ماهرعبد الرحمن's Blog, page 9
June 18, 2013
رسائل جويس الى زوجته نورا
صغيرتي العزيزة نورا، أعتقد أنك تحبّينني، أليس كذلك .يروق لي ان أفكر فيك وأنت بصدد قراءة قصائدي (رغم أنك لم تنتبهي لها إلاّ عقب مرور خمسة أعوام).عندما كتبتها كنت لا أزال فتى غريب ألأطوار، متوحّدا بنفسي، أتسكّع في اللّيل وحيدا مفكّرا في أنه سيأتي يوم، وتعشقني فتاة.غير أني لم أكن أتمكّن من التحدّث إلى الفتيات اللّاتي كنت ألتقي بهنّ عند أناس آخرين.فقد كانت أساليبهنّ المخادعة توقف مساعيّ فورا.ثمّ جئتني.بطريقة مّا لم تكوني الفتاة التي كنت أحلم بها، وإليها كتبت قصائدي التي تجدينها آلآن فاتنة، وساحرة.وربّما كانت (مثلما كنت أراها في خيالي) الفتاة التي شكّل جمالها الغريب، الوقور ثقافة ألأجيال التي سبقتها، المرأة التي كتبت لها قصائدي ك"سيّدة وديعة"، أو التي سميّتها"صَدْفة اللّيل".في ما بعد عاينت أنّ جمال روحك يتفوّق على جمال قصائدي.جزء من رسالة كتبها جيمس جويس إلى الفتاة التى إلتقى بها للمرّة الأولى على أحد جسور دبلن
رسائل جويس الى زوجته نورا
حسّونة المصباحي:
كاتب تونسي
كان الكاتب الإيرلندي العظيم جيمس جويس في الثانية والعشرين من عمره لمّا آلتقى للمرّة الأولى على أحد جسور دبلن حيث ولد عام 1882، فتاة جميلة تدعى نورا بارناكل، تعمل منظّفة للغرف في أحد الفنادق.ومن أوّل نظرة أحبّها وقرّر أن تكون له، وأن يكون لها! وفي ما بعد سوف تحضر في جلّ أعماله.وستكون مؤثّرة فيها بشكل رائع، ومُدْهش، وستوحي له بكتابة مونولج مولّي بلوم الشّهير الذي به أنهى روايته "يوليسيس"حيث لا نقاط ولا حروف، بل سيل هادر من الكلمات، ومن الصّور، ومن الإستعارات العجيبة، الفريدة من نوعها .وستكون نورا مجسّدة لبطلات جويس في قصصه نوفي رواياته.فهي مولّي بلوم، المرأة الجميلة المغتلمة التي لا تشبع من مضاجعة الرّجال، متعمّدة خيانة زوجهاالتّائه في حانات دبلن.وهي بارتا الرقيقة المشاعر، المتوجسة دائما من صدمات الزّمن القاتلة في مسرحيّة "المنفيّون".وهي أنّا ليفيا بلورابال في "يقظة فينيغن".وهي غريتا في قصّة "الموتى" التي يقضي حبيبها بالسّلّ الرّؤيّ بعد ان يمضي ليلة باردة نوممطرة واقفا امام نافذة غرفتها طمعا في قبلة بعيدة منها!
في ذلك الوقت، كان جيمس جويس يخطّط للرّحيل بعيدا ليصنع "أسطورته" الأدبيّة خارج بلاده كما كان يحلو له أن يقول.وكان يصف دبلن ب"مدينة الفشل والإخفاقات، والحقد والظّغينة".وكان قد أمضى سنة في باريس لدراسة الطب، غير أنه لم يلبث أن آنقطع عن ذلك لإدراكه بأن الأدب هو وحده الذي سَيعْنيه طوال حياته.ورغم أنه كن قدفرض نفسه في ألأوساط ألأدبيّة في دبلن، ولفت آنتباه الآخرين لنبوغه، وألمعيّته، فإنه لم يكن قد كتب غير بعض القصص التي ستتكوّن منها في ما بعد مجموعته القصصيّة الشهيرة"أناس من دبلن"، وبعض المقالات خصوصا عن إبسن الذي كان "معلّمه" في ذلك الوقت.ولم يكن جويس يخفي عداءه للكنيسة، ورفضه للعائلة، ونفوره من الأحزاب السّياسيّة، ومن الطبقات الإجتماعيّة، ومن المذاهب الدينيّة مهما كان نوعها، ومن كلّ ما يمكن أن يهدّد حرّيته الشخصيّة.ومع الحركات ألأدبيّة تعامل منذ البداية بكثير من الحذر، بل بتعال، وبنفور أزعج المنتسبين إليها. كما انه لم يعرْ آهتماما كبيرا لمشاهير الكتّاب والشّعراء في بلاده من أمثال جون سينج، وأوغستا غريغوري، وويليام بتلر ييتس الحائز على جائزة نوبل للآداب.ولمّا رغب هذا ألأخير في الإلتقاء به ليقرأ له البعض من قصائده الجديدة ردّ جويس الذي كان آنذاك في العشرين من عمره، على طلبه اللّطيف بصلافة الفتى المتمرّد على ألأخلاق، وألأصول قائلا:"لقد آلتقينا بعد فوات ألأوان.. وأنت آلآن عجوز في الغابرين بحيث سيكون من العسير عليّ أن أحدث فيك أيّ تأثير". وكان جويس يرددّ بأن الفوضى "ضروريّة لخلق عالم بديع".وفي الرسائل ألأولى التي كتبها لها بعد اللّقاء على الجسر، طالب جيمس جويس نورا بأن تبادله نفس الصّراحة التي بها يبوح لها بأحاسيه، وأفكاره.كما حدّثها عن المغامرة التي يعتزم خوضها بعد أن قرّر أن يُنذر حياته للأدب، ولا شيئ غير ألأدب، قائلا لها: "سأنتصر في النهاية، وسوف تكونين إلى جانبي".
وفي سنة 1904سوف ينطلق جيمس جويس بصحبة نورا الى مدينة "ترياست"الإيطاليّة لتكون لهما مقاما على مدى سنوات مديدة، خلالها سوف ينشغل بكتابة" يوليسيس".وفي تلك المدينة الواقعة على حدود الإمبراطوريّة النّمساويّة التي ستنهار في نهاية الحرب الكونيّة الثانية، سوف يعيشان بدون عقد زواج، غير أنهما سينجبان طفلا وبنتا تدعى "لوسي" سوف تصاب بالجنون في شبابها لتمضي بقيّة حياتها في المصحّة العقليّة في باريس.
وبعد الحرب الكونيّة الأولى، ترك جويس ترياست ليقيم بصحبة عائلته في مدينة زيوريخ السويسريّة وفيها سيكمل روايته الذّائعة الصّيت" يوليسيس"والتي صدرت عام1922.بعدها آنتقل، ودائما بصحبة عائلته للإقامة في باريس حيث آنشغل بكتابة روايته التي حملت عنوان "يقظة فينيغن" والتي صدرت عام 1939.عند آندلاع الحرب الكونيّة الثانية، عاد جويس مجدّدا الى زيوريخ وفيها توفّي مطلع عام 1941.
ولم يتزوّج جويس نورا بارناكل إلأّ عام 1931.وقد تمّ ذلك في لندن .ولعلّه أجّل الزّواج بها لأنه كان يبتغي أن تكون عشيقته التي تثيره دائما وليست الزّوجة التي تشعره بالضّجر فتبرد علاقته بها .وقد تذبل وتموت.ومنذ أن آلتقى بها وحتى عام 1922، واظب جويس على كتابة رسائل حبّ عاصفة غالب الأحيان الى نورا ذات الأنوثة الصّارخة مخاطبا إيّاها مرة ب:"صغيرتي الجميلة المقطّبة "ومرّة ب:"صغيرتي الحميراء العزيزة"، قائلا لها : "آسمحي لي بأن أقبّل غمّزة عنقك البديعة"، ثمّ يُمضي:"أخوك المسيحيّ في الدّعارة والشّبق".ومودّعا إيّاها يكتب لها:"وداعا عزيزتي السّاذجة، المفرطة الحساسيّة، الوَسْنانة، العديمة الصّبر، يا نورا ذات الصّوت العميق".وعند عودته الى دبلن عام 1909، دأب جويس على كتابة رسائل تكاد تكون يومّية الى نورا التي بقيت في "ترياست".وفي جميع هذه الرسائل، هو يبدو مثل شاعر مجنون يهذي من شدّة حمّى عشقه للحبيبة الغالية والبعيدة:"هل الحبّ جنون؟في بعض ألأحيان أراك العذراء أو صورة العذراء.بعدها أراك فاجرة، فاسقة، وقحة، وفاحشة".وفي رسائل أخرى، يطلب جويس من زوجته أن تكتب له رسائل مليئة ب"الكلمات الفاحشة"لأنه يحبّ ذلك.فهي تثيره وتزيده تعلّقا بها!: "قولي لي الأشياء الصّغيرة عنك حتى ولو كانت قذرة، وفاحشة، ، ومنفّرة، وخبيئة.لا تكتبي شيئا آخر.لتكن كلّ جملة مليئة بالكلمات وبالعبارات السّوقيّة. فجميعها بديعة حين أسمعها وحين تكون على الورق".ثم يواصل:" كلّ الرجال غلاظ يا عزيزتي، لكن عندي أنا على الأقل ما هو أسمى وأنبل".ثم لا يلبث جويس أن يعترف لنورا أنه يكره سماع الكلمات البذيئة خصوصا في مجالس الرجال، لكن هي التي حوّلته الى "حيوان"، وهي " الفتاة الشنيعة التي وجّهته الى هذه الوجهة".وتعلو النّبرة الشّاعريّة عنده والتي سيستحضرها في المونلوج الشهير ل" مولّي بلوم " في نهاية" يوليسيس"فيكتب: "نورا، عزيزتي الوفيّة، يا تلميذتي الصّغيرة السّوقيّة ذات العينين الوديعتين، كوني عاهرتي، وعشيقتي، عشيقتي الصّغيرة التي تثير غرائزي، فاجرتي الصّغيرة القذرة الدّنيئة... أنت دائما زهرتي الجميلة، االوحشيّة، زهرة السّياج، زهرتي الزّرقاء الدّاكنة المبللّة بالمطر".ومن بعيد يكتب لهاأيضا:"ضاجعيني يا عزيزتي، آفعلي ذلك بكل طرقكك الجديدة التي تبيحها رغباتك.ضاجعيني مرتدية ثيابك الفاخرة التي ترتدينها عند خروجك الى المدينة بقبّعتك وبغلالتك على الوجه، وقد آحمرّ وجهك من البردومن المطر، وتلطّخ حذاؤك بالوحل، كوني مفرشحة على فخذيّ وأنا جالس على الفوتاي وأنت تركبينني منتفضة، مرقّصة جناحي "كيلوتك"، وعضوي منتصبا يغوص في أعماق فرجك، أو أنت تركبينني على مسند الأريكة". وفي رسالة أخرى بتاريخ 20أكتوبر -تشرين الثاني 1909، كتب جويس لنورا يقول:"عزيزتي الطيّبة، الوفيّة الصّغيرة نورا، لا تكتبي لي مشكّكة فيّ، ومرتابة منّي.أنت حبّي الوحيد.ولك كامل النّفوذ عليّ .أنا أعرف، وأحسّ أنني إذا ما أنا كتبت أيّ شيئ جميل، ونبيل في المستقبل ـ، فإنه لن يكون إلاّ وانا أنصت إليك واقفا عند عتبات أبواب قلبك".ويختم جويس الرسالة قائلا:"آلآن يا فتاتي الرّائعة السّية الطّبع، والطّباع أعديني بألاّ تبكين، وإنّما أن تهبيني الشجاعة لكي أنهي عملي ". وكان جويس قي دبلن عام 1909 عندما تآمر ضدّه صديق قديم زاعما أنه كان قد أرتبط بعلاقة غراميّة مع نورا التي كانت آنذاك في ترياست .عندئذ تأجّجت نار الغيرة في قلبه، فكتب لها يقول ملتاعا:"كنت دائمالا صريحا في كلّ ما قلته لك حول نفسي.أمّا انت فلم تكوني صريحة معي.في الفترة التي كنت ألتقي بك في ركن "ماريون سكوار"، وبصحبتك أذهب للتّجوّل، وأشعر بيدك تلمسني في العتمة، وأسمع صوتك (آه يا نورا !لن أسمع أبدا تلك الموسيقى لأنني لا أصدّق) في الفترة التي كنت ألتقي بك مرّة كلّ يومين، كان لك موعد مع أحد أصدقائي أمام "المتحف"، ومعه كنت تمشين في نفس الشّوارع، بمحاذاة القناة، أمام البناية بطابق واحد، حتّى رصيف "دودّر".كنت تتوقّفين هناك معه:هو يحتضنك، وأنت ترفعين وجهه، ثمّ تقبّلينه.ماذا فعلتما معا بعد ذلك؟وفي اليوم التّالي تلتقين بي.لقد علمت بكلّ هذا منذ ساعة من فم عشيقك.عيناي ممتلئتان بالدّموع، دموع الغمّ، والإذلال.قلبي مفعم بالمرارة واليأس.لا أريد أن أرى شيئا غير وجهك وهو يرتفع ليلتحم بوجه رجل آخر.آه يا نورا.. كوني رحيمة بي، مشفقة عليّ بسبب ما أقاسيه آلآن من آلام، وعذابات.سوف أظلّ أبكي لأيّام عدّة.ثقتي في ذلك الوجه الذي أحبّ دمّرت.آه، نورا، نورا، كوني رحيمة بحبّي الشّقيّ.ليس بآستطاعتي أن أمدّك يأيّ آسم من ألأسماء العزيزة على قلبي ففي هذا المساء علمت أنّ الكائن الوحيد الذي فيه أثق لم يكن وفيّا تجاهي.
آه نورا، هل كلّ شيء آنتهى بيننا؟
آكتبي لي، نورا، لم أكن أحبّ غيرك أنت، وأنت دمّرت ثقتي فيك ".غير أن حبّه العاصف لنورا سرعان ما يستبدّ به، فيكتب جويس لها من دبلن وفي كلماته نبرات آستعطاف:"عزيزتي.السّاعة آلآن الثّانية صباحا تقريبا.يداي ترجفان من البرد ذلك أنه كان عليّ أن أخرج لكي أرافق أخواتي اللأتي منّ في سهرة، إلى البيت.وآلآن يتوجّب عليّ أن أسير حتّى "البريد المركزي" .فأنا لا أريد أن تكون حبيبتي من دون رسالتها غدا صباحا.الهديّة التي آقتنيتها لك خصّيصا هي في هذه اللّحظة في مكان آمن في جيبي.وأنا أريها للجميع لكي يعلموا أني أحبّك، يا نورا الغالية، وأنّي أفكّر فيك ـوأرغب في تكريمك.قبل ساعة، كنت أغنّي أغنية "فتاة أوغريم".وقد آغرورقت عيناي بالدّموع، وصوتي آرتجف من فرط التّأثّر عندما فعلت ذلك.وهذا وحد كاف لكي أعود إلى إيرلندا لأستمع إلى هذه ألأغنية بصوت والدتك اللّطيفة التي أحبّها كثيرا يا نورا العزيزة.وربّما في ألفنّ، يا حبيبتي نورا، نجد أنا، وأنت تعزية لحبّنا.وأنا أرجو أن تكوني محاطة بكلّ ما هو أنيق، وجميل، ونبيل في الفنّ.وأنت لست كما أنت تقولين، فتاة غيرمتعلّمة، من دون ثقافة .أنت زوجتي، يا عزيزتي،، وكلّ الفرح، وكلّ السّعادة، أتمنّى أن أهبك إيّاهما.نورا، يا عزيزتي، ليظلّ حبّنا مثلما هو آلآن مستمرّا، وقائم الذّات.أنت تفهمين آلآن عاشقك، الضّائع، العنيد، الغيّور،، أليس كذلك يا عزيزتي؟.سوف تحاولين لجمه في أوقات آندفاعاته، وسورات غضبه .أليس كذلك يا عزيزتي؟هو يحبّك، فلا تنسي آحساسه هذه أبدا.أبدا لم تكن له ذرّة حبّ لواحد آخر غيرك، أنت فقط.وأنت التي فتحت هاوية عميقة في حياته.كلّ كلمة بذيئة تُنْطق سوف تجرحني مستقبلا، وسوف تجرحك أنت أيضا.عندما كنت أغازلك (وكنت آنذاك في التاسعة عشرة من عمرك..آه كم أبتهج عندما أفكر في ذلك)، كان ألأمر على نفس الصّورة.كنت في بداية حياتي شبيهة بفكرة السيّدة العذراء في سنوات طفولتي.آه، قولي لي يا حبّي اللّذيذ، أنّك راضية عنّي راهنا.كلمة تمجيد، ومدح لي سوف تغمرني بالفرح، بفرح ناعم شبيه بالوردة"
ثمّ يخفّ لهب الغيرة التي تحرق قلبه، وروحه، فيكتب جويس لنورا في صيف 1909 وهو لا يزال في دبلن:"صغيرتي العزيزة نورا، أعتقد أنك تحبّينني، أليس كذلك .يروق لي ان أفكر فيك وأنت بصدد قراءة قصائدي (رغم أنك لم تنتبهي لها إلاّ عقب مرور خمسة أعوام).عندما كتبتها كنت لا أزال فتى غريب ألأطوار، متوحّدا بنفسي، أتسكّع في اللّيل وحيدا مفكّرا في أنه سيأتي يوم، وتعشقني فتاة.غير أني لم أكن أتمكّن من التحدّث إلى الفتيات اللّاتي كنت ألتقي بهنّ عند أناس آخرين.فقد كانت أساليبهنّ المخادعة توقف مساعيّ فورا.ثمّ جئتني.بطريقة مّا لم تكوني الفتاة التي كنت أحلم بها، وإليها كتبت قصائدي التي تجدينها آلآن فاتنة، وساحرة.وربّما كانت (مثلما كنت أراها في خيالي) الفتاة التي شكّل جمالها الغريب، الوقور ثقافة ألأجيال التي سبقتها، المرأة التي كتبت لها قصائدي ك"سيّدة وديعة"، أو التي سميّتها"صَدْفة اللّيل".في ما بعد عاينت أنّ جمال روحك يتفوّق على جمال قصائدي.كان فيك شيئ أسمى من كلّ ما كنت قد وضعته عنهنّ .لهذا السّبب، أعتقد أن ديواني الشّعريّ موجّهة لك.إنه يحتوي على رغبات شبابي، وأنت يا عزيزتي كنت آكتمال تلك الرّغبات(...)هل تعرفين ما هي الجوهرة، وما هي عين الهرّ(حجر لبنيّ كريم متغيّر ألألوان-المترجم)؟روحي لمّا تقدّمت منّي لأوّل مرّة بخطوات خفيفة في تلك المساءات الصّيفيّة الدّافئة كانت جميلة بالجمال الشّاحب للجوهرة لكن من دون الوجد، والشّغف .ثمّ آخترقني حبّك، وآلآن أشعر أن فكري مثل عين الهرّ، أي أنه مليئ بالإشعاعات، وألألوان، وبألأضواء الحارّة، وبالظّلال الهاربة، وبالموسيقى المُتناوبة
http://www.kikah.com/indexarabic.asp?...
رسائل جويس الى زوجته نورا
حسّونة المصباحي:
كاتب تونسي
كان الكاتب الإيرلندي العظيم جيمس جويس في الثانية والعشرين من عمره لمّا آلتقى للمرّة الأولى على أحد جسور دبلن حيث ولد عام 1882، فتاة جميلة تدعى نورا بارناكل، تعمل منظّفة للغرف في أحد الفنادق.ومن أوّل نظرة أحبّها وقرّر أن تكون له، وأن يكون لها! وفي ما بعد سوف تحضر في جلّ أعماله.وستكون مؤثّرة فيها بشكل رائع، ومُدْهش، وستوحي له بكتابة مونولج مولّي بلوم الشّهير الذي به أنهى روايته "يوليسيس"حيث لا نقاط ولا حروف، بل سيل هادر من الكلمات، ومن الصّور، ومن الإستعارات العجيبة، الفريدة من نوعها .وستكون نورا مجسّدة لبطلات جويس في قصصه نوفي رواياته.فهي مولّي بلوم، المرأة الجميلة المغتلمة التي لا تشبع من مضاجعة الرّجال، متعمّدة خيانة زوجهاالتّائه في حانات دبلن.وهي بارتا الرقيقة المشاعر، المتوجسة دائما من صدمات الزّمن القاتلة في مسرحيّة "المنفيّون".وهي أنّا ليفيا بلورابال في "يقظة فينيغن".وهي غريتا في قصّة "الموتى" التي يقضي حبيبها بالسّلّ الرّؤيّ بعد ان يمضي ليلة باردة نوممطرة واقفا امام نافذة غرفتها طمعا في قبلة بعيدة منها!
في ذلك الوقت، كان جيمس جويس يخطّط للرّحيل بعيدا ليصنع "أسطورته" الأدبيّة خارج بلاده كما كان يحلو له أن يقول.وكان يصف دبلن ب"مدينة الفشل والإخفاقات، والحقد والظّغينة".وكان قد أمضى سنة في باريس لدراسة الطب، غير أنه لم يلبث أن آنقطع عن ذلك لإدراكه بأن الأدب هو وحده الذي سَيعْنيه طوال حياته.ورغم أنه كن قدفرض نفسه في ألأوساط ألأدبيّة في دبلن، ولفت آنتباه الآخرين لنبوغه، وألمعيّته، فإنه لم يكن قد كتب غير بعض القصص التي ستتكوّن منها في ما بعد مجموعته القصصيّة الشهيرة"أناس من دبلن"، وبعض المقالات خصوصا عن إبسن الذي كان "معلّمه" في ذلك الوقت.ولم يكن جويس يخفي عداءه للكنيسة، ورفضه للعائلة، ونفوره من الأحزاب السّياسيّة، ومن الطبقات الإجتماعيّة، ومن المذاهب الدينيّة مهما كان نوعها، ومن كلّ ما يمكن أن يهدّد حرّيته الشخصيّة.ومع الحركات ألأدبيّة تعامل منذ البداية بكثير من الحذر، بل بتعال، وبنفور أزعج المنتسبين إليها. كما انه لم يعرْ آهتماما كبيرا لمشاهير الكتّاب والشّعراء في بلاده من أمثال جون سينج، وأوغستا غريغوري، وويليام بتلر ييتس الحائز على جائزة نوبل للآداب.ولمّا رغب هذا ألأخير في الإلتقاء به ليقرأ له البعض من قصائده الجديدة ردّ جويس الذي كان آنذاك في العشرين من عمره، على طلبه اللّطيف بصلافة الفتى المتمرّد على ألأخلاق، وألأصول قائلا:"لقد آلتقينا بعد فوات ألأوان.. وأنت آلآن عجوز في الغابرين بحيث سيكون من العسير عليّ أن أحدث فيك أيّ تأثير". وكان جويس يرددّ بأن الفوضى "ضروريّة لخلق عالم بديع".وفي الرسائل ألأولى التي كتبها لها بعد اللّقاء على الجسر، طالب جيمس جويس نورا بأن تبادله نفس الصّراحة التي بها يبوح لها بأحاسيه، وأفكاره.كما حدّثها عن المغامرة التي يعتزم خوضها بعد أن قرّر أن يُنذر حياته للأدب، ولا شيئ غير ألأدب، قائلا لها: "سأنتصر في النهاية، وسوف تكونين إلى جانبي".
وفي سنة 1904سوف ينطلق جيمس جويس بصحبة نورا الى مدينة "ترياست"الإيطاليّة لتكون لهما مقاما على مدى سنوات مديدة، خلالها سوف ينشغل بكتابة" يوليسيس".وفي تلك المدينة الواقعة على حدود الإمبراطوريّة النّمساويّة التي ستنهار في نهاية الحرب الكونيّة الثانية، سوف يعيشان بدون عقد زواج، غير أنهما سينجبان طفلا وبنتا تدعى "لوسي" سوف تصاب بالجنون في شبابها لتمضي بقيّة حياتها في المصحّة العقليّة في باريس.
وبعد الحرب الكونيّة الأولى، ترك جويس ترياست ليقيم بصحبة عائلته في مدينة زيوريخ السويسريّة وفيها سيكمل روايته الذّائعة الصّيت" يوليسيس"والتي صدرت عام1922.بعدها آنتقل، ودائما بصحبة عائلته للإقامة في باريس حيث آنشغل بكتابة روايته التي حملت عنوان "يقظة فينيغن" والتي صدرت عام 1939.عند آندلاع الحرب الكونيّة الثانية، عاد جويس مجدّدا الى زيوريخ وفيها توفّي مطلع عام 1941.
ولم يتزوّج جويس نورا بارناكل إلأّ عام 1931.وقد تمّ ذلك في لندن .ولعلّه أجّل الزّواج بها لأنه كان يبتغي أن تكون عشيقته التي تثيره دائما وليست الزّوجة التي تشعره بالضّجر فتبرد علاقته بها .وقد تذبل وتموت.ومنذ أن آلتقى بها وحتى عام 1922، واظب جويس على كتابة رسائل حبّ عاصفة غالب الأحيان الى نورا ذات الأنوثة الصّارخة مخاطبا إيّاها مرة ب:"صغيرتي الجميلة المقطّبة "ومرّة ب:"صغيرتي الحميراء العزيزة"، قائلا لها : "آسمحي لي بأن أقبّل غمّزة عنقك البديعة"، ثمّ يُمضي:"أخوك المسيحيّ في الدّعارة والشّبق".ومودّعا إيّاها يكتب لها:"وداعا عزيزتي السّاذجة، المفرطة الحساسيّة، الوَسْنانة، العديمة الصّبر، يا نورا ذات الصّوت العميق".وعند عودته الى دبلن عام 1909، دأب جويس على كتابة رسائل تكاد تكون يومّية الى نورا التي بقيت في "ترياست".وفي جميع هذه الرسائل، هو يبدو مثل شاعر مجنون يهذي من شدّة حمّى عشقه للحبيبة الغالية والبعيدة:"هل الحبّ جنون؟في بعض ألأحيان أراك العذراء أو صورة العذراء.بعدها أراك فاجرة، فاسقة، وقحة، وفاحشة".وفي رسائل أخرى، يطلب جويس من زوجته أن تكتب له رسائل مليئة ب"الكلمات الفاحشة"لأنه يحبّ ذلك.فهي تثيره وتزيده تعلّقا بها!: "قولي لي الأشياء الصّغيرة عنك حتى ولو كانت قذرة، وفاحشة، ، ومنفّرة، وخبيئة.لا تكتبي شيئا آخر.لتكن كلّ جملة مليئة بالكلمات وبالعبارات السّوقيّة. فجميعها بديعة حين أسمعها وحين تكون على الورق".ثم يواصل:" كلّ الرجال غلاظ يا عزيزتي، لكن عندي أنا على الأقل ما هو أسمى وأنبل".ثم لا يلبث جويس أن يعترف لنورا أنه يكره سماع الكلمات البذيئة خصوصا في مجالس الرجال، لكن هي التي حوّلته الى "حيوان"، وهي " الفتاة الشنيعة التي وجّهته الى هذه الوجهة".وتعلو النّبرة الشّاعريّة عنده والتي سيستحضرها في المونلوج الشهير ل" مولّي بلوم " في نهاية" يوليسيس"فيكتب: "نورا، عزيزتي الوفيّة، يا تلميذتي الصّغيرة السّوقيّة ذات العينين الوديعتين، كوني عاهرتي، وعشيقتي، عشيقتي الصّغيرة التي تثير غرائزي، فاجرتي الصّغيرة القذرة الدّنيئة... أنت دائما زهرتي الجميلة، االوحشيّة، زهرة السّياج، زهرتي الزّرقاء الدّاكنة المبللّة بالمطر".ومن بعيد يكتب لهاأيضا:"ضاجعيني يا عزيزتي، آفعلي ذلك بكل طرقكك الجديدة التي تبيحها رغباتك.ضاجعيني مرتدية ثيابك الفاخرة التي ترتدينها عند خروجك الى المدينة بقبّعتك وبغلالتك على الوجه، وقد آحمرّ وجهك من البردومن المطر، وتلطّخ حذاؤك بالوحل، كوني مفرشحة على فخذيّ وأنا جالس على الفوتاي وأنت تركبينني منتفضة، مرقّصة جناحي "كيلوتك"، وعضوي منتصبا يغوص في أعماق فرجك، أو أنت تركبينني على مسند الأريكة". وفي رسالة أخرى بتاريخ 20أكتوبر -تشرين الثاني 1909، كتب جويس لنورا يقول:"عزيزتي الطيّبة، الوفيّة الصّغيرة نورا، لا تكتبي لي مشكّكة فيّ، ومرتابة منّي.أنت حبّي الوحيد.ولك كامل النّفوذ عليّ .أنا أعرف، وأحسّ أنني إذا ما أنا كتبت أيّ شيئ جميل، ونبيل في المستقبل ـ، فإنه لن يكون إلاّ وانا أنصت إليك واقفا عند عتبات أبواب قلبك".ويختم جويس الرسالة قائلا:"آلآن يا فتاتي الرّائعة السّية الطّبع، والطّباع أعديني بألاّ تبكين، وإنّما أن تهبيني الشجاعة لكي أنهي عملي ". وكان جويس قي دبلن عام 1909 عندما تآمر ضدّه صديق قديم زاعما أنه كان قد أرتبط بعلاقة غراميّة مع نورا التي كانت آنذاك في ترياست .عندئذ تأجّجت نار الغيرة في قلبه، فكتب لها يقول ملتاعا:"كنت دائمالا صريحا في كلّ ما قلته لك حول نفسي.أمّا انت فلم تكوني صريحة معي.في الفترة التي كنت ألتقي بك في ركن "ماريون سكوار"، وبصحبتك أذهب للتّجوّل، وأشعر بيدك تلمسني في العتمة، وأسمع صوتك (آه يا نورا !لن أسمع أبدا تلك الموسيقى لأنني لا أصدّق) في الفترة التي كنت ألتقي بك مرّة كلّ يومين، كان لك موعد مع أحد أصدقائي أمام "المتحف"، ومعه كنت تمشين في نفس الشّوارع، بمحاذاة القناة، أمام البناية بطابق واحد، حتّى رصيف "دودّر".كنت تتوقّفين هناك معه:هو يحتضنك، وأنت ترفعين وجهه، ثمّ تقبّلينه.ماذا فعلتما معا بعد ذلك؟وفي اليوم التّالي تلتقين بي.لقد علمت بكلّ هذا منذ ساعة من فم عشيقك.عيناي ممتلئتان بالدّموع، دموع الغمّ، والإذلال.قلبي مفعم بالمرارة واليأس.لا أريد أن أرى شيئا غير وجهك وهو يرتفع ليلتحم بوجه رجل آخر.آه يا نورا.. كوني رحيمة بي، مشفقة عليّ بسبب ما أقاسيه آلآن من آلام، وعذابات.سوف أظلّ أبكي لأيّام عدّة.ثقتي في ذلك الوجه الذي أحبّ دمّرت.آه، نورا، نورا، كوني رحيمة بحبّي الشّقيّ.ليس بآستطاعتي أن أمدّك يأيّ آسم من ألأسماء العزيزة على قلبي ففي هذا المساء علمت أنّ الكائن الوحيد الذي فيه أثق لم يكن وفيّا تجاهي.
آه نورا، هل كلّ شيء آنتهى بيننا؟
آكتبي لي، نورا، لم أكن أحبّ غيرك أنت، وأنت دمّرت ثقتي فيك ".غير أن حبّه العاصف لنورا سرعان ما يستبدّ به، فيكتب جويس لها من دبلن وفي كلماته نبرات آستعطاف:"عزيزتي.السّاعة آلآن الثّانية صباحا تقريبا.يداي ترجفان من البرد ذلك أنه كان عليّ أن أخرج لكي أرافق أخواتي اللأتي منّ في سهرة، إلى البيت.وآلآن يتوجّب عليّ أن أسير حتّى "البريد المركزي" .فأنا لا أريد أن تكون حبيبتي من دون رسالتها غدا صباحا.الهديّة التي آقتنيتها لك خصّيصا هي في هذه اللّحظة في مكان آمن في جيبي.وأنا أريها للجميع لكي يعلموا أني أحبّك، يا نورا الغالية، وأنّي أفكّر فيك ـوأرغب في تكريمك.قبل ساعة، كنت أغنّي أغنية "فتاة أوغريم".وقد آغرورقت عيناي بالدّموع، وصوتي آرتجف من فرط التّأثّر عندما فعلت ذلك.وهذا وحد كاف لكي أعود إلى إيرلندا لأستمع إلى هذه ألأغنية بصوت والدتك اللّطيفة التي أحبّها كثيرا يا نورا العزيزة.وربّما في ألفنّ، يا حبيبتي نورا، نجد أنا، وأنت تعزية لحبّنا.وأنا أرجو أن تكوني محاطة بكلّ ما هو أنيق، وجميل، ونبيل في الفنّ.وأنت لست كما أنت تقولين، فتاة غيرمتعلّمة، من دون ثقافة .أنت زوجتي، يا عزيزتي،، وكلّ الفرح، وكلّ السّعادة، أتمنّى أن أهبك إيّاهما.نورا، يا عزيزتي، ليظلّ حبّنا مثلما هو آلآن مستمرّا، وقائم الذّات.أنت تفهمين آلآن عاشقك، الضّائع، العنيد، الغيّور،، أليس كذلك يا عزيزتي؟.سوف تحاولين لجمه في أوقات آندفاعاته، وسورات غضبه .أليس كذلك يا عزيزتي؟هو يحبّك، فلا تنسي آحساسه هذه أبدا.أبدا لم تكن له ذرّة حبّ لواحد آخر غيرك، أنت فقط.وأنت التي فتحت هاوية عميقة في حياته.كلّ كلمة بذيئة تُنْطق سوف تجرحني مستقبلا، وسوف تجرحك أنت أيضا.عندما كنت أغازلك (وكنت آنذاك في التاسعة عشرة من عمرك..آه كم أبتهج عندما أفكر في ذلك)، كان ألأمر على نفس الصّورة.كنت في بداية حياتي شبيهة بفكرة السيّدة العذراء في سنوات طفولتي.آه، قولي لي يا حبّي اللّذيذ، أنّك راضية عنّي راهنا.كلمة تمجيد، ومدح لي سوف تغمرني بالفرح، بفرح ناعم شبيه بالوردة"
ثمّ يخفّ لهب الغيرة التي تحرق قلبه، وروحه، فيكتب جويس لنورا في صيف 1909 وهو لا يزال في دبلن:"صغيرتي العزيزة نورا، أعتقد أنك تحبّينني، أليس كذلك .يروق لي ان أفكر فيك وأنت بصدد قراءة قصائدي (رغم أنك لم تنتبهي لها إلاّ عقب مرور خمسة أعوام).عندما كتبتها كنت لا أزال فتى غريب ألأطوار، متوحّدا بنفسي، أتسكّع في اللّيل وحيدا مفكّرا في أنه سيأتي يوم، وتعشقني فتاة.غير أني لم أكن أتمكّن من التحدّث إلى الفتيات اللّاتي كنت ألتقي بهنّ عند أناس آخرين.فقد كانت أساليبهنّ المخادعة توقف مساعيّ فورا.ثمّ جئتني.بطريقة مّا لم تكوني الفتاة التي كنت أحلم بها، وإليها كتبت قصائدي التي تجدينها آلآن فاتنة، وساحرة.وربّما كانت (مثلما كنت أراها في خيالي) الفتاة التي شكّل جمالها الغريب، الوقور ثقافة ألأجيال التي سبقتها، المرأة التي كتبت لها قصائدي ك"سيّدة وديعة"، أو التي سميّتها"صَدْفة اللّيل".في ما بعد عاينت أنّ جمال روحك يتفوّق على جمال قصائدي.كان فيك شيئ أسمى من كلّ ما كنت قد وضعته عنهنّ .لهذا السّبب، أعتقد أن ديواني الشّعريّ موجّهة لك.إنه يحتوي على رغبات شبابي، وأنت يا عزيزتي كنت آكتمال تلك الرّغبات(...)هل تعرفين ما هي الجوهرة، وما هي عين الهرّ(حجر لبنيّ كريم متغيّر ألألوان-المترجم)؟روحي لمّا تقدّمت منّي لأوّل مرّة بخطوات خفيفة في تلك المساءات الصّيفيّة الدّافئة كانت جميلة بالجمال الشّاحب للجوهرة لكن من دون الوجد، والشّغف .ثمّ آخترقني حبّك، وآلآن أشعر أن فكري مثل عين الهرّ، أي أنه مليئ بالإشعاعات، وألألوان، وبألأضواء الحارّة، وبالظّلال الهاربة، وبالموسيقى المُتناوبة
http://www.kikah.com/indexarabic.asp?...
Published on June 18, 2013 08:23
June 1, 2013
عشق ما لا يمكن أن يكون
جزء من "زمن الأخطاء"- محمد شكرى الأعمال الكاملة 1-المركز الثقافى العربى
ليست هذه هى المرة الأولى التى تجئ فيها سالية إلى طنجة من مدينتها الصغيرة. تجئ زائرة، لكنها، هذه المرة، تريد أن تقيم. طنجة الحلم، طنجة العارية، الرنانة، الشفافة مثل كأس من البلور، طنجة الأسطورة، والجبل لكل صوت، لكن سالية لا تعرف أن طنجة تسحق من لا يعرف كيف يشرب خمرها المسحور..
جاءت سالية، هذه المرة، من مدينتها لتخسر كل شئ من أجل أن تكسب كل شئ. إنها تراهن بأسفلها على أعلاها الهش.
حضورها، فى الشراب، والحشيش، هوسى. ومثل الفطر الذى يتكاثر ولا ينمو جعلت الرجال يختصمون من أجل صحبتها. فطر مسموم لمن يعشقها. تعشق كل الرجال ولا تريد أحدهم. كم تظاهرت، لتهيج المرتخين جنسيا، أنها تغتصب! إنها ابنة شرف (شاعر مدينتها شاهد).. قالت لصديقتها كارولينا: لقد خاننى كل من وعدنى. يئست من الحب والزواج فتعلمت كيف تجعل الرجال يتشاجرون من أجلها. كتبت فى مذكراتها بخطها العصبى، الردئ: أنت تعترض طريقى فى كل مكان، لكن، أنا، لا طريق لى. إنك تخيفنى مثل وحش أسطورى. أنا أبحث عن حلم ولا أرى فيك أى إيحاء. إنك تريدنى، لكنى أريد نفسى بنفس القوة التى تزعم أنك تريدنى بها..
بين الكؤوس وفراش الليل النابض يقظة ندم. تعود سالية إلى مدينتها لتعيش نقاء الهواء، لتسترجع، فى يقظة حلمها: نزاواتها، وشهواتها، ثم طنجة من جديد بمساحيق زينتها..
زارت سالية استاذها فى منزله ليصحح لها ما تدعوه نصا شعريا. شربا وتحششا معا. وعندما رفضت تنام معه، حسب قولها، مزق ثيابها، وعضها فى عنقها، وكتفها، عضات خرافية. سالية تعترف أنه كان أكثر سكرا منها، وهى أكثر تحششا منه، فى تلك الليلة. كان هو يعيش قصة حب فاشلة مع تلميذة أخرى يريد الزواج منها، وهى، أيضا، كانت تعيش صدمة عندما تزوج رفيقها من سواها..
جاءت سالية إلى طنجة فى زمن بارت فيه أجمل العاهرات. أكثرهن حظا قد يتزوجها عاطل، وهى قد تعمل منظفة فى أحد الفنادق، أو فى مطبخ مطعم. لم يبق إلا مجد الذكريات المهزومة، والجنون الكئيب، والإحباط والسكر، ولغو الحانات.
تتقاذف سالية الليالى بين فندق فاخر أو بائس حسب حظها أو سكرها، وجيب الزبون. لا يهم من يكون. الليل والسكر يخفيان الويل. ومن منزل إلى منزل حتى لم يعد ثمن لسهراتها سوى تسكين هوسها وقلقها. كل ليلة قد يعلكها أكثر من واحد، فى رفاه أو إفلاس، حتى نهاية حلاوتها.
لم تعد لسالية رائحة النهار. كل ليل لا نهار له. يقبحها النهار ويجملها الليل. لم يعد يهمها إلا أن تعيش حتى تعثر على من يهواها وتهواه، لكن العشق فى طنجة ليس من أحلام العذارى. إنها، هنا، فقدت نفسها لتصير مثل الأخريات..
سالية تكره شعاع الصباح فى طنجة.. تحب ليل الشارع والحانات الصاخبة، ويقلقها ليل الوحدة والسكون. إنها تلعب فى خيال الرجال. تغامر من أجل أن تملك أو لا تملك. لم يعد لديها ما تخسره. تتضاءل كل يوم. تتوزع بين من يعرفها ومن لا يعرفها. الأفواه تمصها بثمن أو بدونه. فى الصباح، قد لا تتذكر إلا نبض الفراش وقلما يودعها سيد ليلتها.
جاءت إلى طنجة فى غير أوانها. استطار عقلها. أنساها أسفلها أعلاها فى ليل طنجة. تعلمت كيف تكذّب نفسها وكيف تصدّقها. لا يكذبها أحد لأن الذين تنقاد لهم أكذب منها..
سالية خانها شبابها، وفن العيش. فرقتنا الأهواء فصرنا نتراءى فى الحانات والمراقص نتماس لا نتواجه. كلانا له هواه، لست السابق ولا اللاحق فى حياتها. وظل عشق ما لا يمكن أن يكون هو الأقوى بيننا.
جزء من "زمن الأخطاء"- محمد شكرى
الأعمال الكاملة 1-المركز الثقافى العربى
ليست هذه هى المرة الأولى التى تجئ فيها سالية إلى طنجة من مدينتها الصغيرة. تجئ زائرة، لكنها، هذه المرة، تريد أن تقيم. طنجة الحلم، طنجة العارية، الرنانة، الشفافة مثل كأس من البلور، طنجة الأسطورة، والجبل لكل صوت، لكن سالية لا تعرف أن طنجة تسحق من لا يعرف كيف يشرب خمرها المسحور..
جاءت سالية، هذه المرة، من مدينتها لتخسر كل شئ من أجل أن تكسب كل شئ. إنها تراهن بأسفلها على أعلاها الهش.
حضورها، فى الشراب، والحشيش، هوسى. ومثل الفطر الذى يتكاثر ولا ينمو جعلت الرجال يختصمون من أجل صحبتها. فطر مسموم لمن يعشقها. تعشق كل الرجال ولا تريد أحدهم. كم تظاهرت، لتهيج المرتخين جنسيا، أنها تغتصب! إنها ابنة شرف (شاعر مدينتها شاهد).. قالت لصديقتها كارولينا: لقد خاننى كل من وعدنى. يئست من الحب والزواج فتعلمت كيف تجعل الرجال يتشاجرون من أجلها. كتبت فى مذكراتها بخطها العصبى، الردئ: أنت تعترض طريقى فى كل مكان، لكن، أنا، لا طريق لى. إنك تخيفنى مثل وحش أسطورى. أنا أبحث عن حلم ولا أرى فيك أى إيحاء. إنك تريدنى، لكنى أريد نفسى بنفس القوة التى تزعم أنك تريدنى بها..
بين الكؤوس وفراش الليل النابض يقظة ندم. تعود سالية إلى مدينتها لتعيش نقاء الهواء، لتسترجع، فى يقظة حلمها: نزاواتها، وشهواتها، ثم طنجة من جديد بمساحيق زينتها..
زارت سالية استاذها فى منزله ليصحح لها ما تدعوه نصا شعريا. شربا وتحششا معا. وعندما رفضت تنام معه، حسب قولها، مزق ثيابها، وعضها فى عنقها، وكتفها، عضات خرافية. سالية تعترف أنه كان أكثر سكرا منها، وهى أكثر تحششا منه، فى تلك الليلة. كان هو يعيش قصة حب فاشلة مع تلميذة أخرى يريد الزواج منها، وهى، أيضا، كانت تعيش صدمة عندما تزوج رفيقها من سواها..
جاءت سالية إلى طنجة فى زمن بارت فيه أجمل العاهرات. أكثرهن حظا قد يتزوجها عاطل، وهى قد تعمل منظفة فى أحد الفنادق، أو فى مطبخ مطعم. لم يبق إلا مجد الذكريات المهزومة، والجنون الكئيب، والإحباط والسكر، ولغو الحانات.
تتقاذف سالية الليالى بين فندق فاخر أو بائس حسب حظها أو سكرها، وجيب الزبون. لا يهم من يكون. الليل والسكر يخفيان الويل. ومن منزل إلى منزل حتى لم يعد ثمن لسهراتها سوى تسكين هوسها وقلقها. كل ليلة قد يعلكها أكثر من واحد، فى رفاه أو إفلاس، حتى نهاية حلاوتها.
لم تعد لسالية رائحة النهار. كل ليل لا نهار له. يقبحها النهار ويجملها الليل. لم يعد يهمها إلا أن تعيش حتى تعثر على من يهواها وتهواه، لكن العشق فى طنجة ليس من أحلام العذارى. إنها، هنا، فقدت نفسها لتصير مثل الأخريات..
سالية تكره شعاع الصباح فى طنجة.. تحب ليل الشارع والحانات الصاخبة، ويقلقها ليل الوحدة والسكون. إنها تلعب فى خيال الرجال. تغامر من أجل أن تملك أو لا تملك. لم يعد لديها ما تخسره. تتضاءل كل يوم. تتوزع بين من يعرفها ومن لا يعرفها. الأفواه تمصها بثمن أو بدونه. فى الصباح، قد لا تتذكر إلا نبض الفراش وقلما يودعها سيد ليلتها.
جاءت إلى طنجة فى غير أوانها. استطار عقلها. أنساها أسفلها أعلاها فى ليل طنجة. تعلمت كيف تكذّب نفسها وكيف تصدّقها. لا يكذبها أحد لأن الذين تنقاد لهم أكذب منها..
سالية خانها شبابها، وفن العيش. فرقتنا الأهواء فصرنا نتراءى فى الحانات والمراقص نتماس لا نتواجه. كلانا له هواه، لست السابق ولا اللاحق فى حياتها. وظل عشق ما لا يمكن أن يكون هو الأقوى بيننا.
جزء من "زمن الأخطاء"- محمد شكرى
الأعمال الكاملة 1-المركز الثقافى العربى
Published on June 01, 2013 04:13
May 12, 2013
فقه المشاع الإبداعى
رب يسر وأعن
هذه التدوينة هى مجرد كتابة أولية تحتاج إلى تعميق إذا سمح الأمر فيما بعد.وهى وإن كانت بمناسبة كتاب اسمه "نيكروفيليا " فإنها ليست عنه بالمرة. ومع ذلك فأنا قد أكون مدين باعتذار للصديق مينا ساهر:)
المشكلة
فى حدود فهمى أنه تم وضع النسخة الالكترونية من هذا الكتاب على صفحته هنا على جود ريدز. وأظن أن الكاتبة إعترضت على هذا وكتبت فى رفض هذا الأمر تماما. وقد تكون استخدمت كلمات غير لائقة فى وصف من قام باتاحة الكتاب بهذه الصيغة المجانية.. مما جعل بعض القراء (البنات فى الغالب) ينظمن حملة لمقاطعة القراءة والرد على الكلمات الغير لائقة للكاتبة.. وتحولت الحكاية لخناقة بين الطرفين. فيما أعتقد أنها الحالة الأولى من نوعها التى يحدث فيها مثل هذا النوع من من الخلاف بين "قارئ" وبين "كاتب".
الملكية الفكرية
Copyright
وبعيدا عن كونها "مجرد خناقة بنات"، يمكن أن نفكر فى الأمر ببعض الجدية، حول مسألة حقوق الملكية الفكرية وأيضا فى مسألة المشاع الإبداعى. فالكتابة فى عمومها ليست ملكا لكاتبها الذى تأثر بالضرورة بكتابات وأفكار لأشخاص آخرين. إلا أن ثمة لحظة هى لحظة الإنتاج الذى يتميز به هذا الكاتب أو ذاك، بمعنى إن هضم الأفكار وإعادة تخليقها(بصرف النظر عن مستوى إعادة الخلق هذا)والقانون يستخدم كلمة"ابتكار" وأنا لا أفضلها. فى تلك اللحظة-أى لحظة إعادة التخليق- يصبح هذا الكاتب هو صاحب الإنتاج الجديد وله حقوق تسمى فى هذا المقام حقوق الملكية الفكرية. ومعناها نسبة العمل الإبداعى فى كل صوره لمؤلفه. (الكتابة هى مجرد شكل من أشكال الإبداع)وبالتالى فأعمال بيتهوفن أو بيكاسو أو نجيب محفوظ تظل هى أعمالهم، أى تظل تنسب لهم، حتى لو مضت حقوق الملكيةالفكرية فيظل العمل الإبداعى منسوبا لصاحبه..فمؤلفات سقراط أو التوحيدى مازالت تنسب لهم. ونفهم من ذلك أن حقوق الملكية هى أكثر من حق (أدبى ومالى)ويسقط الحق المالى بعد فترة تحددها القوانين. فى مصر على ما أذكر أن القاعدة العامة هى أن الحقوق المالية تسقط بعد مرور 50 سنة، إلا أن الحق الأدبى لا يسقط أبدا ولا يسرى عليه التقادم.
المشاع الابداعى
Copyleft
ثمة جانب آخر هو حق الناس فى المعرفة والقراءة والتشارك فى الإبداع، وقد ظهرت فكرة المشاع الإبداعى ضد حقوق الملكية الفكرية وبالتالى ظهرت فكرة الكوبى لفت ومعناها الحقوق المتروكة وتستخدم حرف "السى" معكوساhttp://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D...
وفكرة المشاع الإبداعى هى تصرف الناس ضد التضييق والحماية المفرطة للأعمال الإبداعية مع الحفاظ التام على حقوق المؤلفين الأدبية بالأساس بنسبة العمل إلى المصدر، وثمة رخص عديدة للمشاع الإبداعى ظهرت فى العالم(ظهرت أخيرا نسخة مصرية باللغة العربية لكنها مازالت فى حاجة إلى تطوير وضبط فى الصياغة). وفكرة المشاع تلك تعطى ميزة مهمة جدا للمبدع وهى الإنتشار والوصول بأفكاره وأعماله إلى أعداد أكبر من الأعداد التى كان ينتظرها. غير أن أهم الإنتقادات التى يتم أخذها على فكرة المشاع الإبداعى أنها تتساهل أكثر مما ينبغى فى حقوق المؤلف..فتحديدايتم التعاقد بين دور النشر المصرية وبعض الكتاب على أن يأخذ الكاتب مقابل عمله عبارة عن نسبة من التوزيع، فلو مثلا باع الناشر 100 نسخة سوف يأخذ الكاتب ثمن عشرة منها(فلوس أو نسخ من العمل). وهذا إلى الآن يرجع إلى الكتّاب أنفسهم.
فأنا شخصيا كباحث أو روائى لا تعنينى أى حقوق مالية.. وأظن هناك آخرين. لكن على الجانب الآخر (وليس هو الجانب الشرير أبدا، بعض الناس لا يتساهلون مع حقوقهم المالية تلك. وأرجو ألا نتعامل مع هذه النقطة بمنطق طفولى وفكروا فى المثل بتاع إمام المسجد اللى بيقبض فلوس مقابل الصلاة وإمامة الناس وده مش بيعيبه أو بينقص من إيمانه) فى هذه الحالة أظن الحل هو فى إعادة النظر فى العقد بين الكاتب والناشر وليس حرمان الناس من متعة القراءة والمعرفة
كماذكرت فى البداية هذه التدوينة هى مجرد كتابة أولية تحتاج إلى تعميق إذا سمح الأمر فيما بعد ومن خلال المناقاشات الجادة معكم هنا.
لمعلومات عن المشاع الإبداعى
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D...
لمعلومات عن حقوق التأليف والنشر
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D...
هذه التدوينة هى مجرد كتابة أولية تحتاج إلى تعميق إذا سمح الأمر فيما بعد.وهى وإن كانت بمناسبة كتاب اسمه "نيكروفيليا " فإنها ليست عنه بالمرة. ومع ذلك فأنا قد أكون مدين باعتذار للصديق مينا ساهر:)
المشكلة
فى حدود فهمى أنه تم وضع النسخة الالكترونية من هذا الكتاب على صفحته هنا على جود ريدز. وأظن أن الكاتبة إعترضت على هذا وكتبت فى رفض هذا الأمر تماما. وقد تكون استخدمت كلمات غير لائقة فى وصف من قام باتاحة الكتاب بهذه الصيغة المجانية.. مما جعل بعض القراء (البنات فى الغالب) ينظمن حملة لمقاطعة القراءة والرد على الكلمات الغير لائقة للكاتبة.. وتحولت الحكاية لخناقة بين الطرفين. فيما أعتقد أنها الحالة الأولى من نوعها التى يحدث فيها مثل هذا النوع من من الخلاف بين "قارئ" وبين "كاتب".
الملكية الفكرية
Copyright
وبعيدا عن كونها "مجرد خناقة بنات"، يمكن أن نفكر فى الأمر ببعض الجدية، حول مسألة حقوق الملكية الفكرية وأيضا فى مسألة المشاع الإبداعى. فالكتابة فى عمومها ليست ملكا لكاتبها الذى تأثر بالضرورة بكتابات وأفكار لأشخاص آخرين. إلا أن ثمة لحظة هى لحظة الإنتاج الذى يتميز به هذا الكاتب أو ذاك، بمعنى إن هضم الأفكار وإعادة تخليقها(بصرف النظر عن مستوى إعادة الخلق هذا)والقانون يستخدم كلمة"ابتكار" وأنا لا أفضلها. فى تلك اللحظة-أى لحظة إعادة التخليق- يصبح هذا الكاتب هو صاحب الإنتاج الجديد وله حقوق تسمى فى هذا المقام حقوق الملكية الفكرية. ومعناها نسبة العمل الإبداعى فى كل صوره لمؤلفه. (الكتابة هى مجرد شكل من أشكال الإبداع)وبالتالى فأعمال بيتهوفن أو بيكاسو أو نجيب محفوظ تظل هى أعمالهم، أى تظل تنسب لهم، حتى لو مضت حقوق الملكيةالفكرية فيظل العمل الإبداعى منسوبا لصاحبه..فمؤلفات سقراط أو التوحيدى مازالت تنسب لهم. ونفهم من ذلك أن حقوق الملكية هى أكثر من حق (أدبى ومالى)ويسقط الحق المالى بعد فترة تحددها القوانين. فى مصر على ما أذكر أن القاعدة العامة هى أن الحقوق المالية تسقط بعد مرور 50 سنة، إلا أن الحق الأدبى لا يسقط أبدا ولا يسرى عليه التقادم.
المشاع الابداعى
Copyleft
ثمة جانب آخر هو حق الناس فى المعرفة والقراءة والتشارك فى الإبداع، وقد ظهرت فكرة المشاع الإبداعى ضد حقوق الملكية الفكرية وبالتالى ظهرت فكرة الكوبى لفت ومعناها الحقوق المتروكة وتستخدم حرف "السى" معكوساhttp://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D...
وفكرة المشاع الإبداعى هى تصرف الناس ضد التضييق والحماية المفرطة للأعمال الإبداعية مع الحفاظ التام على حقوق المؤلفين الأدبية بالأساس بنسبة العمل إلى المصدر، وثمة رخص عديدة للمشاع الإبداعى ظهرت فى العالم(ظهرت أخيرا نسخة مصرية باللغة العربية لكنها مازالت فى حاجة إلى تطوير وضبط فى الصياغة). وفكرة المشاع تلك تعطى ميزة مهمة جدا للمبدع وهى الإنتشار والوصول بأفكاره وأعماله إلى أعداد أكبر من الأعداد التى كان ينتظرها. غير أن أهم الإنتقادات التى يتم أخذها على فكرة المشاع الإبداعى أنها تتساهل أكثر مما ينبغى فى حقوق المؤلف..فتحديدايتم التعاقد بين دور النشر المصرية وبعض الكتاب على أن يأخذ الكاتب مقابل عمله عبارة عن نسبة من التوزيع، فلو مثلا باع الناشر 100 نسخة سوف يأخذ الكاتب ثمن عشرة منها(فلوس أو نسخ من العمل). وهذا إلى الآن يرجع إلى الكتّاب أنفسهم.
فأنا شخصيا كباحث أو روائى لا تعنينى أى حقوق مالية.. وأظن هناك آخرين. لكن على الجانب الآخر (وليس هو الجانب الشرير أبدا، بعض الناس لا يتساهلون مع حقوقهم المالية تلك. وأرجو ألا نتعامل مع هذه النقطة بمنطق طفولى وفكروا فى المثل بتاع إمام المسجد اللى بيقبض فلوس مقابل الصلاة وإمامة الناس وده مش بيعيبه أو بينقص من إيمانه) فى هذه الحالة أظن الحل هو فى إعادة النظر فى العقد بين الكاتب والناشر وليس حرمان الناس من متعة القراءة والمعرفة
كماذكرت فى البداية هذه التدوينة هى مجرد كتابة أولية تحتاج إلى تعميق إذا سمح الأمر فيما بعد ومن خلال المناقاشات الجادة معكم هنا.
لمعلومات عن المشاع الإبداعى
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D...
لمعلومات عن حقوق التأليف والنشر
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D...
Published on May 12, 2013 14:03
May 8, 2013
سأم باريس
اسكروا
لا بد للمرء من أن يكون سكرانا دائما. تلك هي الخلاصة : تلك هي القضية الوحيدة. فلكي لا تشعروا بعبء الزمن الفادح الذي يحطم كواهلكم و يحنيكم إلى التراب ، لا بد لكم من أن تسكروا بلا هوادة.
و لكن بماذا ؟ بالخمر أو بالشعر أو بالفضيلة ، بحسب ما تهوون. و لكن اسكروا.
و إذا حدث مرة ، على سلالم قصر أو على العشب الأخضر لحفرة أو في الوحدة الكئيبة لغرفتك ، أن أفقت ، لأن السكر قد تراجع أو تبدد بالفعل ، اسأل الريح و الموجة و النجمة و العصفور و الساعة و كل ما يهرب و كل ما يتأوه و كل ما يدور و كل ما يغرد و كل من يتكلم ؛ اسأل عن الوقت ؛ و سوف تجيبك الريح و الموجة و النجمة و العصفور و الساعة : " إنه وقت السكر ! لكي لا تكونوا عبيدا معذبين للزمن ، اسكروا ؛ اسكروا بلا توقف ! بالخمر أو بالشعر أو بالفضيلة ، بحسب ما تهوون " #بودلير#سأم باريس#بشير السباعى
لا بد للمرء من أن يكون سكرانا دائما. تلك هي الخلاصة : تلك هي القضية الوحيدة. فلكي لا تشعروا بعبء الزمن الفادح الذي يحطم كواهلكم و يحنيكم إلى التراب ، لا بد لكم من أن تسكروا بلا هوادة.
و لكن بماذا ؟ بالخمر أو بالشعر أو بالفضيلة ، بحسب ما تهوون. و لكن اسكروا.
و إذا حدث مرة ، على سلالم قصر أو على العشب الأخضر لحفرة أو في الوحدة الكئيبة لغرفتك ، أن أفقت ، لأن السكر قد تراجع أو تبدد بالفعل ، اسأل الريح و الموجة و النجمة و العصفور و الساعة و كل ما يهرب و كل ما يتأوه و كل ما يدور و كل ما يغرد و كل من يتكلم ؛ اسأل عن الوقت ؛ و سوف تجيبك الريح و الموجة و النجمة و العصفور و الساعة : " إنه وقت السكر ! لكي لا تكونوا عبيدا معذبين للزمن ، اسكروا ؛ اسكروا بلا توقف ! بالخمر أو بالشعر أو بالفضيلة ، بحسب ما تهوون " #بودلير#سأم باريس#بشير السباعى
Published on May 08, 2013 06:37


