عبدالعزيز السويد's Blog, page 151
April 12, 2013
من يعلم ومن لا يعلم!
لا أغزر من الحديث عن دعم المنشآت الصغيرة وشباب وآنسات الأعمال، وهو حديث قديم لم يستجد فيه سوى تصاعد الحديث عن دور المرأة في القطاع الخاص توظيفاً أو استثماراً.
لكنك لا ترى واقعاً يثبت تغييراً حدث في الدعم والمساندة ، وأن هذا الطريق معبد ، مع إضاءة واضحة تغمره، ليمكن استخدامه.
بالنسبة للكيانات أو المنشآت الاقتصادية الكبيرة وكثير من المتوسطة تلك التي «عتقت» ووقفت على رجليها، الأمر يمكن التعامل معه ، أحياناً تأتي المعلومات تمشي على رجليها ، مثل العلم بطريق ما زال في طور التخطيط ، من يعلم عنه سيحقّق نصيباً وافراً من أحلامه ، لكن المنشآت الصغيرة ومن يرغب في الدخول إلى مجال العمل مستثمراً في القطاع الخاص ، لا يعلم شيئاً يذكر عن المستقبل . أقصد به مستقبل الأنظمة ، خصوصاً لوزارة العمل ، هل هناك تغييرات فجائية من رسوم واشتراطات قد تطيح بكل أحلامه؟
وإذا أخذنا وضع العمالة وقرار تصحيح أوضاعها بعد ثلاثة أشهر ، نتذكر أن هذه القضية أهملت لعقود ، حتى خُيل إلى البعض أن نظاماً «غير مكتوب» هو ما ينظم هذا الفلتان!
العزم على هذا التصحيح ثم إيقافه بعد أيام قليلة من بروز «العين الحمراء» الرسمية، جاءت بعده الغرف التجارية و«شركات الاستقدام»، لتقدم مقترح الاستفادة من العمالة غير النظامية، بإعادة تدويرها «تنظيمها» من خلالها، ومن المتداول أن هذه الشركات حصلت عند تأسيسها على الآلاف من التأشيرات لم يعلن العدد ، ولا يعرف هل تم استقدامها وفلتها في الأسواق؟ وعلى رغم أن الفكرة في ظاهرها جيدة، إلا أنها تخفي استغلالاً لمشكلة قامت ونشأت ، ولقطاع الاستقدام دور كبير فيها، مع تراخ طويل من الأجهزة الحكومية المعنية! جاء اليوم الذي يعاد فيه استثمار مشكلة.
أعلاه أسئلة برسم وزارة العمل لا يتوقع إجابتها عليها ، مع ذلك أعود إلى غرض المقالة الأساسي ، كيف لمن يريد المخاطرة في سوق العمل من خلال منشأة صغيرة أن يطمئن إلى مستقبل استثماره، والوضع ضبابي وفيه مفاجآت لا تخطر على البال! ولماذا لا تعلن وزارة العمل التزاماً بمنهج وخطة محددين لعشرة أعوام تكون أول المحافظين عليها؟
April 10, 2013
سعادة المتسلق!
البشر بالنسبة له معرض سلالم، سلم طويل وآخر قصير وثالث عريض ورابع يوصل إلى سلم آخر أعلى قليلاً أو كثيراً، وهو في بحثه الدؤوب عن درجات يصعد منها وعليها، يفرق بين السلم الثابت والمتحرك، الأول أكثر صعوبة في الوصول إلى أول درجة فيه، الثبات جعل الدائرة من حوله تضيق بحواجز أناس من السابقين المتشبثين، لكنه لا يلين مع سعيه لوضع رجله على أول درجة من السلم الثابت…، هو مرابط هناك، ولأن البشر سلالم بالنسبة له يرصد حتى العابرين بـ«الصدفة» في حياته، ولم لا يكون الواحد منهم سلماً متحركاً؟
ينظر إليك فلا يرى إنساناً بل أداة، يجدر بك الانتباه والحذر إذا أطال تدقيق النظر، تحوط…، فهو يبحث عن مدخل للصعود غير عابئ بالأثر.
ربما عبر في حياتك مثل هذا النموذج، اكتشفته بعد وقت طال أو قصر، لكن من النادر أن تمر بموقف يحمل صورة العملة من الوجهين في اللحظة نفسها.
غير صحيح أن «صدفة خير من ميعاد» من قال هذا لم يمر إلا بمصادفات كان ينتظرها على أحر من الجمر.
الصدفة جمعتني به على مقاعد الطائرة، ومنذ أن عرفني وعرفته، بدأ البث عن عمله، مخصصاً حيزاً أكبر عن رئيسه الأعلى في العمل، تطرق إلى الاستراتيجيات والخطط التفصيلية، منوهاً في كل لحظة إلى تيه يعاني منه الجهاز الحكومي دفنت مواهبه فيه، أسهب في بيان تحجر من يديره، لم يترك «مغز إبرة» من دون وخز في رئيسه، كان البث قوياً وكمعلقي مباريات كرة القدم، لم يترك مجالاً لأذني لتتنفس، حتى أحسست بالزبد يطفح ويبقبق، الخنق من الأذن هل جربته؟
رحمة الله تعالى أدركتني، وجاءت اللحظة المشهودة، فجأة توقف البث، على رغم أن الاستقطاب عمود أفقي! قلت – محاوراً نفسي- ربما شعر بثقل روحه أو طينته وحينما التفت إليه وجدته ينظر باهتمام إلى باب الطائرة،… حيث دلف شبح مشلح! في لحظة قفز حتى كاد رأسه يصطدم بالسقف منطلقاً إلى شبح المشلح، يا للمصادفة كان رئيسه هناك، السلم الثابت وصل بالصدفة المحضة. وعلى رغم إقباله عليه بكل جوارحه، إلا أن شبح المشلح أدار له ظهره بالطول والعرض، لكنه أصر وهو الملحاح ولو للمساعدة في ترتيب المشلح، بعد محاولات تقبل شبح المشلح السلام على مضض وجلس وسعادة المتسلق هازعاً عليه بما يشبه الهبوط المظلي.
بوجه مقسوم بالطول عاد إلى مقعده بجواري قلت له «إيه وين كنا.. أكمل؟» طالعني صامتاً وكأنه لا يعرفني، توقعت أن يقول: من الأخ؟ أو يقوم بالحراج على مقعده مع جائزة للمشتري، صمت أنا الآخر كاتماً ضحكة في أعماقي، بمن الله وفضله ارتحت طوال الرحلة.
April 9, 2013
«معلوم هذا علي بابا»!
في أسواقنا يتجاوز الغش في السلع إلى غش في الخدمات، وتستخدم العمالة غير الناطقة بالعربية اسم «علي بابا» للإشارة إلى اللصوص ممن يسرق خفية في أنصاف الليالي إلى من يسرق علانية غشاً وخداعاً، وإذا كانت شركات تروّج لخدمة ما بعد البيع كطعم اطمئنان للزبون، فإن هناك مشكلة في خدمة البيع نفسها، بيع السلع وتقديم الخدمة مثل التركيب والإصلاح، هنا يكثر «علي بابا» ويكبر حجمه كلما كبر حجم العمل.
من النادر أن تجد عاملاً صنّف نفسه «مهنياً» في عمل محدد، يرد على استفسار عن معرفته بهذا الشأن أو ذاك بالقول إنه لا يعلم أو لا يدري لإصلاح أو تركيب. ويعتقد البعض أن المواطن مستهدف عند شراء سلعة أو طلب خدمة، غالباً هذا صحيح، لكن أيضاً حتى العمالة تشتكي إذا اختلفت الجنسية! وبعيداً عن حساسية التنافس في سوق العمالة وهو يزداد قوة، كثير من تلك الشكاوى صحيحة، ومن المعلوم أن هناك قطاعات أو «تخصصات» تسيطر عليها جنسيات معينة، بل إن بعضاً منها لا يمكن النفاذ لها عند محاولة شباب العمل فيها، لأن السيطرة موجودة في كل الحلقات من المورد إلى محل البيع مع الخدمة، وفي هذا القطاع ربح كبير، مهن لا وظائف، وإذا تذكرت أن وزارة العمل هي المشرفة على مؤسسة التدريب المهني والتقني ستعرف سبب الخلل.
أليس من العجب ألا ترى مهنياً سعودياً واحداً في السوق يعمل بيديه أو يشرف على عمل، وقريب له أو أخوه قد يعمل «سيكورتي» براتب بخس وعمل طويل ممل؟ لدى وزارة العمل كل حاجات السوق من المهن، ولديها مؤسسة تدريب مهني وتقني، فلماذا لم تستطع الوفاء ببعض حاجة السوق؟ وللذين سيقولون إن المواطن يبحث عن وظيفة أقول إن الحكومة ومنذ أعوام طويلة شحيحة جداً في استحداث وظائف جديدة. هل يعقل أن «كل» من تخرج في مؤسسة التدريب المهني «ينتظر» وظيفة والمال في الشوارع، أم أن «المؤسسة» لا تدرب أو تعلم شيئاً مفيداً يحقق دخلاً جيداً ويتناغم مع الحاجات المتغيرة؟
April 8, 2013
عدم الوضوح = وضوح العدم
هناك حالة «توافق» حكومية عجيبة، مع ممارسات المخالفة للأنظمة فيها صريحة، فضلاً عن أنها منافية للفطرة السليمة، لا يمكن الفهم سوى هكذا. الوجه الآخر لتصحيح أوضاع العمالة بغموضه المعلن، يعني أيضاً فرصة من دون أي أعباء أو تحمّل مسؤولية لناثري العمالة! أولئك الذين استقدموا عمالة لا يحتاجونها ونثروها في كل مكان، سواء حصلوا منها على أموال أم تركوها «لطلب الرزق» كما يتحجج بعضهم! ولأنه لم يأتِ أي ذكر لهذه الفئة من البشر، في كل ما تردد عن حملة تصحيح أوضاع العمالة، فإنهم في الحقيقة حصلوا على جائزة لمخالفات اقترفوها بحق الوطن والمواطن المحترم، ذاك الذي يحترم نفسه ويحترم النظام. ومثلهم أولئك الذين اعتدوا على حقوق آخرين بتشغيل عمالة هاربة «حقيقة الهروب» خصوصاً المنزلية منها، أثروا منها على حساب المتضرر من دون أي رادع، أحياناً بلاغ الهروب كما يعلم الكثير من وسائل الهروب من المسؤولية.
ما هو الدرس «الوطني» الذي نحصل عليه من غموض صريح كهذا؟ ما هو الدرس «التربوي» – أو بلغة بعض الجهات الحكومية – ما هو الوعي الذي يتأسس ويتجذّر في وجدان المجتمع؟ ألا يقال دائماً لدينا مشكلة وعي مجتمع في هذا الشأن أو ذاك؟!
هل هذه الفئات من المجتمع لا تمس وخارج نطاق الوصول؟! أم أنه من مبدأ الستر الذي فهمناه كما رغب بعض منا؟ أسئلة تتقافز أمامك حين يتم التركيز على العمالة من دون ذكر من استقدمها أو من استغل الوطن والمواطن من خلالها، وجعل بعضاً منها يحدث شروخاً اجتماعية وأمنية في محيطه، بل وتتوالد أسئلة أخرى هل نحن مقبلون أيضاً على موجة أخرى من عمالة بالصيغة والسمات نفسها؟!
كيف لي ولغيري فهم واستيعاب شعار «وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه» أين الحماية هنا؟
April 7, 2013
«اكرب وجهك وارخ يديك»!
هذا مثل شعبي معروف يحتاج إلى تعديل طفيف، لينطبق بشحمه ولحمه على وزارة العمل في تهديداتها – بين فترة وأخرى – للشركات التي توظّف وهمياً، التعديل يكون كالآتي: «اكرب لسانك وارخ يديك»، والوجه لا يدري عنه، فقد يكون مبتسماً في المناسبات والفعاليات لضرورة الشراكة بين القطاعين العزيزين.
وعلى رغم استمرار شركات في التوظيف الوهمي، واستغلال أسماء مواطنين يتضررون من هذا الانتهاك لحقوقهم، إلا أن الوزارة تستمر في التهديد، أما إذا أعلنت هي أو التأمينات الاجتماعية عن مخالفة شركة، فهي تؤمن بمبدأ الستر على الأسماء. وفوق هذا أن المتضرر، المواطن سيعيش على الدين أو الحديدة، لأن راتبه سينقطع إلى حين اكتشاف سرقة الاسم، واستخدامه ثم إلى حين آخر من الإجراءات، التي قد تطول سبعة أشهر كما حدث للمواطن خالد إبراهيم الجمعان في الأحساء.
ويمكن حدوث ما حدث للمواطن المسروق اسمه أعلاه لكثير منا، سينقطع راتبك فجأة، وعليك البحث والمراجعة لحين «يقمز» مراقب وزارة العمل أو التأمينات، ويعطف عليك ليعود راتبك إلى الجريان.
في الواجهة تبدو وزارة العمل مناوئة للقطاع الخاص، لكن في التفاصيل المسألة تختلف، إذا أخذنا النموذج أعلاه، فإن المتضرر لم يعوض، بل مكث أشهراً من دون دخل أو نجدة! هو وأسرته من تحمل عبء الانتظار من دون استفادة هللة واحدة من غرامات قد تحصل عليها التأمينات من مخالفة المنشأة، حتى عند الخلافات القانونية بين موظف وشركة يمكن قطع الراتب مع طول فترة مقاضاة، ولا أحد يلتفت للمتضرر، وكأن لديه بئر بترول بجوارها مصفاة!
لدى كل جهاز حكومي شؤون قانونية، وبعض الجهات تزيد بالتعاقد مع مكاتب محاماة خاصة، لكن كل هذه «القاعدة القانونية» لا يستفيد منها المواطن المتضرر، إنها مخصصة لقانونية الإجراءات والقرارات، مع كل الكلام المكرر عن خدمة المواطن والوفاء بحاجاته، فكيف وقد وقع عليه ضرر لا حول له فيه ولا قوة. والحق أن المواطن في مثل هذه الحالات من مصادر الدخل للجهات الحكومية، تحصل من أخطاء أو تجاوزات وانتهاك لحقوقه على غرامات، وهو يحصل على انتظار قد يدمر حياته.. هذا دليل تحقيق أحد أهداف خطط التنمية…، تنويع مصادر الدخل؟
April 6, 2013
حنفية الاستقدام!
الانطباع إيجابي عن حملة تصحيح أوضاع العمالة، على رغم محاولات قوى الممانعة التهويل وبث إشاعات مثل «قص الإقامة» التي لم يثبت لها أساس، ومثلها أحاديث عن احتمال تأثر بعض الأعمال. لكنّ هناك شعوراً داخلياً لدى البعض بأن الحملة لن تستمر حتى لدى بعض العمالة أنفسهم، والسبب معروف بالطبع. إننا منذ زمن فصل الاستقدام عن وزارة الداخلية وربطه بوزارة العمل ارتفعت وتيرة التسيب ولم يتحرك أحد، تعذرت «العمل» بنقص الإمكانات وتمّ تقاذف المسؤوليات.
حسناً.. لماذا التذكير بهذا؟
لأن تلك الأعوام أحدثت خرقاً كبيراً أضيف لما كان موجوداً، وكان من المستغرب عدم التحرك لـ «رتقه» على رغم الكتابة وتعالي الأصوات المستمرة عنه، كان لا يحتاج إلا إلى قرار مثل الذي صدر قبل أسابيع! لعب من لعب وتعب من تعب. عموماً اختلف الوضع الآن، وتم تحديد المسؤوليات والصلاحيات، لكن بقي أمر في غاية الأهمية يتمثل في إيقاف الحنفية!
المسؤولية على وزارة العمل الآن أكبر في إيقاف حنفية الاستقدام، لتصبح صنبوراً يستخدم أدوات الترشيد بكفاءة ومهنية، والوزارة أيضاً معنية بتنظيف داخلها وهي مضخة الاستقدام، والتهاون في هذا المفصل يوفر سوقاً جديدة للمتاجرين بالتأشيرات و «شريطية» العمالة. البيانات العمومية لوزارة العمل في هذا لا تحقق الردع المطلوب، لا بد من الشفافية لكشف الأسماء وحجم التجاوزات.
كما أن على الوزارة الكشف للرأي العام عن عدد التأشيرات التي منحت لشركات الاستقدام، هل هي مصادفة أن الحملة لم تبدأ إلا بعد تكامل هذه الشركات؟
أيضاً شمولية «الحملة والتشهير» لمشغلي الهاربات والهاربين من العمالة في غاية الأهمية، مثلهم كمثل من يهرّب ويشغّل مجهولي الهوية من الجنسين. لقد عاش هؤلاء «ربيعاً» لأعوام طويلة، والثمن دفعه الوطن والمواطن، ونتجت منه خروقات أمنية واجتماعية، فضلاً عن الاقتصادية، بحكم توفر «ضعاف النفوس» من مختلف الشرائح في بلادنا، حتى يمكننا تصديرهم – ولله الحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه -.
ضعاف النفوس لديهم حاسة شمّ مسعورة «تهتبل» أية فرصة وتتفنن في إيجاد المخارج لها. إيقافهم عند حدهم وجعلهم عبرة مطلب حيوي، سيسهم بعون الله تعالى في تحقيق النجاح للحملة وبيان آثارها الإيجابية.
April 5, 2013
إنها سياسة مرة لكنها ناجعة!
«أنا لا أتحدث العربية للأسف، لكن ما أفهمه من الترجمات التي تصلني عن تفاصيل الجدل السياسي اليومي في مصر وتونس تشير إلى أن معظم الوقت هناك مهدر في سب وشتم كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالأنظمة السابقة، فذاك أمر خاطئ في نظري، أنا أتفهم الأسى الذي يعتصر قلوبكم، وأعرف أن مرارات الظلم ماثلة، إلا أنني أرى أن استهداف هذا القطاع الواسع من مجتمعكم قد يسبب للثورة متاعب خطرة، إذا أردت نموذجاً للأشرار لن تحتاج إلى جهد كبير للبحث، ربما تزدحم لديك الأسماء، أما إذا أردت نماذج للطيبين، فإنك لا شك ستفكر ملياً».
هذا جزء من رسالة نلسون مانديلا، حكيم لا يختلف عليه اثنان، وجّهها في بداية سطوع نجم «الربيع العربي» إلى… «إخوتي في بلاد العرب… إخوتي في مصر وتونس».
بعد عشرة آلاف يوم في السجن، خرج مانديلا وسؤال كبير يشغله أكثر من أي أمر آخر، توقّع أن السؤال نفسه هو ما يشغل الثورات العربية من أطلقها؟ ومن يحاول قطف ثمارها؟ في رسالته الحكيمة قال: «السؤال الذي ملأ جوانحي حينها هو كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عدلاً؟ أكاد أحس هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم. لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبير، وهو سؤال قد تُحدد الإجابة عنه طبيعة الاتجاه الذي ستنتهي إليه ثوراتكم».
ثم وصف العلاج «عليكم أن تتذكروا أن أتباع النظام السابق في النهاية مواطنون ينتمون لهذا البلد، فاحتواؤهم ومسامحتهم هما أكبر هدية للبلاد في هذه المرحلة، ثم إنه لا يمكن جمعهم ورميهم في البحر، أو تحييدهم نهائياً، ثم إن لهم الحق في التعبير عن أنفسهم، وهو حق ينبغي أن يكون احترامه من أبجديات ما بعد الثورة»… «إنها سياسة مرة لكنها ناجعة».
وتنبأ بالنتائج «أرى أنكم بهذه الطريقة – وأنتم أدرى في النهاية – سترسلون رسائل اطمئنان إلى المجتمع الملتف حول الديكتاتوريات بأن لا خوف على مستقبلهم في ظل الديموقراطية والثورة، ما يجعل الكثير من المنتفعين يميلون إلى التغيير، كما قد تحجمون خوف وهلع الديكتاتوريات من طبيعة وحجم ما ينتظرها».
لم يكتف نلسون مانديلا بهذا، بل ختم رسالته المؤثرة باستحضار السنة النبوية لرسول الإسلام والسلام عليه وآله أفضل الصلاة والسلام.. «أتمنى أن تستحضروا قولة نبيكم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
ألا تستحق هذه الدعوة والرسالة الصادقة، إعادة التمعن فيها من المتصارعين الآن على أوطان تغرق وشعوب في مهب الريح؟
April 3, 2013
«باسم» الضاحك بدموع القلوب
إذا أردت نموذجاً لبرنامج عربي «كسر الدنيا» بالمصري، ها هو أمامك جراح القلب المصري باسم يوسف، مقدم برنامج «البرنامج» الساخر، الذي أصبح ظاهرة تجاوزت المحيط العربي إلى العالمي. يقف وراء البرنامج جهد كبير من الإعداد المتقن، تناغم مع أداء وحضور رائع للمقدم الباسم، يعاب عليه جنوحه أحياناً إلى مناطق وعرة اجتماعياً. أما سياسياً، فالحالة المصرية تحتمل، بل هي إلى حد عميق مغرية وثرية لكل ساخر، لا يلام باسم يوسف، من يلام هو من «وفّر» المادة الثرية، إما لأنه فعل هذا أو لم يفعل ذاك؟ لا شك في أن طبيب القلب جاء إلى الإعلام بسبب ما اعتمر في قلبه وقلوب المصريين وهم يرون بلادهم على كف عفريت، ربما غاص في قلوب بعض مرضاه فوجد فيها ما يتلمسه في قلبه كل لحظة.
من السهل القول إن وراء الإخفاقات مؤامرات قد يَصْدُق بعضٌ منها، لكن المؤامرات لا تحقق النجاح والنفاذ، وهي لا تكون مؤثرة ومهددة إلا بسبب الإخفاقات، ربما نرى قريباً كتاباً بعنوان «كيف أخفقنا؟». كان من المتوقع أن يخفق الإخوان في الإدارة الاقتصادية، المفاجأة كانت إخفاقاً سياسياً مبكراً، قاتل الله الحرصَ وشقيقتَه المكابرة! لكنهم بما فعلوا وما لم يفعلوا أنتجوا مناخاً خصباً للضحك، وهو ضحك كالبكاء. باسم يوسف في حقيقة الأمر يبكي بوجه مبتسم، دموعه تنهمر في الداخل، لا يلام… هو لم يأتِ بشيء من عنده، لا تأتي السخرية إلا من حجم المرارة، كلما تضخمت الأخيرة ضخت مادة أغزر للسخرية. وبالنسبة إلى العقلاء، فإن «أضعف الإيمان» هو المجال أما غيرهم، فالشوارع تستوعب.
«يستنجد» باسم يوسف وهو يضحك ويُضحِك، قائلاً إن مصر في خطر، ولا يلتقط مما يقول سوى أنه تجاوز هذا الحد وذاك الخط، إنما لو عدنا سنوات قليلة للوراء نسترجع أن الأعوام الأخيرة من عهد الرئيس مبارك شهدت حجماً كبيراً من السخرية منه ومن نجليه علاء وجمال،بل إن فلذة الكبد الأخير ناله نصيب عالي التركيز، وهو كما علم لاحقاً كان الأقوى.
شبكة الإنترنت «تؤرشف» الكثير من ذلك، لم يحاكِم مبارك أحداً من هؤلاء، الفرق ربما أن مبارك كان يظن أنه «متمكن»، ولذلك نُقل عنه «خليهم يتسلوا»، في حين أن الإخوان لم يتمكنوا بعد، بل هم في صراع مع الفصائل الأخرى على السفينة، كل -نعم كل- الفاعلين، أو اللاعبين لا يرى أنها تغرق، في مخيلتهم أنها صلبة مثل «تايتانيك» قبل الإبحار، هي أمل الوصول للشاطئ الآخر، لا يصدق أحد أنها ستغرق، لكنها تغرق وتغرق.
April 2, 2013
«يقولون» أقوى وكالات الأنباء!
تقف وراء العمالة السائبة مصالح كبيرة وأناس لن يفرطوا بسهولة في مكاسب اعتاشوا منها سنين طويلة، أيضاً فئات من العمالة بعد كل هذه المدة الطويلة من العمل شبه الحر وبأبخس أثمان تقدم لكفيل متسيب، لديها قدراتها الخاصة على التحريك، وقبل أيام بدأت أحاديث تتردد عن حملات كبيرة وغير عادية ضد العمالة غير النظامية، وتلك التي لا تعمل لدى غير كفلائها في منشآت أو على مهن تختلف عما هو مدرج في التأشيرة، وهو إجراء متوقع «تدريجياً» بعد قرار مجلس الوزراء الأخير حوله، لكن ظهرت صور على مواقع إنترنت لا يعرف أساسها وتاريخها عن حشود من العمالة الموقفة، وأحاديث عن قص إقامات نظامية! وأصبح البعض يبني قصصاً استناداً إلى أقوال.
أمس نفت وزارة العمل وكذلك الجوازات هذا الأمر، هناك فرق بين الحملة على العمالة السائبة في المواقع العامة، وما تم «تجييشه» على شبكات التواصل، ومن الواضح أن كثيراً من المخالفين، خصوصاً في المدارس الأهلية «ولموا العصابة قبل الفلقة»، فطلبوا من أولياء أمور الطالبات والطلبة، عدم إحضار أبنائهم بدعوى حملات، ما ساعد في تصديق الإشاعة، لكن النفي الصريح من وزارة العمل واضح.
«يقولون» هي أقوى وكالات الأنباء، وميزتها أن لا حقوق محفوظة لها، لا أحد أصلاً سيطالب بهذه الحقوق، ولو تتبعت أساسها لتبخرت الأقوال.
إن من أهداف الإشاعات «تجييش» الرأي العام، وحشده في قضية تكون ضد مصلحة، ولا شك في أن وراء الإشاعة مستفيداً، وفي قضية العمالة السائبة يمكن التخمين، ومن مصلحته خلط الأمور وتشبيك المصالح والحاجات لشرائح أخرى من المجتمع لمزيد من التأييد والحشد، والطريق مفتوح بمساعدة وكالة يقولون وشبكات التواصل. وفي الوقت الذي يجب الحذر فيه من مساعدة الإشاعات في الانتشار بنقلها في أية وسيلة تواصل أيضاً، هي فرصة لأصحاب الأعمال والمخالفين من العمالة لسرعة تصحيح أوضاعهم.
April 1, 2013
صناعة الفارق لأجل الأرواح البريئة!
أدعو وأطالب كلاً من هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» وحقوق الإنسان – «الجمعية» و «الهيئة» – بفعل واضح بائن وجلي، نضع فيه علامة فارقة لتحديد المسؤوليات، احتراماً لقيمة الإنسان، قيمة أرواح بريئة أزهقت وتزهق، ربما لحظة قراءة هذه المقالة.
لقد تغلف إحساسنا بغلالة سميكة من «التكيّف المقيت» مع الحوادث المرورية، إنها «حادثة» لتضيع المسؤولية بين الأطراف، مع «أحدث» الطرق على مستوى العالم! ومثلها «أحدث» المقاولين والمهندسين المراقبين، وأيضاً «أحدث» مركبات بالتقسيط مع إعلانات تشجع على السرعة.
نشرت الصحف أول من أمس عن مقتل أُسرة من خمسة أشخاص أب وأم وثلاثة أطفال إضافة إلى شاب في مقتبل العمر في حادثة مرورية على تحويلة بطريق الشمال «الدولي»! نسب إلى أمن الطرق القول إن «وسائل السلامة غير مكتملة وتفتقر للمطبات الصناعية»! وجرى تكليف المقاول بعمل مطبات!
فهل انتهت المسؤولية عند هذا الحد؟ أيضاً لم يظهر أي دور لوزارة النقل وهي المعنية أساساً بمراقبة المقاولين، وهي من وقع العقود معهم.
وبعيداً عن التفاصيل، وما تعودناه «الحق على المرحوم»، نريد تحقيقاً مستقلاً مستفيضاً في هذه الحادثة. نعم هي ليست الأولى ولا الأخيرة، لكن لم نرَ جهداً لـ «نزاهة» و «حقوق الإنسان» – الجمعية والهيئة – لـ «الفصل» في مثل هذه الحوادث، ومن حقوق الإنسان المحافظة على حياته وحياة أسرته، واحتمال التفريط والإهمال في المراقبة واضح بشهادة أمن الطرق.
لا ينبغي هنا الفهم أن في هذا تهويناً من السرعة القاتلة وسوء القيادة، إنني أرى كل يوم تقريباً مجانين السرعة، وفي الخطوط الطويلة هم أكثر جنوناً، لا تعلم هل هم في كامل وعيهم أم لا؟ هؤلاء لا رادع لهم سوى تطبيق النظام بصرامة، وشموليته، لا أن يكون في «محطات محددة» يتبادلون مواقعها وأماكنها على شبكات التواصل الاجتماعية! ولو كان الأمر بيدي لوضعت «ساهر» على كل طبلون، من دون مقاول يحسبها بالجدوى «الاقتشادية»! من «القشدة».
لنصنع الفرق لأجل الأحياء والأموات – رحمهم الله جميعاً – وعظّم أجر ذويهم، وإلا سنبقى نراوح مكاننا، نقامر بأرواحنا في أكبر «كازينو»، كأعلى البلدان في قتلى الحوادث المرورية بكل ما يعني ذلك من ألم وحسرات وخسائر لا تقدر بثمن، مع صورة عن «تخلّف» يفترض بمن يعطي الأولوية لتحسين الصورة في الخارج الالتفات إليها.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

