لا ينحرف أمام المغريات.. فهل هذا متوافر؟
إذا افترضنا أن الوعي كامن لا يُستخرج أو ينتظر اندفاعه، مثل بئر نفط فوار، هو بذور بحاجة إلى من يستنبتها، ويعتني بها ريّاً ووقاية من آفات تحرص على ابتلاعها. هكذا هي المعادلة في نظري.
لذلك فإن الاتكاء أو الرهان على الوعي – كما يحب كثير من المسؤولين الرد على قضايا – هو رهان خاسر.. الخسارة المحققة منه تقع على الجميع، هو رهان لا يعدو كونه شراءً لمزيد من الوقت بما يضخّم عقبات نعاني منها.
المراهنة على الوعي تستلزم حماية المتوافر منه، وتحصينه، ومحاربة ما قد يعتريه من آفات، لتتسع رقعته، ويزداد عمقه، وإلا فهو سيقبع محدود النمو تتجاوزه المتغيرات ثم سيندثر.
تخيل… بل اسأل معي: هل اكتفت الدولة بالرهان على الوعي في مجابهة الإرهاب؟، أم أنها جنّدت كل السبل والإمكانات لتلك المواجهة بما فيها الأمني والمالي والإعلامي والاجتماعي؟. كان الرهان على التوعية جزءاً يسيراً من خطة المواجهة، ثم هل اكتفت بمؤشرات انحساره أم أنها بقيت يقظةً حذرةً؟، فلماذا إذاً ارتفعت الأصوات ضد تزايد عدد الجرائم، من سطو وسرقات منازل أو سيارات، وانتشار ظاهرة تفحيط دموي يقتل العشرات، ومعها حالة مرورية بائسة، لا يتركز رد المسؤول سوى على الوعي ورهان عليه. إن النتيجة لهذه الرؤية – إنْ جاز وصفها بذلك – هي خسارة من بقي لديه شيء من الوعي، وهي خسارة ضخمة لو تعلمون.
December 30, 2012
المواطن موظف «تلر»
في حديث جانبي عن نشاط جهاز حكومي تحدث المسؤول عن مشروع، وحينما جاء ذكر الكلفة قال مبتسماً «الأرقام التي تعجب الصحافيين»، توقفت عند هذه العبارة، صحيح أن الصحافة تبحث عن عناوين وأرقام، لكن هذا لا يعني أنها الهدف الوحيد، الأرقام مؤشر، ليس إلا! القيمة الحقيقية لا تُحدث أثراً إلا عند حضور الإنجاز وتلمسه.
وكأن ضخ الأرقام الضخمة تحول إلى هدف، على رغم أنه معلومة من ضمن قائمة من المعلومات عن مشروع أو خطط وموازنات، إنما معلومات أهم تغيب أو لا يجري الاهتمام بها ربما لنوعيتها وحاجتها إلى تفاصيل وتقصٍّ.
ولا يبدو الخطاب الإعلامي الرسمي مستجيباً للمتغيرات في الداخل والخارج، من الواضح أنه لا يستطيع ذلك، ضخ الأرقام ثم إعادة ضخها مرة أخرى بعدما ثبت عدم تأثيرها، أو استنفاد تأثيرها خلال سنوات خلت، يؤديان إلى عكس النتائج المرجوة، خصوصاً مع إعلانات رسمية عن إخفاقات.
من كثرة الأرقام يتحول المواطن إلى موظف «تلر» في بنك، وظيفته لا تتعدى عد وفرز النقود، علاقته بها تنتهي بعد صرفها أو إيداعها في حساب المستفيد، حتى «مرحباً ألف» لم تعد مؤثرة عند التحية، فما هو الألف مع البلايين؟ تضاءلت الأرقام الضخمة فانتبهوا من تضاؤل الأحلام المرتقبة!
ما هي الأسباب؟ من الأسباب وصولنا إلى حالة تشبع من الضخ «الرقمي» مع إنجازات على الأرض لا تتوافق مع القدرة والحاجة، الأخيرة أسرع في الاتساع من لحاق الأولى، لدينا فائض في التشبع الرقمي أيضاً مثلما يقال عن فائض الموازنة، إن ما نحتاج إليه أكثر من تكرار ضخ أرقام الموازنات في تصريحات لاحقة ستستمر بحسب طبيعة صحف محلية، الحاجة هي لإصلاح إداري واضح المعالم، نحتاج إلى أن يقال علانية للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، التوازن «للمجتمع» مهم في الضخ الإعلامي مثلما هو مهم في الموازنة.
December 29, 2012
هل نستقدم كولمبو؟
تبقى قصص جرائم العاملات المنزليات بنهايات مفتوحة، مثل فيلم بوليسي لم يستطع مؤلفه العثور على نهاية تعجبه، فأحال النهاية إلى خيال المشاهدين، في هذه الجرائم لا تعلم التفاصيل المهمة، كأننا بحاجة لاستقدام المحقق الشهير كولمبو، ليخبرنا في نهاية الحلقة عن المهم، أكثر ما يتم التركيز عليه هو كيف حدثت الجريمة؟ وفي آخر واحدة منها وصف تفصيلي شبيه بإعادة تمثيل الجريمة في ساحتها، الرواية معززة بحضور عضوات من جمعية حقوق الإنسان بحسب صحيفة «الوطن»، ذكرت واحدة منهن، عن تشكيل لجنة لإجراء دراسة! «توكم تفكرون؟».
أما هيئة حقوق الإنسان، فاهتمت بإعلانات عن كيف تعامل العاملة المنزلية؟ ولم تهتم بماذا فعلت عاملات منزليات؟ ولماذا فعلن ما فعلن؟ وكأن عملها معني بتحسين الصورة أكثر من إصلاحها.
في الجانب الآخر، تختفي القضية. الجريمة مهما بلغت شناعتها، آخر خبر تقرأه عنها هو إحالتها لهيئة التحقيق والادعاء «قضايا الاعتداء على النفس»، كتبت مرات عن غياب الهيئة عن الحضور الإعلامي، وفي آخر مرة وصلني رد من مدير التطوير الأستاذ عبدالعزيز الخيال، يذكّرني بالتالي «أحيط سعادتكم بأن المادة الـ67 من نظام الإجراءات الجزائية نصت على أن: تُعد إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تُسفر عنها من الأسرار التي يجب على المحققين ومساعديهم – من كتّاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم – عدم إفشائها، ومن يخالف منهم، تعينت مساءلته»… انتهى.
طيب، هذا يمكن تفهمه، حتى لا يتأثر التحقيق بالنشر، لكن ماذا عن قضايا تم الانتهاء من التحقيق فيها؟ لماذا لا تعلن الهيئة إحالتها للقضاء في بـــيان رســمي؟ سألت نفسي أيضاً من هي الجهة التي تراقب عمل الهيئة؟ لم أعثر على جواب، ربما لتدني ثقافتي القانونية، يبقى السؤال المهم، هل هناك مصلحة في أن يبقى المجتمع «مجهلاً» بما يحدث من جرائم تطاوله وتؤثر فيه؟ ولماذا حدثت؟ وحتى لا تتكرر لم يستمر أسيراً للتعتيم ونهباً للإشاعات؟
December 28, 2012
اضحك مع وزارة «البترول»!
كم من جهة أو جهاز حكومي «ينأى» بنفسه عما يطرح في الداخل، على رغم أن صلب عمله هو الداخل؟
النأي هنا بمعنى عدم التفاعل و«التطنيش» أو التفاعل البطيء، من خلال وسيط يحتفظ باسمه وصفته الوظيفية.
بحثت عن موقع لوزارة البترول والثروة المعدنية على الشبكة لمزيد من المعلومات حول قضايا عدة، منها قضية منجم الذهب أو النحاس، والرخصة التي أعيد بيعها، اكتشفت أن موقع الوزارة معطّل، أو غير موجود من أساسه، على رغم وجود رابط أو تحويلة تدل عليه، لكن هناك موقعاً لوكالة الوزارة للثروة المعدنية، وهو مثل منجم قديم مهجور بعد ما أكل خيره، وعلى رغم أنه رابط عن الأخبار والمقالات، فلا يوجد أي خبر في أي عام. سبب البحث محاولة تقصي النصوص الرسمية لردود الوزارة، تعودنا من بعض جهات أن تضع اللوم على صحيفة أو صحافي عند النشر، في عدم فهم النص أو نشره مقتضباً، كان من المهم البحث، خصوصاً وهي تصرح بمصدر مسؤول لا يكشف عنه، ولا متحدث رسمياً لديها، لذلك يمكن الاعتماد بهدوء واطمئنان على ما نشر في أكثر من صحيفة حول قضية «رخصة التعدين».
يتضح من المنشور أن همّ الوزارة الأول محصور في عدم مراجعة أصحاب شركة بريق المعادن لها، القصة في الأوراق، ويمكن لهم تعديل الملكية، وسينتهي الأمر عند هذا الحد، بحسب توقعاتي.
قال المصدر الرسمي إن الصخور والمعادن ملك للدولة، ولم يذكر ما هي مهام حارس الملكية إذا كان لم يعلم إلا متأخراً.
لم توضح الوزارة ما هو العائد من التعدين على الدولة والمجتمع من منح الرخصة إلى إعادة بيعها، وفي نموذج «بريق المعادن» ذكرت أرقاماً بالبلايين، قالت إنها لا تعلم عنها شيئاً.
لكن الوزارة التي تنأى بنفسها – إذا رغبت – عن الخوض في قضايا الرخص والتراخيص، كيف تم منحها؟ تحضر بقوة كما تفعل في مواجهة حقوق المواطنين من سكان مهد الذهب ومعاناتهم من التلوث ضد شركة معادن، استطاعت الوزارة بمشاركة جهات أخرى تأجيل القضية ومطها مرة بعد أخرى، فالحقوق هنا لمواطنين ضعفاء لا يهم ما يعانون منه بقدر ما يهم إطالة أمد القضية لتبقى معلقة، والسؤال الذي يطرح نفسه، الذي لم يحافظ على حقوق المواطنين في قضية مثبتة علمياً، هل سيحافظ على حقوق الدولة في الصخور والمعادن؟
December 26, 2012
طفل مريض على رصيف بارد!
«لن نتهاون في حال تلقي شكوى رسمية»، كان هذا موجز رد مدير الإعلام الصحي في صحة المدينة المنورة عبدالرزاق حافظ ضمن خبر لصحيفة «عكاظ» عن طفل مريض مسجى على الرصيف، وحوله ثلاث نساء أخرجه «مجمع عيادات» إلى الرصيف.
مدير الإعلام الصحي قال إن صحة المدينة «لن تتهاون في مثل هذه الأمور»، مشيراً إلى أنه في حال تلقي شكوى رسمية من ذوي المريض، سيتم اتخاذ الإجراءات النظامية لمحاسبة المقصرين.
فتشوا معي أين «الصحي» في الإعلام هنا؟ الوزارة أو فرعها في المدينة لا علاقة لهما إلا إذا تقدم ذوو المريض بشكوى، وهم ينتظرون.
ما هي وظيفتكم بالضبط سوى منح الانتظار لمنتظر؟ الرقابة بانتظار شكوى، حسناً ماذا يفعل من لا يستطيع الشكوى؟ ألا نعلم دهاليز الشكاوى؟
أرى أننا نتأخر نتراجع، في سنوات مضت كان نشر خبر من هذا النوع في صحيفة بمثابة بلاغ رسمي، المتصل الرسمي يسأل فقط عن المعلومات، وقد يكتفي برقم هاتف المعني بالقضية، أما «لن نتهاون وننتظر شكوى»، فهو كلام معوج، لا يقدم ولا يؤخر، التهاون حاضر فيه حضوراً دافئاً.
قال «ننتظر شكوى» إذاً ما هو الخبر أليس «معروضاً» معززاً بصوره؟ أسمع من موظفين عن جهود وزير الصحة، وقرب فتح مستشفيات جديدة، وسمعت منه أيضاً عن ذلك، ولكنني أعلم أن هذه «الحال الوظيفية» في التعامل مع قضايا مثل طفل مريض رمي على رصيف بارد هي أساس المشكلة في الخدمات الصحية، إنها تقوض الجهود، وتمسح أثر محاولات الخروج من عنق الزجاجة، إنها باردة برودة الرصيف على الطفل وقلب أمه.
December 25, 2012
دراسة متكاملة الوجوه و «الكتوف»
من أيسر الأجوبة عند طرح قضية، بحثاً عن حلول، القول بضرورة إعداد دراسة عنها. يُستخدم الجواب كثيراً في الإعلام من مسؤولين أو من حريصين على الظهور بأقل قدر من الخسائر.
صحيح أن دراسة قضية هو مقدمة لمعرفة أوجه النقص وتلمُّس أدوات العلاج الناجع. هذا صحيح نظرياً وعملياً، ولا خلاف على ذلك.
لكن تجربتنا الإدارية، لا سيما الحكومية منها، استطاعت تغيير هذا المفهوم البسيط المتفق عليه، ولأن التصريح والقول بـ «ضرورة إعداد الدراسات» صار وسيلة، للهروب إلى الأمام مماثلاً لـ «قريباً» و «سيتم ونسعى»، فيه تأجيل وتسويف، واحتمالات أخرى ضعف تأثيرها فقد تم تطويرها.
العبارة المستخدمة عادة هي «ضرورة إعداد الدراسات» أو «إننا بصدد إعداد دراسة». وفقدانُ أثرها الإعلامي، دفع إلى تطويرها وفق نظرية النشوء والارتقاء في ما يبدو. كانت «إعداد دراسة»، ثم أصبحت «إعداد دراسة متكاملة»، ثم تطورت إلى «إجراء دراسات استراتيجية علمية متكاملة»، حصلت على ترقية أخيراً، لتصبح «إعداد دراسات استراتيجية علمية متكاملة من الوجوه كافة»، لاحقاً سيتم إلصاق الوجوه بالأكتاف لمن يعرف طرق هبشها.
من أسباب تحول إعداد الدراسة إلى عذر، أنْ لا أحد سيُسأل عنها، وهل تمت، وتالياً… طُبقت أم لا؟ وربما يقوم مسؤول جديد بحفظ دراسة أعدت ممن سبقه، لأن شبحه حاضر في المكتب.
أكبر «دراسة» تعد في البلاد هي خطة التنمية. وزارة كاملة تقف خلفها، وموظفون كثر لا شغل لهم إلا «العمل عليها». انظرْ ماذا تحقق من هذه الخطط. مع وزارة تقف خلفها، هذي هي حال الكبيرة فكيف بالصغيرات المنتشرات في كل ركن حكومي يحتاج إلى مكبر للبحث والتدقيق.
December 24, 2012
صيانة الطائرات.. ماذا عن الموظفين؟
بعيداً عن «صورتنا» في الخارج التي دائماً ما تشغل البعض على حساب ما هو أهم، وكأنهم يقولون، «وين نودي وجيهنا»، تهمنا السلامة أولاً، سلامة كل راكب وفرد من الطاقم الطائر، الخطوط السعودية ردت على ما نشر حول قرار الإيقاف الموقت من قبل منظمة السلامة الأوروبية لشركة الصيانة التابعة لها بقولها، إنها تتبع المعايير نفسها ولم تتغير، «ملاحظات تم الرد عليها وننتظر»، ثم أشارت إلى أن الرحلات لن تتأثر، مع إضافة حصرية أن الإيقاف الموقت خاص بصيانة الطائرات في المطارات الأوروبية.
حتى لو حاولت تصديق «جماعتنا» في الخطوط يبقى في نفسي بعض الشكوك، لأن الأمر يتعلّق بالسلامة، ولعلنا نتذكر تكرار حوادث داخلية وخارجية في فترات مختلفة، كتبت عن بعضها في حينه، كما لا ننسى صور قطع غيار في مستودعات مهملة وغيرها. حتى آخرين مثلي لا يعرفون من الطائرة إلا ربط حزام المقعد لم يقنعهم القول بأن صيانة الخطوط، أو «الشركة السعودية لصيانة وهندسة الطائرات» تتبع «الإجراءات الأميركية»، فما الذي تغيّر لدى الأوروبيين!؟
قرار الإيقاف الأوروبي «الموقت» يثير القلق للمسافرين بالداخل قبل غيرهم، الخارج محمي بأجهزة لديها من يحاسبها، أما نحن فمن يحاسب بل من حوسب!
زاوية أخرى مغيبة لها صلة رئيسة بالقضية، وهي عن أوضاع موظفي الصيانة في الخطوط السعودية، فهم يطالبون بالمساواة مع غيرهم من موظفي الناقل الرسمي. يوضح أحدهم في رسالة عدم المساواة في نقاط، أن الترقيات لموظفي الصيانة تتم كل خمس سنوات، وللإداريين كل سنتين، والزيادة السنوية لهم 3 في المئة، في حين أنها لغيرهم 5 في المئة، وتم استثناء موظفي الصيانة من الشيك الذهبي إلا لمصاب بالعجز! كما تمت زيادة رواتب الطيارين والملاحين 40 في المئة، ولم ينظر في طلب موظفي الصيانة في الزيادة، أيضاً أصدرت إدارة الخطوط قراراً بترقية من مكث خمس سنوات من دون ترقية، واستثني موظفو الصيانة من هذا القرار، وعند التقاعد تحسم بدلات موظف الصيانة ويعطى راتباً لا يتماشى مع مدة الخدمة. إذا كان بعض هذا «التمييز» في التعامل صحيحاً فهو كافٍ وحده لتراجع كفاءة صيانة الخطوط، فهل هذا من بنات أفكار الخصخصة؟
December 23, 2012
«الإخوان» والجيران بين رسائل وحوار
هل هناك موقف خليجي من «الإخوان المسلمين؟»، أجاب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني بقوله «إن لا موقف من دول الخليج تجاه أي قيادة يرتضيها الشعب في أي دولة عربية»، مؤكداً «أنه شأن داخلي». كانت الإجابة عن سؤال للزميل جميل الذيابي، في حوار نشرته «الحياة». وفي الجواب رسالة مهمة حتى وإن بدت ديبلوماسية، فالأمين لم يذكر اسم الإخوان بل عمَّم، ومع هذا فهو لا يقلل من أهمية الرسالة في جو مشحون يلف المنطقة.
أهمية مثل هذه الرسائل تأتي من فراغ نشأ بسبب عدم إعلان «مواقف»، غياب أحدث فراغاً حشاه الإعلام واستثمره الكثير، فئات مختلفة، وفيهم تجار شنط سياسة يحضرون عادة في هذه «المناسبات» من دون دعوة. عدم تكرار تأكيد وإعلان الموقف دفع بصورة ضبابية للواجهة عن الموقف تجاه «الإخوان المسلمين».
في العلم أن العلاقات التاريخية شائكة بين «تنظيم» الإخوان ودول الخليج، تفجّرت من استغلال «الحضن» الخليجي فترة القمع والملاحقة التي تعرّض لها الإخوان، ما أدى إلى آثار سلبية في بعض دول الخليج، وساهم في إنتاج تنظيمات متطرفة، التوجس الخليجي مبرر وله أساس، ويزيد منه تصاعد دعوات أقطاب في تنظيم الإخوان إلى دولة «الخلافة»، وبروزها أكثر مع وصول الإخوان للسلطة في دول عربية، مع استهداف إعلامي واضح لدول الخليج في تصريحات علنية، ودعوة مثل تلك مع محاور إقليمية جديدة، لا شك ستكون على حساب دول قائمة، استهدافها لا تخطئه العين.
حُسن النوايا لا وجود له في السياسة، لكن فيها مساحة من المرونة لتفاهمات، خصوصاً وفي واقع العلاقة الشائكة مجال فسيح لقوى أخرى تنتهز الفرصة، لنستعيد موقفاً اتخذ من «حماس» بترغيب وحض غربي تم لاحقاً استثماره من إيران لتصبح لاعباً أكثر توغلاً في المنطقة العربية.
في الجانب الآخر كشفت الأشهر القليلة لتولي حزب الإخوان السلطة في مصر عن ضعف التجربة مع ارتباك. أدى الحرص على السلطة إلى أخطاء كارثية مؤكد أنها ستستخدم ضد الإسلام نفسه مستقبلاً، ولم لا وبعض «الطيبين» لا يرون «الربيع العربي» إلا ربيعاً إسلامياً!؟
من المبكر الحكم على تجربة سلطة الإخوان في مصر، مع زخم الـ «نعم» للدستور في مصر، إنما مؤشرات الخطوات الأولى لا تشير إلى نجاح سياسي، فكيف بالتخفيف من قضايا ثقيلة تعاني منها مصر والمصريون؟ لكن المؤكد حاجة واضحة لحوار صريح وشفاف بين دول الخليج والإخوان تنظيماً وأحزاباً سياسية، يطرح على الطاولة كل الهواجس، ويبني أسساً لعلاقة تحقق المصالح المشتركة وتسد فجوات تستغل من قوى إقليمية ودولية.
December 22, 2012
تسميم البيئة
تتوالى الانكشافات في أرامكو «الصرح» الإداري، فبعد الكشف عن ضربة النظام في أضخم عملية اختراق اهتم بها العالم، وعلق عليها كبار مسؤولين دوليين، يطل خبر صغير عن اختراق من نوع آخر، لن يتوافر له اهتمام إعلامي مماثل.
شركة متعاقدة مع أرامكو تقوم بغسل براميل من مادة «الميثانول» السامة في أراض زراعية في المنطقة الشرقية، ثم تعيدها لـ«أرامكو».
الشركة «المنظفة» تعمل منذ ثمانية أعوام، وبحسب خبر لصحيفة «الشرق» فإن الأرصاد قالت إنها على علم بالقضية وأنذرت الشركة، أيضاً البلدية أنذرتها «قبل يومين من نشر الخبر»، والزراعة شكّلت لجنة، ولم تصلها شكاوى من المزارعين! وأتوقع أنه إذا وصلتها شكاوى أيضاً ستشكل لجنة، والمعنى أن اللجنة «فينا فينا»!
مع عدم التخفيف من مسؤولية الزراعة والأرصاد مع البلديات، أركز على شركة أرامكو، الحصن الإداري المنضبط كما يقولون، وما يتردد عن اشتراطاتها عالية الكفاءة والجودة على مقاولين يعملون معها، كيف سمحت شركة أرامكو بالتعاقد مع شركة تلوث البيئة بمواد سامة بهذه الصورة، بل إن الشركة بحسب الأرصاد غير مرخصة؟
أعتقد أننا بحاجة للحديث عن المسؤولية الوطنية بدلاً من المسؤولية الاجتماعية التي طفرت، وتغنت بها «إعلامياً» بعض الشركات. المسؤولية الاجتماعية تبدأ بمنع الضرر، وعدم التسبب فيه للمجتمع والمواطن قبل التنويه عنه في فعاليات توعية أو ترفيه، وأرامكو في قبولها وتعاقدها مع شركة كتلك، فرّطت في حماية البيئة، وقبلت بتلويثها لأعوام! كل هذا يخبر عن أن الهالة التي غلفت صورة أرامكو فيها من المبالغة الكثير. إنها لا تختلف كثيراً عن الأجهزة الحكومية الأخرى سوى أنها شركة نفط.
December 21, 2012
التفحيط وهيبة الدولة
لنترك المفحطين على جنب، لننظر إلى المسالمين الغادين والرائحين في الطرقات، ما ذنب هؤلاء في مفرمة القتل المتحركة؟ وأين حقوق أمنهم وطمأنينتهم على الدولة والحكومة، وهم الكتلة الكبيرة والمفصل الأهم؟
في آخر جريمة تفحيط قتل رجلان، كانا يسيران بهدوء في سيارتهما للوقوف على قطعة أرض، خبطتهما سيارة المفحطين المسرعة فماتا على الفور، وبحسب «سبق» كشف «مصدر خاص بمرور الرياض»، أن المفحط معروف!
تحول المرور إلى نشرة أخبار طقس المفحطين في غروب البعارين والتشاليح، غروب الأرواح، يصف ويعلق على الحدث، النتيجة خمس وفيات وإصابة سادسة حرجة، مع ترويع آمنين، وبعدها في الشرقية دهس مفحط عشرة أشخاص ثلاثة منهم في حالة خطرة.
إن ما حصل ويحصل في قضايا التفحيط النازف ليس إلا اختراقاً للهيبة الأمنية وهيبة الدولة، التهاون ضخّم القضية لتكبر، أكبر من جهاز مرور، والذي يهون من هذا قائلاً «وغدان» وصغار سن لا يتحسبون للعواقب، نقول له ما ذنب الآخرين؟ والذي يقول افتحوا ميادين لهم نرد عليه بأن في هذا رائحة «استغلال» تجاري مخجل تعافه النفس الكريمة، في كل الأحوال سيتسلل لهذه الميادين صغار ويتعلمون التطبيق في الشوارع على رغم أنف أسرهم.
من العجب أن علماء لدينا لم يتحركوا لتنظر في هذا الأمر الجلل، فهل من اللازم أن تحدث كارثة واحدة ينتج منها أكبر عدد من الوفيات؟ هل أصبح لدينا سقف أعلى من القتلى يضغط على جرس الاهتمام؟
كثيرون يتحدثون في شؤون الخارج ويفتون، لكن لا يهمسون همساً في قضية قتل متحرك مثل هذه، لا يضعون النقاط على الحروف، تحولت المركبة إلى آلة قتل مسرعة. والأمر يحتاج إلى تغليظ العقوبة بشكل رادع وتطبيقها بصرامة، فتوى من هيئة كبار العلماء يبنى عليها قانون، يشمل كل أطراف القضية من المفحط ومن معه، إلى من يؤجر السيارة أو يسرقها. تم التهاون بسرقة السيارات ودكاكين تأجيرها وتزييف اللوحات، فأنتجت لنا خبزاً محروقاً برائحة الدماء.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

