دلع المفتي's Blog: لكلٍ هويته, page 5

January 28, 2015

أثير - ما كتبت سعدية مفرح في دلع المفتي

!!...... دلع


عندما جلست معها لأول مرة في حياتي قبل عدة سنوات، قلت لمن عرفني بها بعد أن انتهت الجلسة إنها علبة كبريت على هيئة امرأة، ثم غيرتُ رأيي لاحقاً عندما توثقت علاقتنا وأصبحنا صديقتين؛ إنها قنبلة نووية على هيئة امرأة. لكن هذه المرأة المتفجرة ذاتيا عند اللزوم، ومعظم أوقاتها وظروفها لزوم، على صعيد آخر عبارة عن قلب كبير يكاد لا يسعه جسدها النحيل، وجمال آسر لا تنافسه سوى أناقة لافتة وذوق رفيع في كل شيء وحشرجة صوت تغالبه الدموع الدافقة والضحكات الفائرة.. وروح شجاعة.
أتحدث عن دلع المفتي المرأة المتشظية ما بين بياض الياسمين وزرقة البحر. هكذا تصف نفسها في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر لتفسر، ربما، لبعض متابعيها سر قلبها المتأرجح ما بين وطنها سوريا ووطنها الإضافي الكويت، مع أن قلب دلع يتسع لخريطة الوطن العربي كله ويفيض عنها ليسع الكرة الأرضية بأسرها.
قبل سنة تقريبا زرت دلع في المستشفى بعد عملية جراحية كانت قد أجريت لها لاستئصال ورم سرطاني من رقبتها الجميلة. لم تكن قد أعلنت خبر مرضها للآخرين بعد، ولم تكن تنوي فعل ذلك، حتى أنها أوصتني وأنا أستعد لمغادرة غرفتها في المستشفى ألا أخبر أحداً بالأمر. ورغم تفهمي يومها لطلبها إلا أنني تمنيت لو أنها استطاعت أن تواجه المرض وتواجه به الآخرين لتعيشه كحقيقة معلنة، فقد كنت مؤمنة أن دلع شجاعة بما يكفي لمحاربة السرطان والانتصار عليه أيضاً. ولم تخذلني شجاعتها. بعد أيام قليلة مرت على زيارتي لها خرجت دلع من المستشفى لتكتب أجمل مقالاتها الصحفية على الإطلاق بعنوان؛ "عزيزي السرطان"، وفيه قررت أن تعلن بشكل لا لبس فيه مواجهة من أصبح منذ تلك اللحظة عدوها الأول والأخير، فدلع امرأة بلا أعداء ولا عداوات على الإطلاق، وأنا كصديقة وزميلة لها أستطيع أن أوكد هذا بشكل تام. إن القنبلة النووية القابلة للانفجار في أي لحظة وبأي شخص تجده أمامها لسبب ما لا تكره أحداً أبداً، وحتى هذا الذي انفجرت للتو في جسده وحولته إلى شظايا بشرية سرعان ما تعود لتلملم شظاياه بابتسامة آسرة ولكن بلا ندم. ومن يتابع دلع المفتي في تويتر على سبيل المثال سيعرف نوعية ضحاياها، حيث سيلاحظ فورات الغضب المدمر التي تنتابها عندما تقرأ خبرا عن طفولة معذبة هنا أو إذلال تتعرض له امرأة هناك أو مسن لا يجد ما يحفظ له كرامة الشيب في أقصى بقاع الأرض.. وفي المقابل تجد من يهاجمها بسفالة وغباء لمجرد اختلافها معه في طريقة معيشتها وأسلوبها في الحياة بعيدا عن وصاياه ووصايا أمثاله من ذوي التفكير الإقصائي والعنصرية المتعددة الأشكال والألوان، فصحيح أن دلع عربية الهوى والانتماء قومياً وسياسياً، إلا أن إنسانيتها عابرة للقارات والمحيطات والأديان والطوائف والأعراق والجنسيات.
في مقالها الذي أزعم أنها كتبته بدمها ودموعها لا بالحبر أو لوحة المقاتيح واجهت "أم فهد" المرض الذي اختار غدة من غدد جسدها النحيل ليستقر فيه بقوة وشراسة؛ "عزيزي السرطان.. بداية وقبل كل شيء.. لعنة الله عليك. ربما حضرتك لا تعرفني جيدا، فلقد التقينا منذ مدة قصيرة فقط. انا لا أحب كثرة الحكي وأكره «اللت والعجن»، فدعني أقولها لك على بلاطة: لست مستعدة للرحيل بعد..". هكذا باغتت السرطان اللعين ساخرة من تسلله الجبان إلى جسدها في غفلة من ابتسامتها الطالعة من بين موجات الغضب كنيزك مضيء. وعلى سبيل التحدي مضت تعدد لهذا المرض الذي أسمته "سريطن" إمعانا في استهتارها بنواياه الخبيثة أحلامها وطموحاتها ومشاريعها التي ما زالت في طور العمل على تحقيقها.
عندما أغلقت دلع باب مكتبي في جريدة القبس علينا لتسر لي أنها تأكدت قبل قليل فقط من إصابتها بالسرطان بعد ظهور نتائج الفحوصات في ذلك اليوم، لم أعرف لحظتها ماذا أقول لها، فلست ممن يجيدون المواساة ولا التخفيف عن المرضى. كنت متأكدة أنها تعرف كل العبارات التقليدية التي تقال في مثل هذه الظروف عادة، وهي تنفر كما أنفر من كل تقليدي معتاد، فلم أجد سوى الصمت المعطر برائحة فنجاني قهوة ساخنين ودمعة عصية وحضن كنت أحتاجه أكثر من حاجتها له. غيرتُ بعدها مجرى الحديث كله لأسألها سؤالي المشاكس الأثير: "ومتى تعلنين اسمك الحقيقي للقراء؟ يعني مو معقول المفتي يسمي بنته دلع"! فانفجرت القنبلة النووية في وجهي لحظتها، وهي تقول: "أي روحي يبعتلك حمى..!". وكانت أحلى دعوة أسمعها في حياتي:)


نشر في 27/01/2015
http://www.atheer.om/Article/Index/9105
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 28, 2015 07:41

January 14, 2015

فطست من الضحك

أصابتني حالة سأم حادة من المقالات الجادة والمواضيع الثقيلة، فقررت أن أكتب مقالا ساخرا، لكن الوضع العام على محيط الكرة الأرضية لا يساعد، فما العمل؟

أتتني الإشارة من الدكتور عبدالله الغذامي، حين قال لي على تويتر: «الجو العام هو المحتاج لمقالات ساخرة، السخرية أخطر الأجوبة على الأزمات الخانقة»، وأضاف: «انظري حولك».

فنظرت حولي..

نظرت إلى مسيرة باريس الحاشدة لمناصرة حرية الشعوب ورفض الإرهاب، نظرت إلى وجه نتانياهو أحد أكبر مجرمي التاريخ، ثم نظرت إلى وجوه بعض زعمائنا العرب، وهم يتباكون على ضحايا الإرهاب، وعلى قمع حرية الكلمة.. وفطست من الضحك.

تمعنت في دولة داعش، وكيف ولماذا قامت، وحجم انتشارها وقوتها وعتادها وأسلحتها، ثم تأملت مجمل أحكامها التي تجز وتقص وتقطع وتقتلع وتسبي وتبيع وتشتري بشرا.. ثم فكرت بمن يناصرها ويدافع عن أفعالها ويبررها.. ففطست من الضحك.

نظرت فوجدت «داعية» يُخلى سبيله، ويناصح ويطالب بدفع دية، بعد أن أقدم على اغتصاب ابنته ذات السنوات الخمس، ثم قتلها ضربا وحرقا، وتلفت فوجدت كاتباً يسجن ويجلد أمام الملأ بتهمة التعبير عن الرأي.. ففطست من الضحك.

ورغم تردد أنباء عن إطعام الفقراء به، إلا أنه تبين أن فائض الطعام عن مهرجان أم رقيبة للإبل يعادل 11980 كيلوغراماً من الرز، و16110 كيلوغرامات من اللحم.

تساءلت هل ينبغي على الفقراء انتظار فتات المهرجانات لكي يشبعوا، أو الأطفال اللاجئين يموتون جوعا وبردا.. ففطست من الضحك.

وهناك من لديه وقت ومزاج لإصدار فتوى تحرم تماثيل الثلج، ولا يصدر فتوى تحرم ترك الأطفال يموتون من الثلج.

نظرت في التهم الموجهة لبعض رجالات الدولة، وكيفية القبض عليهم وزجهم في السجون، ففطست من الضحك.

تأملت، فوجدت وزيرا واقفا بطوله وعرضه يقص شريط افتتاح تحويلة في شارع، ثم نظرت فوجدت الشيخ محمد بن راشد يفتتح الترام، والقرية الإلكترونية، وقرية الأيتام، وتوسعة المطار، إلى ما هنالك من المشاريع المستقبلية في تلك الدولة المجاورة، ففطست من الضحك.

نظرت في توقيت مهرجان هلا فبراير الذي ركب فوق مهرجان القرين، وكيف أن عروقنا تنشف طوال السنة من دون فعاليات، من دون حفلات، من دون نغمة، وفي شهر واحد (يحشرون) كل الفعاليات بعضها فوق بعض.. ففطست من الضحك.

سرحت في معلمنا الحضاري ورمز بلدنا (أبراج الكويت)، وكيف أنها مغلقة منذ سنوات، وستظل مغلقة ربما لسنوات، لأنهم يقومون بأعمال الصيانة. وتذكرت أن الأبراج بنيت خلال أربع سنوات، لكن مشروع التصليحات ربما يستغرق عقداً من الزمان.. ففطست من الضحك.

نظرت فوجدت رواية كويتية وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر للرواية العربية، ثم تذكرت أن الرواية إياها ممنوعة من التداول في الكويت.. ففطست من الضحك.

ضحكت قهراً، ضحكت ألماً، ضحكت عجزاً.. فبعض الضحك ليس سوى بكاء.

دلع المفتي
نشر في 15/01/2015
http://www.alqabas.com.kw/Articles.as...
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2015 12:47

January 12, 2015

لغة الأشياء / رائحة التانغو

| باسمة العنزي |


المتابع لعامود الزميلة دلع المفتي في الزميلة «القبس» بامكانه تكوين فكرة واضحة عنها، فهي شخصية جريئة... صريحة... ساخرة، مقالاتها من النوع الذي له صوت! يقرأ وفي الخلفية صوت دلع بنبرة انفعال معينة، تتحدث من قلبها فتصل كلماتها لقارئ يجزم أنه يعرفها حق المعرفة.

في روايتها (رائحة التانغو) الصادرة حديثا عن (دار مدارك) تمارس دلع نفس تكنيكها في كتابة المقال، لغة سهلة ومباشرة، مفعمة بالمشاعر الحية، شخصية جريئة لا تعرف أنصاف الحلول، ولسعات نقد للمجتمع في أكثر من موضع.

البطلة «زهرة» امرأة دموعها حارة، زوجة تعاني من جفاء وتعالي الزوج، أم لولدين تفتقدهما حيث يدرسان في الخارج، مختلفة بتحررها عن وسطها العائلي المتشدد، مكسورة وصلبة في الوقت نفسه، تقرر أن تنتقم من زوجها الذي يحتقر كل ما هو عربي، وفي طريقها لبث شيء من النكهة الجديدة لحياتها وانعاش روحها الآخذة في الشحوب، تكتشف ذاتها وحقيقة «عادل» المفجعة، فالزوج بارد المشاعر المنفصل عن عروبته، مساهم في انتزاع الحياة من أرواح أخرى.

الرواية حفلت بالتفاصيل النسوية، من أزياء وطهي وحفلات، ومشاعر مرهفة لامرأة جميلة وواعية تمر بأزمة منتصف العمر، نجحت الرواية في نقل نمط حياة «الطبقة المخملية» بمقاربات ذكية تم توظيفها لصالح العمل.

تعددت الشخصيات في العمل إلا أن الأكثر رسوخا بالنسبة لي كقارئة البطلة «زهرة» وزوجها «عادل» والطفل السوري «علي» شخصيات نجحت الكاتبة في ايصالها للمتلقي بأقل قدر من الشرح. الشخصيات الأخرى بدت هامشية، صديقات البطلة لم يضفن للسرد، وجدتهن متشابهات، كأنهن وصيفات لها خاصة في مشهد العرس الكويتي في بيروت.

الرواية تستند على جرأة استحضار الواقع الاجتماعي المحلي ونقده، لكن لأن المواضيع كثيرة ومتشعبة وجدت أن الكاتبة تناولت الكثير منها دفعة واحدة، وهو أمر أبعدها عن التركيز، فبدت الرواية وكأنها استعراض بانورامي لمشاكل المجتمع خاصة المستتر منها تحت غلالة النخبوية. عبر طرح نموذجي «عادل» التاجر، والكاتب المعروف «خليفة أحمد». الجناة كانوا جميعا رجالا بينما بدت النساء داخل مربع الضحية!

الرواية مشوقة جدا بخط أحداث متصاعد ووتيرة سريعة، بعض المشاهد مؤثرة خاصة تجوال «زهرة» فجرا مع «علي» عند شاطئ البحر في بيروت، النهاية غير متوقعة وفيها اشارة قاتمة لموت الخير والبراءة في عالمنا الضاج بالعنف والقسوة.


نشر في 12/01/2015
http://www.alraimedia.com/Articles.as...
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 12, 2015 03:10

January 7, 2015

دلع المفتي: أكتب بدمعي.. لا بقلمي

«رائحة التانغو».. رسائل حملت همومها

حوار محمد حنفي

«في زمن الانترنت وعالم التواصل الاجتماعي لم يعد للرقيب جدوى». هكذا تقول الكاتبة والروائية دلع المفتي في حوارها مع القبس تعقيبا على منع روايتها «رائحة التانغو» من قبل الرقابة في الكويت، وحرمانها من ثم، من توقيعها في معرض الكتاب الذي أقيم نوفمبر الماضي. «رائحة التانغو» تجربة روائية جديدة تقول عنها المفتي إنها «ليست رواية اجتماعية فحسب، بل مجموعة رسائل تحمل همومي وشجوني». في حوارها تتحدث دلع المفتي عن تجربتها الروائية السابقة، ومشكلة الرقابة، وعلاقة الكتابة الابداعية بكتابة المقال.

● «هن لسن أنت».. كانت راويتك الاولى في 2003، لماذا التوقف كل هذه الفترة قبل إصدار رائحة التانغو؟

ــــ هذه كانت تجربتي الأولى في الكتابة، وأشدد في الكتابة بوجه عام. عندما كتبت «هن لسن انت» لم أكن حتى كاتبة. أعتقد أنها كانت تجربة ناقصة، ولعلها غير ناضجة بما فيه الكفاية. انها واية بسيطة، أو من الممكن أن تسميها قصة طويلة، كتبتها دون أي خبرة كافية أو تجهيز جاد أو دراسة معمقة. ربما كان حلمي أوسع من إمكاناتي، فكتبت الرواية ثم عدت لأتعلم الكتابة. يمكنك أن تقول بدأت بالمقلوب. لذا كان علي الانتظار طويلا حتى أتمكن من أدواتي، واكتسب خبرة لأعود لعالم الرواية من جديد بشكل يليق بسنوات الكتابة والخبرة التي اكتسبتها بالقراءة الحقيقية والمتابعة المستمرة لتطور الرواية الحديثة.

● هل تمثل «رائحة التانغو» نقلة في مسيرتك الروائية؟

ــ بالطبع، فرائحة التانغو ليست رواية اجتماعية فحسب، بل هي مجموعة رسائل تحمل همومي وشجوني وأستطيع القول انها هموم وشجون الكثير من الناس أيضا. فالرواية تطرقت لعدة مشاكل حياتية، اجتماعية، مذهبية، وحتى سياسية. لكن بطريقة مبسطة يمكن لأي قارئ ومن أي مستوى فهمها والتفاعل معها.


تجارب حياتية



● بطلة الرواية تنزعج امام الأحداث بسوريا وما تنقله نشرات الأخبار؟ الى اي مدى أفدت من التجربة الخاصة في الرواية؟

ـــ إن ما نكتبه عادة هو خليط من مشاعر شخصية، تجارب حياتية، وقصص سمعناها، فالرواية لا تخلق من العدم. لا أستطيع أن أنكر ان وجود سوريا في الرواية هو نتيجة ألم شخصي وتجربة حقيقية عايشتها أثناء زيارتي وتغطياتي الصحافية لمخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان. نعم.. رأيت هؤلاء الأطفال الذين كتبت عنهم في الرواية، حاورتهم، جلست معهم، رأيت ابتساماتهم ودموع أمهاتهم على مستقبل لم يعد بالإمكان التنبؤ به. علي، الطفل في الرواية، هو عبارة عن مجموعة من الأطفال الذين التقيتهم، فشكلت منهم شخصية الصغير. مقاطع كثيرة في الرواية كتبتها بدموعي وليس بقلمي.

● رائحة التانغو تمزج بين مشكلة المرأة في مجتمع ذكوري وبين مشكلات الفساد على اكثر من مستوى كيف تجدين العلاقة بين الأمرين؟

ـــ إن المشاكل التي تمر علينا في الحياة كالظلم، الوفاء، الخيانة، الفساد، التعصب، الطائفية، العنف، الموت، كلها مواضيع نشترك بها جميعا، لكن بنسب مختلفة. لا أستطيع أن أفرق بين مشاكل المرأة ومشاكل المجتمع، فلابد أن تتقاطع الآلام والآمال والمشاكل بين الخاص والعام. فالمرأة هي جزء وجزء كبير من هذا المجتمع، بالرغم من المحاولات الحثيثة لتصغير شأنها وكبحها. فالفساد ليس الفساد المالي فقط، ففساد الأرواح أشد وأقسى. نحن حينما نكتب عما نعانيه كنساء، نزيح هماً صغيراً من مجموع الهموم التي على رماها المجتمع على أكتافنا.

● كيف تفسرين احتفاء معرض الشارقة بروايتك ومنعها في معرض الكويت؟

ـــ معظم معارض الكتاب في العالم العربي لا رقابة عليها، وإن كانت فتكون مخففة جدا. وللغرابة هناك كتب تمنع في الكويت، وتفسح في جميع دول الخليج، وحتى في السعودية، وقد كتب عن هذا الموضوع كثيرا، لكن يبدو أن لا «آذان» لمن تنادي. معرض الشارقة معرض كبير ومهم، ومن أوائل معارض الكتب في الخليج، ويؤمه الكثيرون من كل العالم العربي، كتابا وقراء وناشرين. وكان لرائحة التانغو صدى طيبا فيه، مما أسعدني وأثلج صدري.

● ألم تفكري في نشر روايتك على مواقع التواصل الاجتماعي او عبر الإنترنت؟

ـــ الرواية في يد الناشر، ولا أعتقد أنه سيهون عليه عرضها في الصحف أو على مواقع التواصل بالمجان، فكما نعلم دور النشر شركات تجارية في المقام الأول ويهمها الربح. لكني اعتقد أن حركة الكتاب الالكتروني في الانترنت نشطة منذ سنوات، ثم أن الناس يعرفون كيف يحصلون على الكتاب الذي يريدونه من دون منّة لا من رقيب ولا ناشر ولا حتى الكاتب نفسه. وقد حصل الكثيرون على كتابي رغم المنع، كل بطريقته.


حرب السرطان



● كتبت يوما عن السرطان الذي انتصرت عليه وقلت: «ستخسر حربك ضدي».. كيف يمكن للكاتب أن يهزم سرطان الرقابة؟

ـــ تغلبت على سرطاني الجسدي، وسأتغلب على سرطان الرقابة. السرطان المرضي أهون كثيرا من السرطانات التي تتمدد بيننا وعلينا من شتى الجوانب. فالسرطان الأسوأ هو سرطان الدكتاتورية والعنصرية والطائفية وكبت الحريات وتكميم الأفواه، واللعب على عقول الشعوب وإلهائها بمواضيع سخيفة عما هو مهم.


للحرية ثمن باهظ



● منع الرقابة لروايتك ألم يمنحك فكرة رواية جديدة عن الرقابة؟

ــــ لا... لدي مشاريع أهم وأجمل، وأكثر حيوية وحياة. الرقابة موت.. وأنا لا أحب الأموات.

● لو كنت في وظيفة الرقيب ماذا ستفعلين؟

ــــ بداية، لم أخلق لهذه المهمة، ربما أرى واجبي على العكس تماما.. ولو أتماشى مع الافتراض، فقبل أن أكون رقيباً يجب أن أكون مؤمنا بحرية الفكر والكلمة، وأؤمن بحرية الإنسان فيما يقوله ويفكر به ويؤمن ويعتقد به. فالحرية هي الأغلى وعلينا ان ندفع ثمنا باهظا لها. بينما الرقيب شبح، وشبح غير جميل وغير عادل، هو لا يظهر للعلن، ولا يملك الجرأة ليقول رأيه علانية، يختفي خلف تسميات «لجنة» وغيرها ويمارس سلطته.

● يقول يوسف إدريس: «ان كل الحرية المتاحة في العالم العربي لا تكفي كاتباً واحداً»، هل مازال الأمر كذلك في زمن الإنترنت وفيسبوك وتويتر؟

ــــ في زمن الانترنت وعالم التواصل الاجتماعي لم يعد للرقيب جدوى، (إلا علينا نحن الكتاب)، لكن في هذا الفضاء المفتوح لا يستطيع احد أن يكمم فم احد، بالرغم من الكثير من القوانين التي يستحدثونها خوفا ورعبا من الحرية.

● بين كتابة المقالات والإبداع السردي، أين تجد دلع المفتي نفسها؟

ــــ أحب كتابة المقالة، فهي تناسب طبيعتي العجولة وقلة صبري. أنا لا أحب اللت والعجن، أضع رأيي بكم سطر مختصر مفيد، وينتهي الامر. الرواية تتطلب الكثير من الوقت والجهد والصبر الذي لا املكه. لذلك «انحرق قلبي» عند المنع، لأني أهدرت الكثير من خلاياي في هذه الرواية.

● ماذا تكتبين بعد «رائحة التانغو»؟

ـــ مشروعي الكتابي القادم مختلف جدا، وظريف جدا، ولذيذ جدا... سأتركه مفاجأة. وإن كانت لروايتي رائحة، فلكتابي القادم.. طعم.



سرّاق الفرح والجهد والتعب



● كتبت مؤخرا مقالا لافتا بعنوان «سرقتم فرحتي» عن الرقابة، التي صادرت روايتك «رائحة التانغو»، لماذا سرقوا فرحتك وصادروها في رأيك؟


ـــ صدرت روايتي بداية شهر نوفمبر، وقد سافرت لمعرض الشارقة للكتاب لاحتفال بصدورها، وكانت الأكثر مبيعا لأيام في جناح مدارك، ناشر الرواية. ثم عدت للكويت لأجهز نفسي لمعرض الكتاب الكويتي، بيتي ومكاني، ومصدر فخري. وقبل يوم واحد من افتتاح المعرض، وصلني خبر بمنعها.

صدمتي كانت كبيرة، يومها لم اجد تشبيهاً أفضل من هذا التشبيه، كنت كالعروس التي تجهزت ليوم عرسها ولبست الفستان الأبيض لتفاجأ بأن العريس هرب. نعم إحساس الخذلان والغضب والحزن الذي اعتراني كان كبيراً. لم أصدق أن روايتي منعت، وعندما سألت لم أجد إجابة. طلبت تقريراً، إخباراً خطياً، قرار منع، لم أحصل على شيء، إلى أن تم استدعائي لوزارة الإعلام لعرض ما أزعج الرقابة فيما كتبت. وبكل صدق أقول لك أن ما أزعجهم بكتاباتي، موجود بل وأكثر منه بكل الروايات الكويتية، وموجود حتى في المسلسلات الكويتية، لكن لسبب ما.. هل كانت روايتي مقصودة؟! في كل الأحوال، هم سرقوا فرحتي بالفعل، وسرقوا جهدي وتعبي أيضا.


http://www.alqabas.com.kw/node/925969
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 07, 2015 12:36

العلمانية العوراء

العلمانية تعني اصطلاحاً فصل المؤسسات الدينية عن السلطة السياسية، مؤكدة حق كل مواطن في ممارسة شعائره الدينية بالطريقة التي يؤمن بها، بعيدا عن شؤون الدولة وشجونها. وللمرة المليون، العلمانية ليست بديلا عن الدين، لكنها الأسلوب الوحيد لتمكين أصحاب كل الديانات والمذاهب من التعايش معا دون تهديد أو إجبار أو منع.

لكن للأسف، وكما نمتلك خاصية تشويه أي شيء، شوهنا العلمانية. ففي بلادنا، يتبنى البعض العلمانية مؤمنا بمبادئها، ممارسا لأساليبها، لكن باتجاه واحد فقط. وهو اتجاههم! فنجدهم من ناحية يؤمنون بحق السيخي والبوذي وغيرهما بممارسة عقائدهم، ويدافعون عن حق المسيحي والهندوسي، لكن عندما يصلون إلى المسلم يستنكرون عليه شعائره. ينادون بحرية الإنسان فيما يعتقد وما يفكر وما يلبس، يبررون للراهبة تغطية شعرها، لكن عندما نصل الى حجاب المسلمة، نراهم يعترضون. يباركون أعياد كل الملل والأديان بل ويضعون شجرة الكريسماس في بيوتهم، ويتبادلون الهدايا والتبريكات، وفي أعياد المسلمين يغضون الطرف. بل وصل الأمر إلى أن نرى البعض يصطادون اخطاء ما لأتباع ديانة بذاتها، فيما تنغلق عينهم الثانية من رؤية أخطاء لأتباع ديانة أخرى..

إنها العلمانية العوراء يا سادة كما كانت تمارس في الدول العربية العلمانية كسوريا وتونس. فحين تبنى بورقيبة العلمانية ونشر مبادئها، وأفلح في الكثير من الأمور، لكنه أخفق حين منع الحجاب، وهذا تعد صارخ على أهم أسس العلمانية وهي حرية العقيدة وممارستها. أما نظام الأسد فقد تبجح بالعلمانية طولا وعرضا، بينما كان يحارب القوى الإسلامية أينما وجدت ويقمع خطابها ويسجن قادتها مما ساعد على تجمعهم وعملهم تحت الأرض إلى ان قويت شوكتهم وهاهم الآن يحاربونه بكل ما أخفوا من قوة.

وكما حركات الإسلام السياسي، الذين يرحبون بالديموقراطية وصناديق الاقتراع إلى أن توصلهم إلى السلطة، نجد بعض العلمانيين ينتهجون الأسلوب نفسه ويستخدمون العلمانية لمصلحتهم حينما يحتاجونها، وينسونها عندما تتعارض مع مصالحهم أو توجهاتهم.

العلمانية طريق «رايح جاي»، كما يقول مأمون فندي عن الليبرالية. فنحن لا نستطيع الذهاب بها في اتجاه واحد، لا بد لنا ان نعود في الاتجاه المعاكس، ونقبل بما نادينا به وإن لم يكن يعجبنا. فإما تؤمن بحق كل البشر، وأشدد كل البشر، بمختلف خلفياتهم، قومياتهم، أديانهم ومذاهبهم، أو أنك لا تدعي أمرا أنت لا تملكه.

في ألمانيا منذ أيام، دعت جماعة «الوطنيين الأوروبيين ضد أسلمة اوروبا»، التي تعرف اختصارا باسم «بيغيدا»، الألمان إلى تظاهرات حاشدة، وفي اليوم نفسه، خرجت تظاهرات مناوئة لها ومن ألمان، وأطفأت أكبر كاتدرائية ألمانية أضواءها احتجاجا على التظاهرات ضد الإسلام. هل هناك أجمل وأسمى من هكذا علمانية؟

عندما تدافع عن حق المسلم وأنت مسيحي، أنت علماني. عندما تدافع عن حق المسيحي في ممارسة دينه وأنت مسلم، انت علماني. عندما تدافع عن حق غير المؤمن وأنت مؤمن فأنت علماني، عندما تدافع عن حقوق الأقليات كلها وانت من الأكثرية فأنت علماني وإنسان.

دلع المفتي
نشر في 07/01/2015
http://www.alqabas.com.kw/node/926033
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 07, 2015 12:17

December 31, 2014

كوني أنت

اسمها «أنتِ ايتها المرأة اينما كنتِ.. اشرقي بروحك على احبابك لكن كوني انتِ».

(علي شريعتي)

ام عمار، دائما ما أطلب منهم مناداتها باسمها الأصلي، لكنهم تعودوا، وهي تعودت، إلى أن نسي الناس، وربما هي أيضا، اسمها الحقيقي، وأصبح اسم ابنها هو اسمها.

حال ام عمار هي حال معظم نساء العرب، فالمرأة قبل الزواج تكون إما بنت فلان أو أخت فلان، أمّا بعد الزواج فهي زوجة فلان، وبعد الإنجاب هي أمّ فلان. يحشرون المرأة دائما تحت ظل رجل ما، ويمنعونها من أن تكون كما خلقها ربها كائنا بشريا مستقلا.

في بعض المجتمعات يعتبر اسم الأم، الأخت، الزوجة، من الأمور الخاصة جداً، ومن المعيب التصريح بها علناً، فتجدهم يستعملون كلمات مبهمة للإشارة لهن كـ«الأهل» «العائلة» «العيال». تفتح جريدة فتجد صفحة لحفل زفاف، وصور العريس تزين صدر الصفحة يكتب تحتها اسمه واسم أبيه وجده وجد جده، وقد عقد قرانه على «كريمة» احدى الأسر..! تصلك بطاقة دعوة، فتجدها إما باسم «السيد فلان وحرمه»، أو إن كانت دعوة نسائية فقط فتكون باسم «حرم فلان الفلاني». تخرج امرأة تريد أن تفتخر بنفسها فتقول أنا بنت فلان، أو زوجة فلان، أو أم فلان.

طيب ما مشكلة الفلانة نفسها؟ لماذا عليها أن تتباهى بغيرها من «الذكور»؟ لماذا الاحتماء بظل الرجل لتكوني؟ المرأة العربية تفقد اسمها ومعه شخصيتها وروحها، وتقبل بمنتهى السهولة أن تكون ظلاً، وقد آن الأوان ان نعي وننشر الوعي، فالمرأة ليست من «أملاك» الرجل، ولا هي من «حريمه»، وصلتها به لا تحدد قيمتها سلبا أو إيجابا. هي كائن بشري مستقل كامل واعٍ قادر.. وله اسم ينادى به.

يضحكني الشخص الذي يريد أن يمدح امرأة فلا يجد وصفاً يعلي شأنها وقيمتها إلا قول «أخت رجال» أو «بنت أبوها». أفهم تماما ان كل قصده المدح، لكن الذي لا أفهمه هو من قرر أن الذكورة مقياس جودة وعليها نقيس باقي الكائنات؟

إن مناداة الشخص باسمه به خاصية حميمة، يحرك داخل الإنسان شيئا جميلا. فعندما ينادي أحد بحروف اسمك الصريح تشعر انك مميز، خاصة عند المنادي.

أما أم عمار، التي حكيت لكم عنها في بداية المقال، فهي سيدة «زي القمر»، واسمها الحقيقي هو بالفعل «قمر»، فهل أجمل من ان تنادى أنثى باسم قمر؟ هو الحال نفسه مع أم بدر، التي هي في الأصل سعاد، وأم خالد واسمها خديجة، وأم سعود هي فاطمة، وأم فهد هي دلع!

***

اليوم أول أيام العام الجديد، أعاده الله عليكم بالخير والصحة والحب والسلام.


دلع المفتي
نشر في 01/01/2015
http://www.alqabas.com.kw/node/924602
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 31, 2014 13:12

دلع المفتي في «رائحة التانغو»... تكشف الواقع برؤى تتحرك في أكثر من اتجاه

| كتب مدحت علام |

تتبدى الرؤى الحسية لدى الزميلة الكاتبة دلع المفتي... مستوحاة في الأساس من مضامين تتعلق بالإنسان في حالاته المختلفة، كما أن لغتها الأدبية دائما ما تأتي قريبة من الواقع في سياق فني يتحرك في أكثر من اتجاه.

وعلى هذا الأساس صدرت روايتها الجديدة «رائحة التانغو»- عن دار مدارات للنشر- تلك التي اتسمت بتجاذبات عديدة وأحداث مفعمة بالحركة، ومعالجات شديدة الموضوعية، لقضايا تتعلق بالمرأة وحريتها وإنسانيتها في مواجهة الاستبداد والتسلط، الذي يأتي من قبل، وتناول هادئ لقضايا تتعلق بالمنطقة العربية، خصوصا في سورية.

وحينما نقرأ رواية المفتي سنقف مشدودين أمام العنوان«رائحة التانغو»... والسبب أن «التانغو» عبارة عن رقصة تتبع التراث الأرجنتيني، تستخدم كتعبير عن الفرح في الحفلات، كما أنها تستخدم في بعض الألعاب مثل الجمباز، كما أنها كثيرة الاستخدام في رقصات الباليه، وفيها يقف الرجل في مواجهة المرأة ممسكا بيده اليمنى يدها اليسرى في حين تطوق يده اليسرى جسدها، وبالتالي فإننا نتحدث عن حركة وليست رائحة، ومن ثم فإن خيال المؤلفة ظهر في هذه الخصوصية، وهو خيال سيكتشف المتلقي أنه تيمة واضحة في أحداث الرواية التي اعتمدت على حاسة الشم في الكثير من المواقف المرصودة وبالتالي فإن حاسة الشم هي المحرك الأساسي لبطلة الرواية «زهرة»، فهي تكره رائحة زوجها، وتعشق رائحة والدتها، وأنواعا من الزهور وغيرها، وبالتالي فقد خدم العنوان تواتر الأحداث، رغم أن «العنوان»، اقتنصته المؤلفة من فقرة صغيرة في متن الرواية، والتي تتحدث عن لقاء «زهرة» مع «بيل» ذلك الرجل البريطاني الذي يعمل ويعيش في أميركا، وأمه من أصول ارجنتينية، منبع هذه الرقصة.

والحبكة التي اعتمدت عليها المفتي في سرد روايتها تعتمد في الأساس على جدلية الظلم الذي يقع على المرأة، جراء ما تتعرض له من قمع وسيطرة من قبل الرجل سواء كان الأب الذي يظهر في الرواية متدينا ويريد لابنته أن تكون ملتزمة مثله من دون النظر إلى رأيها، ثم الزوج الذي يختلف اختلافا جذريا عن الأب فهو متأثر بالحياة الغربية، غير أنه غير مبال بها، ولا يسعى أبدا إلى إدخالها في محيط حياته، رغم أنه ترك لها حرية فعل أي شيء طالما أنه لا يعلم به، ثم ظلم المجتمع الذي ترصده متجسدا في مشاهد يومية متكررة ترى فيها المرأة مظلومة ومقموعة، خصوصا قصة «حسيبة»: تلك المرأة الصعيدية، التي تعمل في منزلها، وخوفها من زوجها عطية الذي يهددها بالويل والثبور إن أنجبت له ابنا خامسا، وبالتالي وضع هذا الرجل كل أعباء المسؤولية على الزوجة ولم يكلف نفسه فسحة التفكير في أنه أيضا يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية.

وتتواصل الأحداث بعد زواج زهرة من عادل... «الذي يكره كل شيء يتعلق بالعرب، نتيجة لأسباب تتعلق بكونه من أم أجنبية تعرفت على والده ثم جاء إلى الحياة كنتيجة لهذه العلاقة، ومن ثم أحضره والده إلى الكويت، ضاربا عرض الحائط بأمه ورغبتها في أن يكون والدها إلى جانبها.»

وتواجه زهرة- على لسان الراوي- حياة قاسية مع زوج لا تعرف الكثير من أسرار حياته حتى عمله الذي تفوح منه رائحة الفساد ورؤيته للكثير من الأحداث التي تختلف بشكل مثير للدهشة عن رؤيتها، وبلادته في التعامل معها، ما فتح أمامها المجال للبحث عن الأمان في أشياء أخرى، وبالتالي حاولت أن تشغل وقت فراغها في افتتاح «غاليري»، والانشغال بالعمل فيه، وهو المكان الذي فتح أمامها رؤى أخرى مختلفة، ومجالات عديدة يمكن من خلالها تعويض ما تحس به من فراغ وملل.

والرواية تتعرض للكثير من الرؤى السياسية العربية مثل الثورة السورية، والعمل الخيري، وجرائم الشرف، خصوصا جريمة القتل التي راح ضحيتها زوجة... قتلها زوجها بعدما اكتشف خيانتها له مع كاتب معروف، بالإضافة إلى مسألة الحرية المفقودة ليس للمرأة فقط ولكن للأطفال والضعفاء.

في حين تضمنت الرواية أحاديث متفرقة عن الأدب:«أجمل أحاديثها كانت عن الأدب والشعر، أحاديث ممتعة ومغرية كانت تستمر لساعات لا يحس بمضيها أي منهما».

وتترصد المؤلفة حال بطلة الرواية بكثير من الوصف الموجز الذي يعطي فكرة مبسطة عن حياة زهرة: «لم تعرف زهرة كيف تشرح لصديقتها قرفها من حياتها ولا كيف تفسر لها أنها اختارت عادل بكامل حريتها منذ عشرين سنة، وأنها أعجبت بصفاته وخصاله عندما التقته، وأن تلك الصفات نفسها هي التي تكرهه بسببها الآن، كل صفاته كبرياؤه ثقته المفرطة في نفسه، دمه البارد، ملامحه، أحلامه، طموحه، تكرهها حتى رائحته».

وينصدم القارئ مما تحدثت به «زهرة»، والتي أخذت في هذه المسافة دور الراوي: «لا أدري أي هوس يسيطر علي ليجعلني أحكي لكم قصتي! أي عفريت يتلبسني لأفتح الجرح القاتل وأرشه بالملح، أي رغبة تتملكني لأخبركم بسر أنام كي أنساه وأستيقظ من دون أن أنساه، أعرف أنكم قرأتم كل ما سرده الراوي عني ولكن الحقيقة تقول: لا أحد يمكنه فتح صناديق أسرار الغير كاملة».

وتكشف: «قضيت نصف حياتي في بيت أبي ونصفه الثاني في بيت زوجي، لم يكن أي منهما حنونا علي أكثر من الآخر، إذ كلاهما كان ينضح بشاعة».

وتأتي النهاية التي تتماثل فيها «زهرة» في انطفاءة أبدية إثر انفجار رهيب، تتعرض له في رحلتها مع نفسها وحياتها، جاء مصرعها وفق منظومة ظالمة تتأزم فيها الحياة في أبشع صورها: «تهب علي رائحة دهن العود، تهدأ روحي، سحابة من عطر ترفعني، أشم رائحة عطر أمي، أعانقها، أتشمم رقبتها، لكن ثمة رائحة غريبة تتسلل خلسة إلى ثنايا روحي».

هكذا تدافعت الأحداث في سياقها المحير، وفي مضامينها التي تتوهج فيها الرؤى بأكبر قدر من التأمل، ومن ثم فقد بدت اللغة الروائية متجهة بقوة إلى انعكاسات متقاطعة، وغير قابلة لأن تجتمع في نقطة محددة، ومن ثم فإن المشاعر باتت غير مستقرة وقابلة للتغيير في كل فصول الرواية، كما أن الشأن السياسي المفعم بروح الإنسانية كان غالبا على الأحداث، وبالتالي جاءت المعالجة في أشكالها الموضوعية، القريبة من الإنسان.

في ما بدت الحوارات- القليلة- في الرواية متناسقة مع الجو العام للحبكة، ومتفهمة بشدة لدور الراوي في تحريك خيوط الأحداث، في اتجاهات وعرة وعصية.

و«رائحة التانغو»... هي الرواية الثانية للكاتبة دلع المفتي والكتاب الرابع لها بعد رواية «هن لست أنت»، والمجموعة القصصية «عورة»، ومجموعة المقالات «هل تسمحون لي».


http://www.alraimedia.com/Articles.as...
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 31, 2014 02:09

December 24, 2014

هذا صديقي

تفرح لأصدقائك، إن تزوج ابن صديق تهلل له وتقف معه مباركا ومهنئا ومساعدا، إن ترقت صديقة في عملها تفرح بتفوقها، إن أصدر صديق كتاباً فرحت بإنجازه وكأنه إنجازك. إن فازت صديقة بجائزة شعرت أن الجائزة لك، إن أقيمت مناسبة لأحد من الأصدقاء ركضت بكل ما أوتيت من حب لتدعمه وتقف معه. تستعير أجنحة تطير بها كي يرى الناس إنجاز أصدقائك وتقف بكل فخر لتقول: «هذا صديقي». لكن ولسبب ما، وعندما تحتاج ريشة واحدة كي تساعدك على الطيران، تلتفت لتجد نفسك بلا اجنحة.

أحيانا يتداخل الخاص مع العام، ولا بأس بين الحين والحين أن نشكو بؤسنا الخاص ككتّاب، الذي لا يختلف كثيراً عما لو كنا طباخين او مدرسين او بلا عمل، وأعني في ذلك حالة التعاطف المفقودة بين أبناء المهنة الواحدة، رغم وحدة الظروف ووحدة الشكوى حول المداهنة التي صارت سمة شائعة في عالم الكتابة. فما الذي يمنع صديقا وأديبا، وله كامل الحرية في النشر، أن يكتب وينشر ما يهمسه لك سرا في أذنك؟ لماذا يستكثر هؤلاء الكلمة الطيبة بحق صديقهم الذي لطالما تفرغ لخدمتهم وكرس جهده للاهتمام بهم ونشر أعمالهم؟

حول هذا الموضوع تدور أحاديث كثيرة، فالكل يعتب والكل يعاتب، بحيث نتبادل الادوار بين الجاني والمجني عليه بعدالة شديدة. فحالة الشللية التي تطفو على أرواح المثقفين، تسعى وبوتيرة واحدة إلى تكريس المكرس ونفخ المنفوخ، ونتف ريش المنتوف أصلا. يهرولون نحو ذلك الكاتب الكبير بأعرافهم والمشهور بنظرهم من المطار إلى تغريدة على تويتر، لكنهم مع صديقهم الواعد يضغطون على أنفسهم لإرسال إيميل أو رسالة هاتفية «جبر خاطر» وسرا، حتى لا يسمعهم أحد. هؤلاء هم زملاء المهنة وأهل الدار، يسرقون فرحتك وحتى حزنك وهمومك. يتخلون عن أبسط مبادئ الأدب الذي يتباكون عليه في كل جلساتهم.

على الجانب الآخر، تكرس جهدك ووقتك ونشاطك في صحيفة تكتب فيها لسنوات، معتبرا إياها منزلك ومنبرك، تبذل فيها تطوعا من أجل تقدمها، تقطع آلاف الأميال في سبيل إهدائها موضوعا مهما، تجري لقاءات مع شخصيات فعالة دون طلب، تذهب لأشد المواقع خطرا لتجري تحقيقا مهما، وعندما توضع الأمور على المحك تجدها آخر من يشاطرك هذا الحب، وآخر من يبادلك الود، ولا حتى تتطوع لتشد أزرك في محنتك.

انه فعلا لأمر مخجل، ولا أعطيه أكثر مما يستحق وأسميه محزناً. لكنها الأيام ستدور، ومحكمة الأيام، كما تسمى، ستفرز الصالح من الطالح، وستبقى الأعمال الصادقة حية بمرور الزمن، فهي لا تحتاج مجاملة من هذا ولا إطراء من ذاك. فالعمل المخلص النابع من القلب سيبقى في قلوب الناس ولن يتأثر بنفاق «المثقفين».

وإن لم تجد من يقف فخورا ليقول لك «هذا صديقي»، فدع منجزك، وبكل فخر يكن صديقك.

***

ومهما يكن، فلدينا أصدقاء يستحقون منا التهنئة، علّ كلماتنا تشد أزرهم وتخبرهم اننا معهم.

باقات من المحبة والسلام لكل المسيحيين، وفي الشرق خاصة - أعياد مجيدة وكل عام وأنتم بخير.


دلع المفتي
نشر في 25\12\2014
http://www.alqabas.com.kw/node/922795
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 24, 2014 14:09

December 3, 2014

الحمارة!

شغل الحمار جزءاً كبيراً من ادب الشعوب نثرا وشعرا ونوادر وأدبا ساخرا، لكن ماذا عن الحمارة؟

لطالما اعتقدنا ان صفات الحمار تليق بالإنسان الغبي، لكن في هذا الرأي ظلماً كبيراً للحمار، إذ لم تثبت أي دراسة علمية أن الغباء احدى صفات الحمير، فالحمار يتصف بالصبر وتحمل المشقة والإيثار وقوة التحمل، وهذه هي الصفات ذاتها التي نستطيع ان نسقطها على الحمارة، أو المرأة الصابرة إن صح التعبير، فهي ليست الغبية ولا الساذجة ولا «الهبلة» كما نحب ان نسميها، بل هي المرأة «المعنفة - الصابرة» التي تتحمل وتصبر وتصبر إلى أن ينتفض الصبر منها فينفجر بها قائلا: ثوري.

المرأة الصابرة هي تلك التي تقبل الاهانة والقسوة والضرب والعنف بسبب المفاهيم الاجتماعية (العادات والتقاليد)، التي أقنعتها أن ما يحصل لها أمر طبيعي، وأن من أساسيات العلاقات الزوجية القسوة والعنف، وعليها كزوجة صالحة، أن تتحملها وتسكت عليها. فمعظم المجتمعات تمنح الرجل أعذاراً عدة (وإن كانت كلها واهية) لممارسة عنفه ضد المرأة، وقضايا العنف الزوجي ينظر لها في كثير من الأوقات على أنها شأن خاص بالأسرة، وليس لأحد التدخل بها، وعلى المرأة «الحمارة» الصبر على عنف زوجها والسكوت، وحتى إن كان على حساب صحتها ونفسيتها وحتى وجودها. الأدهى هو عندما تذهب «الحمارة» لأبعد من هذا، فتختلق الأعذار لزوجها لتعنيفها، وتلوم نفسها وتقتنع بأنها تستحق ما حصلت عليه من تعنيف.

بيد أن العنف ضد المرأة ليس جسديا ماديا فقط، فالإهانة والشتم والتجريح والشك والطعن في الشرف والتهديد عنف أيضا، بل ربما عنف أشد وأقسى، كون آثاره لا تظهر واضحة على جسد المعنفة، بينما آثاره النفسية أعمق وأشد وطأة. ومما لا شك فيه أن نسبة المعنفات «نفسيا» تزيد بكثير عن نسبة المعنفات جسديا. لكن للأسف معظم قصص العنف لا تصل الى القضاء، بل لا تصل حتى الى مخفر الشرطة، لسبب واحد فقط، هو أن المرأة (الحمارة) تفضل الصبر على ألمها وجروحها، على أن «تفضح» زوجها وتشرد أطفالها وتلطخ سمعة العائلة، فتقضي عمرها في العذاب حتى وإن كان الثمن حياتها.

العنف ضد المرأة هو انتهاك لحق من حقوق الإنسان، وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي مر علينا منذ أيام، ظهرت إحصائيات صادمة، فعلى الرغم من القوانين التي تسنها بعض الدول للحد من العنف ضد المرأة، فإن أكثر من 70 في المئة من نساء العالم يعانين من العنف في حياتهن. فالعنف ضد المرأة لا يقتصر على بلادنا ولا على فئة معينة، وإنما يشمل جميع الثقافات والدول، الغربية منها والعربية، الإسلامية وغير الإسلامية، النامية والمتقدمة. باختصار هناك «حمارة» في كل دول العالم.

فيا صابرة صبر الحمير، اصحي.. وثوري على جلادك، فليس هناك ما يستحق كل هذا الألم.

• هامش: أنثى الحمار تسمى «أتان» وليس حمارة كما هو متداول وشائع.


دلع المفتي
نشر في 4/12/2014
http://www.alqabas.com.kw/node/917347
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 03, 2014 12:32

November 27, 2014

«نقاط» لوياك

«نقاط» من الحب والفرح والفخر شعرت بها تغلي في داخلي وأنا أحضر فعاليات حدثين ثقافيين في الكويت خلال الأسبوع الماضي. مؤتمر «نقاط»، ومسرحية «من هوى الأندلس» لطلبة «لوياك».

«نقاط» مجموعة من الشباب المتحمسين آمنوا بأن الإبداع ليس له حدود جغرافية ولا زمنية ولا عمرية، وحملوا على عاتقهم مسؤولية تشجيع الإبداع في الوطن العربي. فشكّلوا نواة صغيرة سرعان ما نضجت وأصبحت من أهم المؤتمرات الشبابية التي تقام في هذا المجال في جميع أنحاء الوطن العربي.

انطلقت «نقاط»، التي عُرِفت أولاً بــ «نقاط على الحروف»، بهدف واحد، وهو تطوير الإبداع في العالم العربي في مختلف الميادين: التصميم، الإعلان، الهندسة المعمارية، الأزياء والإنتاج. وأصبحت منصّة للتواصل تربط المبدعين في دول الخليج والشرق الأوسط، وتنمي إبداعهم من أجل تحقيق التغيير في العالم العربي. وبعد ثلاثة مؤتمرات رائعة استقطبت مهتمين من كل الدول العربية والأجنبية، أتى مؤتمر السنة الذي تمحور حول «العمل المشترك»، حيث أقيمت 24 محاضرة و12 ورشة عمل إضافة إلى العديد من الامسيات الموسيقية والسينمائية.

أما «لوياك» فهي منظمة بدأت صغيرة ثم أصبحت رائدة في العمل الأهلي التطوعي، ونالت كثيراً من الجوائز العالمية، بل وتوسعت وفتحت لها فروعاً في دول عربية أخرى.

«لوياك» منظمة مجتمع مدني، حاربت وتحارب منذ سنين لاستقطاب الشباب وتدريبهم وتعليمهم كيفية قضاء أوقات فراغهم، بما يعود على المجتمع وعلى أنفسهم بالفائدة، من خلال العمل التطوعي، وممارسة الفنون والموسيقى والتمثيل والرياضة.

لحسن حظي، حضرت واحدة من فعاليات لوياك في الأسبوع الماضي وهي مسرحية «من هوى الاندلس». تقع أحداث المسرحية في أواخر القرن العاشر في الأندلس، وتسلط الضوء على حكم الخليفة المستنصر بالله الذي اشتهر بدعمه للعلم، حيث شيدت في عهده أكبر مكتبة آنذاك، وهي مكتبة قرطبة. وتمكنت فارعة السقاف كاتبة المسرحية من إسقاط الكثير من الأحداث على ما نعيشه من أوضاع في مجتمعاتنا اليوم، من تطرف وطائفية وعنصرية وفساد.. الخ. لقد أبهرتنا المسرحية: كتابةً، تمثيلاً، موسيقيّاً، رقصاً وإخراجاً.

لكن موضوعي ليس عن طبيعة عمل «نقاط» و«لوياك»، بل عن كيفية عملهما. فالمشروعان قاما بجهود فردية كويتية، من دون أي دعم «أو تدخل» حكومي، ومن دون الاعتماد على مؤسسات الدولة ومن دون الرضوخ لعقبات وعثرات التخطيط الحكومي. اعتمد القائمون على جهودهم وتطلعاتهم المؤمنة بهدفها، وحاربوا لعمل تغيير إيجابي في المجتمع الذي يعيشون فيه، ونجحوا ببيارق خفاقة، وشرّفوا أنفسهم وبلدهم.

في ظل دوائر العنف التي نعيشها في عالمنا العربي، وتحت سيف الجهل والتخلف والتشدد الذي يربض على رقابنا ويشدنا إلى الخلف، تظهر لنا «نقاط» و«لوياك» لتملآ قلوبنا بالبياض وتعيدا بعض الامل الى أرواحنا، إيماناً بجيل جديد واعد «قادر».

لنا الحق أن نفخر بشبابنا، ولهم الحق في التقدير.. فتحية لأجمل مشروعين أهليين كويتيين.

دلع المفتي
27\11\2014
http://www.alqabas.com.kw/node/915380
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 27, 2014 13:22

لكلٍ هويته

دلع المفتي
مجموعة من المقالات التحقيقات واللقاءات التي نشرت لي في القبس الكويتية.
Follow دلع المفتي's blog with rss.