يقع الكتاب في 743 صفحة من القطع المتوسط، فيما صُممتْ لوحة الغلاف بريشة الفنان ريتشارد ويلكنسون. قسّمت شرارة مؤلفها إلى خمسة عشر فصلاً، تحدثت فيها عن التطور التاريخي والسوسيولوجي للطبخ وآداب المائدة، بدءاً بتطور دماغ الإنسان، والنار والطبخ، وكذلك كيفية تطور السكين. ثم تنتقل شرارة في الفصل الثاني إلى حضارة وادي الرافدين ووادي النيل، لتتكلم عن تركيب المجتمع في وادي الرافدين، والخزن وكيفية التبادل التجاري، وأيضا عن الكهنة والطبخ، وكذلك آداب الطعام – إطعام الآلهة والملك، إضافة إلى المرأة والطبخ، وأدوات الطبخ، والولائم المشروبات وصناعة البيرة، ثم تحدثت عن الطباخ في مجتمع مصر القديمة، والمجتمع المصري، ومنزلة الطباخ. هذا وتطرقت المؤلفة في الفصول الأخرى إلى الحضارات الإغريقية، والرومانية، والصين، والهند، والحضارة الإسلامية، والبيزنطية وعصر شارلمان، وعصر الوسيط، وعصر النهضة، وعصر لويس الرابع عشر، وعصر التنوير وغيرها، انتهاءً بعصر العولمة لتتحدث عن استخدام الطعام كسلاح في الحرب، وتغيّر الموقف من الطبخ والطبّاخ، ودور التلفزيون، ثم عن المطبخ الحديث، وحركة الطعام البطيء. جاءت مقدمة الكتاب بقلم الأديب رفعة الجادرجي حيث قال:"الطعام ليس كالحِرف الأخرى التي ابتكرها الإنسان لإدامة وراحة عيشه. انه حاجة ضرورية، متأصل في بيولوجية إدامة وجوده وبقائه. ومع ظهور الإنسان العاقل المحمَّل بقدراته الابتكارية، ابتكر تنوع الطعام، وأصبح يمل تكراره. وأصبح الابتكار هو القدرة المحرِّكة لتطور حضارة الإنسان. ومع تقدم الحرفة وابتكار الإنتاج الزراعي الفائض في الإنتاج، ظهرت قدرة الإنسان على البذخ. وتطورت حرفة الطعام من موقعها العائلي التي كانت مسؤولة عنها النساء إلى حرفة يقودها الطباخ، ابتداء بطباخ الحملات العسكرية، إلى طباخ السلطة. فاكتسبت مقاما مرموقا في المجتمع، ومن هنا ظهر الطباخ الفنّان الذي اخذ دوره في تطور الحضارة إلى جانب النحّات والمعمار والموسيقار والمغنّي وغيرهم من رواد الحضارة
وُلدت في النجف عام 1933. حصلت على بكالوريوس في الأدب الإنكليزي من "جامعة بغداد" عام 1956. تمارس الكتابة وتقيم في إنكلترا. صدرت لها مقدمة لرواية "إذا الأيام أغسقت" لشقيقتها حياة شرارة، 2000، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
بلقيس شرارة من كاتباتي المفضلات منذ قرأت يومياتها من عدة سنوات، وحصلت على هذا الكتاب منذ ذلك الوقت لكن لم اقرأه إلا الآن. ويا إلهي. ٧٠٠ صفحة من المتعة والذهول أحيانًا. قسمت بلقيس الكتاب إلى ١٥ فصلًا على مر العصور، بدءًا من العقر القديم حتى عصر العولمة والقرن العشرين.التحولات والتطورات من أيام الصيد إلى الزراعة والتجارة والثورة الصناعية وتأثيرها على الطعام. تكلمت عن الطعام بتفاصيل عظيمة، والاختلاف المناطقي والعصري الذي يتبعه. تحدثت عن علاقة الطعام بين الطبقات الاجتماعية وعزل المرأة ونبذها عن الطبخ، البذخ الي كان سبب سقوط الامبراطوريات. حضارة الصين كانت مذهلة وكنت أتوقع أكثر من المطبخ الهندي، لكن الفصل جاء قصيرًا :/ الفرق بين الحضارة الإغريقية والرومانية وآراءهم المختلفة حول تسمين الحيوانات والاطعام الإجباري. الحضارة الإسلامية كانت مذهلة رغم التكرار في العصر الأموي والعباسي وحفلات الشرب والعربدة والرقص والغناء التي قارنتها بحفلات الشرب في العصر الاغريقي التي كانت مليئة بالفلسفة والتفكير. رد فعل الدين والمجتمع تجاه القهوة مضحكة وكانت جديدة علي. حكت بشكل مطول عن آداب المائدة وتطور أدوات الطبخ في كل عصر ومكتشف كل شيء ساعد في تسهيل حياة الطباخ. معاملة الطباخ وكيف يُنظر له وعمله المِهني الذي كانوا يرونه متدني ومن طبقة منحطة، وحتى تطور هذه النظرة بعد ظهور التلفزيون ومعاملته كنجم سينمائي.
للتو انتهيت من وجبة دسمة، تستطيع تسميتها بوفيه مفتوح =) وذلك مرورا على تاريخ البشرية الطويل، ويا ستار على التنوع والثراء الهائل لهكذا موضوع يدور في إطار المائدة والطعام الذي رافق الإنسان حيثما حل. حسنا الجهد المبذول هنا واضح، والموضوع المبحوث متعب جدا، إنها ليست حالة معينة تتبعها الباحثة في التاريخ الإنساني، بل هي الطعام الذي يرافقه أينما وجد، لذا لك أن تتخيل حجم الموضوع ولا أعلم كيف قررت الباحثة اختزاله واختصاره فالتفكير في ذلك بحد ذاته متعب، لذا أي نقص أو خطأ بالنسبة لي مغفور أمام هذا الكم المعرفي الوفير. هل كانت وجبة لذيذة؟ دعني أخبرك بأنها كانت دسمة وثرية في بادئ الأمر، ونعم هي لذيذة ولا يصح تناولها إلا على فترات، لكيلا تصاب بالتخمة. هل هنالك عناصر لم تعجبني بها؟ نعم، وسأذكرها لأن من السهل الانتقاد وجمع العيوب لأنها محصورة ومحدودة: لدينا في البداية المقدمة وقد استفزتني قليلا، لأنها مليئة بالتعميم الغير مدلل عليه، والقفز الحكمي للنتائج بدون مقدمات.. ناهيك عن استعارة نظرية التطور وإسقاطها على كل اختراع أو حدث بشري وتفسيره بها (والغلاف كفيل ببيان تبني المؤلفة لهذا المنهج بشكل واضح).. لا بأس لو أنه اعتمد على نظرية ما مع التقديم لها باستخدام الأدوات العلمية للإثبات، لكن أن يتم استخدامها مباشرة بلا أي تدليل أو تفسير، ورمي التأويلات هكذا جزافا بثقة عمياء مما لا يعجبني ولا يعد أسلوبا علميا للحكم وتفسير الأشياء من حولنا، أود أن أرى شخصية الكاتبة ووجهة نظرها حول هذا وذاك، وسبب اختيارها لهذا التفسير من غيره، وهذا مما لم يتبين لي من خلال هذا الكتاب. كذلك الخاتمة، أو دعني أقل عدم وجود خاتمة بالأصح هو من الأمور المعيبة، إذ تجد نفسك فجأة وقد انتهى بك الكتاب، نعم في هذا دليل على روعة الكتاب لعدم شعورك بانتهائه، ولكن وددت لو أنه انتهى بخاتمة تليق به، لا سيما مع موضوع بهذا الجمال. الكتاب تميز بنوعية موضوعه وثرائه، لذا أصدقك القول لن أستطيع إعطاءه أقل من خمسة نجوم رغم أنني لم أفكر بعده بالقراءة للكاتبة مثلا، لأن الموضوع هنا هو نجم الحفلة وسيد الحلبة، فمهما تفاوتت اهتماماتنا فإن موضوع الطعام سيمس كل واحد منا لأننا نمتلك جميعا معدات ببساطة، بل ونمتلك ألسنة بها نتذوق ونتلذذ، وأعينا بها نتمتع، فموضوع الطعام من المواضيع التي تسيطر على حواسنا جميعا ونطرب للحديث حوله، لذا نعم أحسنت الكاتبة باختيار الموضوع، مع إشادتنا كذلك بتنوع المصادر والمراجع، ولكن هل لو كتب غيرها في نفس الموضوع فسيكون بنفس المتعة والفائدة؟ هذا ما أتساءل حوله. وهل استطعت تمييز أسلوب الكاتبة ونفسها الكتابي من خلاله؟ الحقيقة أن الكم المعرفي الهائل أغرقني هنا فلم أعد أميز سوى الطعام والشراب المعروض والذي حال بيني وبين الكاتبة. الكتاب يحتوي على الصور نعم، فمثل هذا الموضوع لا تتخيل اكتمال جماله بدون صور، لكنني تمنيتها أكثر وأكثر وأكثر.. فالطعام طالما ارتبط بالصور لدينا -ارتباط الطعام بصور الانستقرام خير مثال- لذا فلن أمانع كذلك لو كان الكتاب مدعما مطعما بالصور في كل صفحة، بل وهنالك أفكار كثيرة ستكون جيدة لتأريخ هذا الموضوع كالخرائط التاريخية، والتتبع البياني، والكثير من الأدوات التي ستزيد منه متعة وفائدة، ومع ذلك فلا ألوم الكاتبة فالموضوع متشعب وطويل ومرهق، وقد لا ينتهي المرء من هكذا موضوع أبدا لو ألزم نفسه بالكمال فيه. قد يكون هنالك المزيد من الملاحظات الدقيقة في الأسلوب والمنهج والشمولية والأدوات المستخدمة في التحليل والوصف وطريقة ترتيب الكاتبة لبحثها وتقسيم فصولها، لكن الثراء المعرفي لهذا الموضوع يجعلك تضيع فيه، فلا تملك أداة قياسية واضحة تستطيع أن تحيل الكاتبة إليها، ولم يسبق لي أن قرأت في مثل هذا المجال كتابا أستطيع مقارنته به، لذا فالتقييم هنا يصعب. للطعام سطوته علينا حتى وإن جاء على شكل أحرف وكلمات.. لذا أستطيع القول أن الكتاب نال استحساني مهما بدا لك أنني أنتقده.
من أفضل ما قرأت لعام 2016,موضوع طريف وغير تقليدي ,الطبخ وتطوره عبر التاريخ وفي كل العصور ستفأجا بما ستقرأ في الكتاب وستنظر للطبخ من ناحية أخرى تماما,الكتاب مليئ بالتاريخ والأدب والسياسية فالطبخ والطباخ رافق السياسيين والأدباء والشعوب في كل أطوارهم وكان جزء أساسيا من الحضارة الإنسانية عبر العصور.
كتابٌ عن الطعام والطهاة منذُ انسان الكهوف حتى عصر العولمة مرورًا بحضارات العراق ومصر واليونان والصين والهند والرمان والحضارة الإسلامية والمسيحية وعصر النهضة ولويس الرابع عشر والثورة الفرنسية والصناعية والقرن العشرين. عن العادات والاكتشافات، التخمة والجوع، التوابل والصلصات والحلوى، التقشف والبذخ..
تتطوّر المائدة مع تطوّر الحضارة، وتكون هجينة مع عصور الرثاثة. في الكتاب، آراء مفكري عصر الأنوار، قلة الاكل عند ڤولتير والحذر عند روسّو والتخمة عند ديدريو إلى أن مات على مائدته.
رحلة من اللحم اللامطبوخ حتى الأكلات السريعة، عن موائد الحُكّام من آشوربانيبال إلى الملكة لويس الرابع عشر ونانبليون ورؤساء الولايات المتحدة. المطبخ وتحركه مع حركة التاريخ.
خلال قراءته كنت أندهش من هذا الجهد العظيم و البحث المنظم المتقن بشكل يجعل القراءة سلسة ممتعة و عابرة للزمن و المكان أيضًا. يبدأ كل فصل بخلفية تاريخية للحقبة المخصص لها و يتدرج حتى يصل لموضوع الطباخ.
شكرًا لبلقيس شرارة على هذا الثراء العربي الذي يسمح للذهن تصور شكل المعرفة القديم -قبل الزمن التكنولوجي- بغناها و تفصيلها و دقتها.
من فترة بدأت انتبه لعلاقتي بالمطبخ صح إنها مزاجية، ومرات أقبل عليه بكل شغف العالمين ومرات أكون أعجز من إني أقلي بيضة، لكن اللي أعرفه إن المطبخ يعطيني إحساس الاستقرار والتجذر، إن هذا المكان هو مكاني، والمطبخ مطبخي، وعرفت سر دفاع الأمهات المستميت عن صحونهن وصرت واحدة من هذا الجميع، أحب الصحون ومعدات الطبخ واشتريها، وأعرف إن الطبخ يعني الحب، والاعتناء والاهتمام، وصحن شوربة صحي من أيدي في الأيام الصعبة وسيلة رائعة أعبر فيها عن مراعاتي لنفسي وذاتي - وفجأة حسيت إن هذا الكتاب يناديني وبدات بالقراءة. الكتاب يتكلم عن سيرة الطهي من الإنسان الأول وحتى الإنسان الحديث. استغرقت مني القراءة أسبوعين تقريباً، ٧٠٠ صفحة مليانة معلومات مدهشة وغريبة وممتعة .
وددت أنه أقول أن هذا الكتاب هو بئرٌ من المعرفة ولكن بالواقع هو أقرب للمحيط. كيف تقدر بلقيس على جعل كلماتها معرفية بحت وماتعة بذات الوقت؟ هذه موهبة أغبطها عليها.
هاقد أنهيت وأخيراً الكتاب الموسوعي المكون من 800 صفحة تقريباً والذي يدور عن الطبخ وتطوره في حضارة الإنسان ! الكتاب ممتع جداً وفريد من حيث موضوعه والأهم من ذلك أنه كتاب مرجعي موثق بعشرات المراجع. يتحدث الكتاب عن تطور المائدة وآداب الطعام منذ بدء التاريخ الإنساني المسجل وحتى العصر الحديث (عام 2012) وينصح بقرائته لمن يريدون أخذ فكرة عامة عن الأحداث التاريخية والسجلات المرتبطة بالطعام .. سأكتفي الآن بالحديث عن الميزات والسيئات التي وجدتها في هذا الكتاب الذي كتب من قبل بلقيس شرارة .
ميزات الكتاب : 1- الكتاب موضوعي جداً، إذ يندر أن تجد في الكتب العربية من يسمي الأسماء بمسمياتها الحقيقية دون دخول النوازع والاعتبارات القومية والدينية .. فالاحتلال هنا اسمه احتلال وليس فتحاً مجيداً، وبنفس الوقت بينت الكاتبة بأمانة فضل المطبخ العربي والحضارة الإسلامية في وقت من الأوقات على العالم دون اللجوء إلى الاحتقار الموجه لهذه الحضارة كديدن من يسمون الفتوح احتلالاً . 2- التوثيق والتوثيق .. لم تعطِ الكاتبة آراء شخصية، مما جعل الكتاب نوع من السرد التاريخي الأمين لمن يريد أن يقرأ عن هذا الموضوع دون بهارات إضافية. 3- الانتقاء الفريد للموضوع: لم أتوقع يوماً صراحةً أن أجد كتاباً عربياً غير مترجم عن لغة أخرى ويتحدث عن فن الطبخ عبر العصور ! 4- الكتاب ممتع وغير مثير للملل حتى لمن لا يحب الطهي كثيراً كأمثالي :D
العيوب : 1- كنت أتمنى أن يكون الكتاب مصنفاً بشكل أفضل كي يسهل الرجوع إلى بعض الموضوعات، فالكتاب جاء عشوائياً مركزاً على التطور التاريخي أكثر من غيره. 2- الكتاب في قسمه الكبير مأخوذ من قصة الحضارة لويل ديورانت (عشقي الأبدي بين الكتب ) وبالتالي قد ذكرت فيه أحداث تاريخية وسياقات لا أهمية لها في موضوع الكتاب بحد ذاته ! 3- الكتاب ركز على المطبخ الأوربي في أكثر من نصفه ! مع الحديث عن باقي الحضارات في العصور القديمة .. كنت أتمنى لو أن الكاتبة قد تحدثت عن المطبخ العربي في العصر الحديث ، خصوصاً وأن الكثير من المعلومات عن المطاعم وأساليب الطبخ موجودة ومتوافرة.. وهذا ما دعاني لأشك أن الكتاب بأكمله ربما ترجمة غير حرفية لبعض الكتب الأوربية ! 4- الكاتبة استفاضت وبكثرة عن الحديث عن حضارة الطبخ في العصور القديمة والوسطى، بينما نجد أنها لم تذكر الكثير عن عصر العولمة .. كان النصيب الأصغر للعصر الذي يفترض فيه تنوع أساليب الطهي والمطابخ والطباخين ! 5- انتهى الكتاب نهاية قطعية ومفاجئة، هل هناك سبب دعا الكاتبة لبتره بهذا الشكل على عجل ؟!
وأخيراً .. الكتاب يعتبر فارقاً بين قراءاتي ويستحق أن يُقرأ